آخر الكلام _ يكتبها: مرعي الحليان

ت + ت - الحجم الطبيعي

مثلما اكد معظم المراقبين ان الانتفاضة وما تبعها من تطورات في الشارع العربي والعالم وضعت القنوات الفضائية العربية في نقطة محرجة تماما ما دفعها الى سباق ساخن نحو متابعة الاحداث أولا بأول والاستعانة بأرشيف اغاني النضال والافلام الارشيفية والتسابق نحو استقبال المنظرين السياسيين, لشرح المزيد حول ما يجري في منطقة الصراع, فإن هناك ايضا من يقول ان الانتفاضة وارتفاع مستوى السخونة في الاجواء السياسية العربية وغليان الشارع العربي سوف تفوت الفرصة على كثير من البرامج السطحية التي عادة ما تقدمها المحطات التلفزيونية في رمضان بدعوى التخفيف عن الصائم, وهي دعوى ساذجة ان لم تكن غبية ايضا. ويقول الذين يتوقعون ضربة قوية سيفشل كل برنامج يقدم مشاهد راقصة وممجوجة بالكوميديا التافهة, ان المشاهد العربي لن يحتمل اي نكتة من ممثل أو حركة بهلوانية من مهرج استعراضات غنائىة وهو يتابع على الطرف الآخر الآلة العسكرية للعدو وهي تحصد اجساد الاطفال والشبان والرجال والنساء العزل. وتتوقع وجهة النظر هذه ان يخسر اغلب منتجو تلك النوعية من البرامج في الدورة الرمضانية المقبلة, وبعضهم قال ايضا ان المحطات ستضطر لتأجيل عرضها او ستتراجع عن شرائها أو انتاجها. على العموم تلك اقاويل وتخمينات, الا اننا سمعنا ايضاً شيئاً من هذا قد يحدث وان هناك توجهاً قوياً نحو منع عرض اي نوع من هذه البرامج, وهذا ما اعرب عنه وصرح به بعض الفنانين العرب. ترى هل نتمنى ان تستمر الانتفاضة المباركة التي عملت ومازالت تعمل على تنقية الاعلام العربي من شوائب التقليد والتبعية؟ وهل نتمنى مزيداً من الصفعات على وجوهنا كي نبقى منتبهين لما يدور حولنا ولا ننشغل بعد الان بتوافه وتقاليع ما جلبه لنا الدش الذي نرفعه فوق جماجمنا ويجعلنا ابقاراً ترعى في فضائه الهشاش من العشب المقيت؟ لا نتمنى ان تستمر دماء أهلنا في فلسطين مهدرة من أجل ان نصحو من غفواتنا, كما يحدث الآن, ولا نتمنى لآلة البطش البقاء فوق صدورهم, وايضا لا نتمنى ان نعود لموت المشاعر التي اوصلتنا للشك في انفسنا. ستحرج الفضائيات العربية كثيراً لو أنها حولتنا الى افواه مشرعة وعيون مستسلمة لتوافه الصور على شاشاتها, فيما لو استمرت ضمائرنا تحترق من الذي يحدث هناك. ونقول كنوع من النصح لاصحابها من لديه اغنية راقصة ونكتة فجة فليؤجل كل ذلك إلى ان يغني اطفالنا في الاراضي المحتلة اغنية التحرير والسيادة على الحقوق ومن ثم ارقصوا وغنوا كيفما شئتم!! لان ما يعتمل في صدر المشاهد العربي الان لا يمكن ان تعوضه كل افانين المنتجين الذين لا يجدون في الموسم الرمضاني سوى سوق كبيرة تفتحها الفضائيات لهم تحت ذلك الشعار الذي لا ندري كيف اقتنعت اداراتها به وهو الشعار الشهير لها منذ سنوات طويلة.. في رمضان يبحث الصائم عن البرنامج الخفيف المرح ليروح عن نفسه.. هل يعقل هذا؟! halyan@albayan.co.ae

Email