فضائيات وأخلاقيات!

ت + ت - الحجم الطبيعي

بقلم احمد عمرابي نودي على الفتاة الحسناء تواجه جمهور الندوة ومجموعة (الدكاترة) من اخصائي علم الاجتماع وعلم النفس الذين كانت تستضيفهم مديرة الندوة السيدة اسعاد يونس. ولم تضع الفتاة وقتا في سرد مقدمات. فقد انطلقت على الفور تكيل شتائم وراء شتائم لوالدها على الهواء مباشرة: والدي عربيد ـ والدي نموذج للقسوة ـ والدي مستهتر ـ والدي سكير ـ والدي لا يهتم بشئون اولاده .. الخ. القضية العامة المطروحة في هذه الندوة التلفزيونية كانت العلاقة اجمالا بين الوالدين والابناء. والمفترض ان تكون رسالة مثل هذه الندوات رسالة تربوية. ولكي يتم بث الرسالة على الوجه الاكمل فإن الندوة تدار باسلوب الحرية والمصارحة والمكاشفة. غير ان الرسائل التربوية في اي زمان واي مكان لا يجب ان تنطلق من فراغ. فالقناة الفضائية العربية التي تعني بترتيب مثل هذه الندووات التربوية لا تبث من كوكب المريخ. ولا تخاطب جمهور المجتمع في المريخ (ان كان للمريخ مجتمع) فالقنوات الفضائية العربية تنتمي لمجتمع بشري اسلامي وتخاطب شرائح هذا المجتمع من رجال ونساء وشباب واطفال.. واغلبيتهم الساحقة مسلمون. ولا يعترف عاقل على مبدأ الحرية والمكاشفة كأسلوب لمعالجة القضايا الاجتماعية اعلاميا.. بل ان افتقاد المجتمع العربي المسلم لهذا المبدأ هو الذي افرز ادواء اجتماعية خطيرة كالنفاق, لكن الحرية في هذا السياق يجب ان يكون لها مرجعية نهائية.. وهي في هذه الحالة العقيدة الاسلامية ومبادئها الاساسية. وتأسيسا على ذلك فليس مقبولا على الاطلاق ابداء اراء او اطلاق احكام جازمة تتعارض رأسيا مع مبادئ الاسلام.. مالم تعلن القناة الفضائية بوضوح قاطع انها مبدئيا تعرض الاسلام كمرجعية للمجتمع العربي الاسلامي الذي تخاطبه حتى يفهم الجمهور المخاطب ماذا يشاهد وماذا يسمع. الفتاة الحسناء ذات الاثنين وعشرين ربيعا او نحو ذلك قارفت اثما عظيما في المنظور الاسلامي بشتم والدها. وشتم الوالد في مواجهة بينه وبين الابن او الابنة يعتبر كبيرة فكيف يكون الحال اذا كان شتما مبثوثا على الهواء في قناة فضائية تخاطب الملايين من البشر. ان الاسلام يطالب الابن او الابنة باحترام الوالدين وطاعتهما حتى لو كانا كافرين مشركين مالم يأمرا الابن او الابنة بشيء يدعو الى معصية الله. ومن المؤسف ان المناقشات والمساجلات المطولة التي دارت بين (الدكاترة) والفتاة ومديرة الندوة لم يحاول فيها احد لفت انتباه الفتاة الى مرجعية المبادئ الاسلامية في مثل (الحالة) التي عرضتها.. والتي من خلالها كالت الشتائم لوالدها. وعلى هذا النسق كانت الرسالة التي اراد منظمو الندوة بثها كما بدا هي ليس سوى تحريض شباب المجتمع العربي المسلم على التمرد على الوالدين اقتداء بقيم المجتمع الغربي. وحيث ان هذه الندوة ليست فريدة في نوعها.. بل هي نموذج لنمط من ندوات مماثلة تقدمها فضائىات عربية فإن من حق المرء ان يستريب في امرها. ولا احب ان اقفز الى (نظرية المؤامرة) . المعهودة لكن احكم بما ارى واسمع امامي. ارى واسمع (دكاترة) مشاركين ومديري ندوات كالسيدة اسعاد يونس وكأنهم يعتبرون انفسهم (محايدين) تجاه الاسلام بينما المفترض نظريا انهم مسلمون ملتزمون بالاسلام. هنا تكمن الخطورة. فالمشاهد العادي يفترض لنفسه ابتداء انه يستمع لآراء واحكام من اخصائيين على اعلى درجات التخصص هم مسلمون ملتزمون بالاسلام كرجعية اخلاقية عليا. وعلى هذا الاساس فإن المشاهد العادي قد لا يفطن الى ان ما يسمعه موجه ابتداء ضد القيم الاسلامية.

Email