يرى الاستراتيجيون الاسرائيليون انه في وضع تتمتع فيه اسرائيل بالاحتكار النووي, سيكون من شأن التحول الى استراتيجية الردع النووي العلني ان تتحقق مصداقية اعلى لهذا الردع وبما يمنع العرب من فرض تحديات تهدد الامن الاسرائيلي وحتى مع افتراض ان العرب سيلجأون الى الخيار النووي في حالة فشل اسرائيل في منع امتلاكهم لهذا السلاح فانه في الفترة الزمنية الواقعة بين تبني اسرائىل استراتيجية ردع نووي علني وامتلاك اي دولة عربية لسلاح نووي فان الردع النووي العلني لاسرائيل سيمنح اسرائيل ثلاثة ضمانات امنية كالآتي: أ) القدرة على التهديد بانتقام لا يمكن للعرب تحمله كرد على تهديداتهم للوجود او للامن الاسرائىلي. تنبع هذه القدرة من قوة التدمير النووي الضخمة التي تملكها اسرائيل وضعف المواقف العسكري العربي في المقابل, خصوصا مع تعرض الكثير من الاهداف العربية ذات القيمة الاستراتيجية للضربات النووية الاسرائيلية, حيث تتجمع في معظم الدول العربية هذه الاهداف في مناطق لا تزيد على 3 ـ 5 مناطق حيوية في كل دولة عربية وبتدمير هذه الاهداف الحيوية ـ تكون معظم مقومات الحياة في الدول العربية قد قضي عليها, خصوصا مع ارتباط اهداف التنمية العربية اقتصاديا واجتماعيا بهذه الاهداف مثل هذا بالاضافة الى ان تدمير هذه الاهداف سيعني ضمنيا القضاء على 20 ـ 30% من السكان. ـ وقد حسبت اسرائيل اجمالي الاهداف الحيوية في الدول العربية فوجدتها 25 ـ 30 هدفاً يتطلب تدميرها ما بين 30 40 قنبلة نووية بقدرة 20 ـ 60 كيلو/ طن لكل هدف. وما لدى اسرائيل من اسلحة نووية حاليا يعتبر اكثر من كاف لتحقيق هذا الهدف وفي الرؤية الاسرائيلية ان اي دولة عربية ستشارك بأي جهد عسكري او سياسي او اقتصادي في الهجوم ضدها بأي نسبة من المشاركة لن تتجاهل امكانية تعرضها لهجوم نووي اسرائىلي وهو ما يضاعف من قيمة الردع النفسي للسلاح النووي الاسرائيلي. ـ وفي مواجهة المشاكل الممكن ان تواجهها المقاتلات الاسرائيلية في ايصال ما تحمله من قنابل نووية الى اهدافها في الدول العربية, بسبب ما تملكه من انظمة دفاع جوي قوية, فمن المنتظر ان تنوع اسرائىل وسائل ايصال اسلحتها النووية لتشمل الصواريخ (أريحا) وصواريخ اخرى كروز, والقادرة على تجنب وسائل الدفاع الجوي العربية, وبالاضافة لاستخدام اسرائيل وسائل متنوعة لتحييد انظمة الدفاع الجوي والصاروخي العربية. ب) فرض قيود على القرارات السياسية والعسكرية العربية ـ يفترض الاستراتيجيون الاسرائىليون انه رغم ادراك معظم الزعماء العرب لحجم العقاب النووي الممكن ان تتعرض له بلدانهم من قبل اسرائيل في حالة تهديد امنها, الا ان بعض الزعماء العرب قد اظهروا عدم الاهتمام بذلك من منظور قدرة الدول العربية على امتصاص اثار الضربات النووية الاسرائيلية, ومن ثم القدرة على توجيه الضربة الثانية الانتقامية ضد اسرائىل وبالتالي فان ادراك اسرائيل في الرؤية العربية لمخاطر التدمير المتبادل وعدم قدرتها على تحمل ضربة واحدة بأسلحة دمار شامل غير نووية او نووية في عمقها, من الممكن ان يمنع اسرائىل عن تهديد الدول العربية نوويا. الا ان هؤلاء الاستراتيجيين الاسرائيليين يميلون للقول بانه في حالة التحرك الى الردع النووي العلني, ستسود في دوائر صنع القرار في الدول العربية نظرية (الثمن الباهظ للعقاب النووي الاسرائيلي) وبذلك يتحقق هدف الردع وهو فرض قيود على القرارات السياسية والعسكرية العربية وهو ما يفرض على اسرائيل بالتالي ان تنمي الاحساس عند الزعامات العربية بخطورة العقاب النووي الاسرائىلي الذي يمكن ان يؤدي الى ابادة ربع سكان اي دولة عربية تتحدى اسرائيل وتكبيدها خسائر مادية من الممكن ان تعيدها عشرات السنين الى الوراء. لذلك يحرص الاستراتيجيون في اسرائىل على ان يبلغوا رسالة الردع النووي واضحة وكاملة وخالية من الغموض, ومستوفية لشروط اسرائىل لاستخدام اسلحتها النووية ـ وهو ما يعرف بالخطوط الحمراء حتى لا يكون هناك عنصر التباس في الادراك العربي لهذا الامر. جـ) توفير عنصر الاستقرار لقوة الردع النووي الاسرائيلية ـ تقاس قدرة الاستقرار للرادع النووي بمدى الحماية والحصانة المتوفرة للاسلحة والمنشآت النووية الاسرائيلية ضد احتمالات تلقي ضربة اولى معادية. بدءا بالاستعداد المستمر لاجهاض اي محاولة عربية لتبني برامج نووية على ان يكون هذا الاستعداد من قبل اسرائىل مبكرا قدر الامكان او في المراحل الحرجة من البرامج النووية العربية وبما يمكن ان يحول مثل هذه البرامج الى كارثة للدولة العربية التي تقدم عليها. ـ اما اذا قررت بعض الدول العربية ان توجه ضربة وقائية نووية او غير نووية باسلحة دمار شامل اخرى ضد المنشآت النووية الاسرائيلية.. مثل هجمات صاروخية او فدائية, او غارات جوية فان الاجراءات المضادة للصواريخ والمقاتلات العربية ينبغي ان تتصدى لهذه الهجمات وتمنع او تقلل تأثيراتها الى ادنى حد, بجانب الاجراءات المكثفة التي تتخذها اسرائيل لتأمين منشآتها النووية وتحصينها بالقدر الذي يوفر لها الحماية ضد اية ضربات بالاضافة لتنويع القدرات الاسرائىلية على شن الضربة الثانية, سواء بالقاذفات المقاتلة او بالصواريخ اريحا من منصات متحركة او من غواصات. اصحاب (النهاية الصغرى) و (النهاية العظمى) في استخدام الاسلحة النووية الاسرائىلية ـ يوجد في اسرائيل مدرستان في مجال استخدام اسلحتها النووية اشار لهما الجنرال دياهو شفاط هار كابي في كتابه (حرب نووية ام سلام) وهما على النحو التالي: أ) المدرسة الاولى (اصحاب النهاية الصغرى): يرى اصحاب هذه المدرسة انه لا داعي لاستخدام اعداد كثيرة من الاسلحة النووية لاحداث تدمير كامل او شبه كامل للخصم, حيث يكفي لتحقيق مصداقية الردع وكسر ارادة الخصم واجباره على التسليم بالمطالب الاسرائيلية ان توجه ضده ضربة واحدة او ضربتان نوويتان باسلحة تكتيكية صغيرة العيار (1 ـ 5 كيلوطن) لكي تحدث الاثر نفسه المطلوب في قيادات الخصم ومن ميزات هذا الاستخدام انه يفتح الباب امام الخصم لبدء الحوار وحتى لا يكون رد فعله الناتج عن حالة اليأس التي قد تصيبه عنيفا ومدمرا في حالة توجيه ضربات نووية كثيفة تسبب الدمار الشامل في مدنه واهدافه الحيوية. ب) المدرسة الثانية (اصحاب النهاية العظمى): يرى اصحاب هذه المدرسة ضرورة عدم تجاهل افتراض فشل الردع اذا ما استخدمت الاسلحة النووية في اضيق نطاق خصوصا مع استعداد الخصم ـ وهم الدول العربية ـ تقبل حجم من الخسائر ذي مغزى وهو ما قد يدفعه الى الاستمرار في الحرب رغم خسائره وقيامه برد فعل عنيف بكل ما تبقى لديه من اسلحة دمار شامل ضد اسرائيل في الضربة الثانية, والتي من المؤكد انها ستكبدها خسائر بشرية ومادية جسيمة لذلك يفضل اصحاب هذه المدرسة ان يكون استخدام اسرائيل لاسلحتها النووية في الضربة الاولى قويا وبكل ما لديها من امكانات بحيث تحدث تدميرا شاملا في جميع مقومات القوة العسكرية لخصومها وبما يعجزهم تماما عن توجيه ضربة ثانية ضد اسرائيل, ويستند اصحاب هذه المدرسة الى ما جاء في كتاب الحرب النووية الحرارية الذي وضعه كاهان وجدد فيه وجهة نظره فيما اطلق عليه (الابتزاز النووي) والذي يبدأ بتوجيه الضربة الاولى, ثم توجيه انذار للطرف الاخر بأنه اذا قام برد فعل بما تبقى لديه من قوات في شكل ضربة ثانية فسوف تتعرض مدنه وكافة اهدافه الاقتصادية والاستراتيجية لضربة اخرى في نفس الوقت. جـ) محصلة المدرستين: برز اتجاه ثالث يتبنى فكرة تجنب قصف المدن العربية نوويا بمعنى ان توجه اسرائيل الضربة الاولى ضد الاهداف العسكرية العربية وليس الاهداف المدنية وذلك اذا ما تهدد امن اسرائيل وليس كيانها, والفارق بين الاثنين ان تهديد الامن يتعلق بالتواجد الاسرائيلي في المناطق المحتلة وطرق الاتفاقات الامنية والمعاهدات الموقعة مع الدول العربية اما تهديد الكيان الاسرائيلي فيتمثل فيما يتعلق بكل ما هو داخل ارض اسرائىل من اهداف سواء تعرضت لهجمات بأسلحة تقليدية او فوق تقليدية. ـ من هنا يتضح لنا ان اسرائيل لن تكون مضطرة لاستخدام اسلحتها النووية الا اذا ادركت ان قواتها التقليدية على وشك هزيمة محققة وسيكون هذا الاستخدام على مرحلتين: المرحلة الاولى: عندما يتهدد امنها وفي هذه الحالة ستلجأ اسرائيل الى استخدام اسلحتها النووية التكتيكية ضد القوات العربية التي خرقت الترتيبات الامنية وسيكون ذلك في حد ذاته انذارا بالتصعيد ثم المرحلة الثانية عندما يتهدد كيان اسرائيل ذاته او تتعرض اهدافها في العمق لضربات مؤثرة من جانب المقاتلات والصواريخ العربية وفي هذه الحالة ستلجأ اسرائيل لاستخدام اسلحتها النووية الاستراتيجية ضد المدن والاهداف العربية الحيوية وفي هذا الصدد تطبق اسرائيل نظرية الاستخدام المزدوج لاسلحتها بعيدة المدى (مقاتلات وصواريخ ومدفعية) بحيث يمكنها قصف ذخائر تقليدية ونووية ذات اعيرة مختلفة وكذلك كيميائية وبيولوجية. ـ ويستتبع ذلك عدم وجود اي خداع في سلوك اطراف الصراع لان المسألة حياة او موت بالنسبة لكلا الطرفين وان يكون من الصعب عدم استبعاد الدور الذي تمارسه دول عظمى مثل الولايات المتحدة لكبح جماح اطراف الصراع عن التصعيد المسلح حتى لا تتأثر مصالحهم في المنطقة ولانه ليس من المحتمل ان يبرز تهديد نووي عربي ضد اسرائيل قبل عام ,2010 فلن تكون اسرائيل في حاجة لاستخدام اسلحتها النووية الا اذا تعرضت مدنها واهدافها الحيوية للتهديدات, اما اذا قررت استخدام اسلحتها النووية فسيكون ذلك في البداية ضد الاهداف العسكرية التي تشكل خطرا عليها مثل تقدم قوات عربية في اتجاه الحدود الاسرائيلية ومراكز الصناعة الحربية العربية في الدول المحيطة بها قبل ان تقصف اهداف العمق العربي. ـ ولقد اثبتت الدراسات الاسرائيلية ان اخراج اي دولة عربية من الحرب باستخدام الاسلحة النووية لن يحتاج لاكثر من 12 ـ 15 سلاحا نوويا تكتيكيا بأعيرة اقل من 10 كيلو طن. ومن ثم فانه مهما بلغ حجم الترسانة النووية الاسرائيلية فان معظمها يعتبر من النوع التكتيكي الذي يستخدم ضد الاهداف العسكرية وستلجأ اسرائيل في استخدامها للسلاح النووي الى اتباع استراتيجية (الرد المرن والمتدرج) الذي يبدأ بالاهداف العسكرية وينتهي بالاهداف المدنية. أسوأ سيناريو تتحسب له اسرائىل ـ يتمثل اسوأ سيناريو تتحسب له اسرائيل في قيام دولة او دولة عربية بتنفيذ ما يطلق عليه استراتيجية (الاغراق الصاروخي) بامطار الجبهات الامامية والخلفية في اسرائيل بوابل من القصفات الصاروخية التي تحمل رؤوسا ذات دمار شامل كيميائية وبيولوجية وتقليدية وقد تكون نووية ايضا في حالة تملك اي دولة عربية لسلاح نووي خلال العقد المقبل. وقد تشارك المقاتلات والقاذفات العربية في هذه القصفات. ـ ويفترض هذا السيناريو ان ينجح العرب في تحقيق المفاجأة وان يكون الهجوم ضد اسرائيل اكثر من اتجاه دولة عربية (مصر وسوريا والاردن والعراق) ومن عدة اتجاهات تعبوية في وقت واحد وبحيث تتعرض قوات الضربة النووية الاسرائيلية الاولى والصواريخ اريحا والمقاتلات اف ,15 اف 16 كفير) لخسائر جسيمة تمنعها من توجيه الضربة النووية الاولى المخططة وبما يحدث شللا كليا في اسرائيل نتيجة ما سيصيب اهدافها المدنية والعسكرية من تلوث ودمار خصوصا ان معظم الاهداف الاسرائيلية ذات القيمة الاستراتيجية تنحصر في الشريط الساحلي الذي لا يزيد عرضه على 15 كم. فلو امكن فرضيا وعلى سبيل المثال للدول العربية ان تطلق 1000 صاروخ سكود او ما يناظرها لها القدرة على تلويث 50 هكتارا في المتوسط, فانه سيكون في امكان هذه الصواريخ ان تلوث 50.000 هكتار من ارض اسرائيل وهو ما لا تستطيع اسرائيل تحمله وتسعى في المقابل لتجنبه. ـ لذلك تحدد اسرائيل سبعة اخطار قد تنجم عن استخدام الدول العربية لاسلحة الدمار الشامل تتمثل في الآتي: أ) المشاكل النابعة عن مستوى الواقعية التي يتميز بها بعض الزعماء العرب ومستوى تفكيرهم فيما يتعلق باستخدام ما يمتلكونه من اسلحة دمار شامل, لاسيما تسرعهم في اللجوء الى هذه الاسلحة عند وقوع الازمات وخطورة دمج اسلحة الدمار الشامل في استراتيجية الاستخدام القتالي للقوات المسلحة التقليدية المخططة حاليا. ب) احتمال فشل اسرائيل في استمرار الاحتفاظ بتفوقها في الاسلحة التقليدية وفي المقابل نجاح الدول العربية في تحقيق التوازن الاستراتيجي الذي يستهدفونه في مواجهتها خاصة في حالة تمكن الدول العربية من تحقيق قدر من التعاون والتنسيق فيما بين دول المواجهة ودول العمق العربي في اطار تحالف استراتيجي يضمهم جميعا او بعضا منهم. جـ) صعوبة السيطرة على عملية التصعيد في حرب اقلمية قد تشترك فيها بجانب الدول العربية دول اسلامية في دائرة الجوار الجغرافي مثل ايران خصوصا في ضوء التعاون الاستراتيجي القائم بينها وبين سوريا واحتمال ان تستخدم في هذه الحرب اسلحة الدمار الشامل ولا تستطيع الولايات المتحدة ان تمنعها او تحد من تصاعدها. د) صعوبة اجراء حسابات سياسية وعسكرية منطقية وسليمة في مطنقة الشرق الاوسط اذا ما سيطرت على اجوائه استخدامات اسلحة الدمارالشامل بما فيها النووية خصوصا مع الغموض الذي يمكن ان يكتنف مصدر الهجوم المحتمل من الجانب العربي ففي مثل هذه الاجواء فان احتمالات تطور حرب محدودة للتصاعد بسرعة لتصبح شاملة تعتبر من الامور غير المستبعدة. هـ) صعوبة اجراء اشراف اقليمي او دولي فعال على اسلحة الدمار الشامل التي تملكها دول المنطقة. و) سهولة اسكات مراكز القيادة والسيطرة السياسية والاستراتيجية للدول المشتبكة في الحرب وبالتالي اصابة عملية صنع واتخاذ القرارات السياسية والعسكرية اثناء الحرب بالشلل وهو ما يصعب عملية ادارة الحرب والسيطرة عليها, او الازمة الناشبة ومنع انفلاتها وبالتالي تكون القرارات المصيرية في يد المستويات العسكرية التعبوية او التكتيكية والتي قد تنحرف بها بشكل حاد يؤدي الى تصعيد يصعب تجنبه. ي) الاحتمالات العالية لحصول منظمات ارهابية على اسلحة دمار شامل, وما قد يترتب على ذلك من اخضاع دول المنطقة لعملية ابتزاز نووي كيميائي بيولوجي من قبل هذه المنظمات. ـ وفي مواجهة هذه المخاطر تسعى اسرائىل الى ضمان امتلاكها القدرة على توجيه الضربة الثانية اذا فقدت القدرة على توجيه الضربة الاولى وذلك من خلال اجراءات تؤمن قدرة عالية على بقاء صمود قواتها النووية, تتمثل في الآتي: أ) تنويع وتوزيع وانتشار اسلحتها النووية ووسائل ايصالها على كل الساحة الاسرائيلية مع تغيير محلاتها باستمرار والاعتماد على الغواصات المسلحة وبصواريخ اريحا حاملة الرؤوس النووية في توجيه الضربة الثانية من تحت مياه البحر المتوسط الذي تجوبه وهي في درجة استعداد عالية, وهو ما يوفر لاسلحتها النووية خفة حركة عالية بهدف تقليل الاثار المترتبة على الضربة الاولى التي قد تشنها الدول العربية ضدها. ب) تحصين وزيادة صلابة الوسائل النووية الاسرائىلية في مخازن محصنة على اعماق كبيرة تحت الارض كما في مفاعل ديمونة بحيث يصعب تدميرها حتى انفجارات نووية مع اتخاذ اجراءات التمويه والاخفاء السرية لتأمينها. جـ) تدعيم وسائل وطرق الانذار المبكر مع توفير درجة استعداد قتالي عالية لقواتها كذلك سبل الدفاع الايجابي ضد الضربة الاولى المعادية بحيث يمكن ان تنطلق الأسلحة النووية الاسرائيلية في نفس اللحظة التي تتعرض فيها ارض اسرائيل لضربة معادية وهو ما يتطلب عدم اضاعة ادنى وقت في اتخاذ القرار الذي ينبغي ان يكون فوريا ويرتبط بسيناريوهات معدة من قبل وهو ما يعرف باسلوب (الاطلاق عند الانذار). رسالة اسرائيل الردعية للعرب ـ وفي مواجهة احتمالات لجوء الدول العربية الاستراتيجية (الحرب المحدودة) لحرمان اسرائىل من مبرر استخدامها للاسلحة النووية, وهو ما يهدد امن اسرائيل وان كان لا يهدد كيانها كما يمكن للحرب المحدودة ان تكبد اسرائيل خسائر مادية وبشرية جسيمة كما حدث في حرب اكتوبر 1973 خصوصا اذا ما تحولت الحرب المحدودة الى حرب استنزاف فان (الرسالة الردعية) التي تحرص اسرائيل على تبليغها للدول العربية تتمثل في انها ستطلق اسلحتها النووية عند تلقي اول انذار تهديد من قبل اعدائها سواء استخدموا في ذلك اسلحة تقليدية او فوق تقليدية وذلك بدعوى ان اسرائيل لن يكون باستطاعتها التمييز بين مقاتلات وقاذفات وصواريخ معادية تتجه نحو اراضيها تحمل ذخيرة تقليدية وبين وسائل ايصال اخرى مماثلة تحمل ذخائر فوق تقليدية ذات دمار شامل كما لن يكون ايضا باستطاعة اسرائيل التكهن بنوعية الاهداف التي تستهدف هذه الوسائل الوصول اليها وقصفها: هل هي اهداف عسكرية ام اهداف مدنية ذات قيمة استراتيجية في العمق الاسرائيلي؟ ومن ثم فلن يكون بمقدور اسرائيل الانتظار حتى تتبين حقيقة اهداف اعدائها من وراء قصف اراضيها لذلك فان الرد الاسرائىلي في جميع الحالات سيكون نوويا وطبقا لقاعدة (الاطلاق عند الانذار). ـ كذلك ستوضح اسرائيل في رسالتها الردعية ان القوة النووية الاسرائيلية ترتبط بوسائل اطلاق تقليدية ثنائية الاستخدام حيث ستستخدم نفس المقاتلات والصواريخ اريحا التي تطلق ذخائر تقلدية في اطلاق ذخائرها النووية وبالتالي فان تعرض هذه الوسائل ذات القدرة الثنائىة للاصابة والتدمير في عمليات حربية انما يعد استنزافا ليس فقط لاسلحة اسرائيل التقليدية ولكن ايضا لوسائل قوتها النووية وهو ما لا يمكن ان تسمح به اسرائيل. لذلك فان ردها في حالة الحرب المحدودة سيكون ايضا نوويا حفاظا على بقاء وتماسك قوتها النووية بقسميها: الذخائر النووية, ووسائل ايصالها وحتى لا تتآكل هذه الوسائل في حرب تقليدية من جانب اعداء اسرائيل في حرب, حتى وان كانت محدودة الاهداف والابعاد. سيناريوهات ادارة الصراع المسلح في اطار نووي ـ اوضح الباحث الاستراتيجي (هاركابي) عددا من السيناريوهنات التي يمكن ان تلجأ فيها اسرائيل لاستخدام اسلحتها النووية حتى يمكن لها ان تحافظ على امنها وكيانها وذلك في ظل عدم قدرتها على مواصلة سباق التسلح التقليدي مع العرب الى مالا نهاية, وقد اوجز (هاركابي) هذه السيناريوهات في اربع على النحو التالي: أ) سيناريو (الردع العلني) يفترض هذا السيناريو ادراك اسرائيل للمخاطر المترتبة على تعاظم القوة العربية في اطارها الشامل (السياسي والاقتصادي والعسكري) وتحقيق الدول العربية لقدر من التعاون والتنسيق الاستراتيجي فيما بينها بعد تجاوزها للخدمات الناشبة بينهما كذلك فرض هذا السيناريو رفض القيادات العربية القادمة لعملية السلام وشروط اسرائىل ازائها وبما يؤدي الى تجميد العلاقات وهو الوضع الذي يدفع اسرائىل في تجنب مواجهة عسكرية مع اي من الدول العربية لان نتائجها لن تكون في صالح اسرائيل. مع لذلك ستلجأ اسرائيل الى اجراء تجربة نووية تحت الارض في صحراء النقب وتعلن عن نتائجها بهدف تدعيم استراتيجيتها الردعية واقناع العرب بقبول شروطها في عملية السلام ومع الاعلان عن هذه التجربة ستقرنها اسرائيل بشروط لجوئها الى الخيار النووي وذلك في رسالة واضحة الى الدول العربية حتى لا يكون هناك لبس في مدركات العرب حول نوايا اسرائيل المستقبلية واذا كان هذا السيناريو سيحقق درجة اعلى من المصداقية لاستراتيجية الردع النووي الاسرائىلي فان من عيوب هذا السيناريو انه سيعطي المشروعية للدول العربية لامتلاك سلاح نوووي كما يتوقع ان ترفض الدول العربية سياسة الابتزاز النووي الاسرائيلي وبالتالي توقف عملية السلام برمتها وتصر على نزع السلاح النووي الاسرائيلي والانسحاب من الاراضي العربية المحتلة والمطالبة باجراءات امنية مضادة للاجراءات الامنية الاسرائيلية كما انه من المتوقع ان يلقى الموقف العربي تأييدا من دول كثيرة في العالم من بينها دول كبرى لها مصالح مهمة في المنطقة العربية خاصة الولايات المتحدة التي ستلقى حرجا بالغا بالنظر لفشل سياستها في الحد من الانتشار النووي حيث سينقل هذا السيناريو منطقة الشرق الاوسط الى حالة (شرق اوسط نووي) خاصة وانه سيعطي المبرر لايران ويشجعها على المضي قدما في برنامجها النووي والصاروخي ناهيك عن ان هذا السيناريو سيعزز التعاون الاستراتيجي والسياسي بين الدول العربية التي ستقف جبهة واحدة في مواجهة اسرائىل. ب) سيناريو (الضربة المسبقة): ينهض هذا السيناريو على افتراض توقف عملية السلام نهائيا وبروز تحالف استراتيجي عربي يضم دول المواجهة والعمق العربية وتكون هذه الدول قد حققت قدرا كبيرا من التفوق في القوة العسكرية التقليدية وفوق التقليدية بشقيها الكيميائي والبيولوجي كما تكون دولة عربية او اكثر قد امتلكت, او على وشك امتلاك, سلاحا نوويا وقد تقوم احدى الدول العربية المجاورة لاسرائيل بخرق الترتيبات الامنية التي سبق الاتفاق عليها, وادخلت حجما من قواتها المسلحة الى المناطق منزوعة او محدودة السلاح, وفي هذه الحالة ستعتبر اسرائيل ان امنها اصبح مهددا بدرجة تعطيها المبرر لتوجيه ضربة وقائية استباقية بقوات تقليدية مدعومة بقصفة نووية بسلاح نووي تكتيكي ومن واحد الى خمسة كيلو/ طن في اخطر الاتجاهات التي تريد اسرائيل ان تغلقها لتتفرغ بقواتها التقليدية للقتال في اتجاهات اخرى, وستشمل الضربة النووية منشآت المشروع النووي العربي, بهدف احباطه او تدميره, كذلك تدمير التجمعات الرئيسية للقوات العربية التي خرقت الترتيبات الامنية او على وشك ان تخرقها وقبل ان تشن هجوما منسقا ضد اسرائيل وستكون مواقع اسلحة الدمار الشامل العربية ومنشآتها ووسائل ايصالها من مقاتلات وصواريخ ارض ـ ارض كذلك وسائل الدفاع الجوي العربية ومراكز القيادة والسيطرة الاستراتيجية من ابرز اهداف الضربة النووية الاسرائيلية التي من المتوقع ان تنفذ بأسلحة نووية تكتيكة والتي سيتم ادماجها مع الضربات التقليدية بالمقاتلات والصواريخ والمدفعية الاسرائلية بعيدة المدى وان كانت اسرائيل في هذا السيناريو ستجنب قصف الاهداف المدنية العربية سواء الاقتصادية او السكانية او المتعلقة بالبنية الاساسية وذات القيمة الاستراتيجية حتى تتجنب رد فعل عنيف من جانب الدول العربية ضد اهداف العمق الاسرائيلي واذا كانت فكرة الضربات الوقائية والاستباحية تعتبر اساسية في العقيدة العسكرية الاسرائيلية ونظرته انها للعقد القادم, الا ان من عيوب هذا السيناريو الذي مما لاشك فيه ان الدول العربية تتحسب له جيدا, سيجعل الجيوش العربية على استعداد دائم لمواجهته بالاجراءات المضادة, ليس ذلك فقط بل سيعطي العرب المشروعية والمبرر لشن ضربات مضادة (الضربة الثانية) ضد الاهداف الاستراتيجية الحيوية في العمق الاسرائيلي بكل ما تبقى لديهم من اسلحة دمار شامل كيميائية وبيولوجية حيث ستتلاشى في هذا السيناريو كل الخطوط الحمراء التي كانت قائمة من قبل, سواء فيما يتعلق بعدم قصف الاهداف المدنية, او اختراق المناطق التي تدخل في اطار الترتيبات الامنية السابق الاتفاق بشأنها. ج ـ سنياريو (الضربة المضادة) يفترض هذا السيناريو نشوب صراع مسلح بين اسرائيل ودولة عربية او اكثر باستخدام اسلحة تقليدية فقط, تتكبد فيه اسرائيل خسائر جسيمة وتنجح القوات العربية في المقابل في احراز انتصارات من الممكن ان تستغلها في تطوير هجومها داخل ارض اسرائيل, وذلك بدفع مزيد من الاحتياطيات الاستراتيجية العربية في المعركة, عند ذلك تقرر القيادة الاسرائيلية مواجهة هذا الموقف الصعب بتوجيه ضربات نووية تكتيكية مضادة ضد الاحتياطيات الاستراتيجية العربية في مناطق تمركزها وانتشارها لمنعها من الزج في المعركة واستغلال الجناح الذي حققته الجيوش العربية في الجبهة الامامية, ولتهيء اسرائيل نفسها في ذات الوقت لدفع احتياطياتها الاستراتيجية لشن ضربات مضادة توقف بها هجمات القوات العربية, وتدفعها بعيدا عن حدود اسرائيل وتستعيد مافقدته من ارض, بل وتطور ايضا هجوما اسرائيليا داخل الاراضي العربية, وقد تقرن اسرائيل ضرباتها النووية التكتيكية ضد الاحتياطيات الاستراتيجية بضربات نووية تكتيكية اخرى ضد قوات الانساق الاولى العربية المهاجمة في اخطر الاتجاهات, وبما يهيىء الظروف لشن هجمات مضادة اسرائيلية ناجحة بقوات تقليدية في اتجاهات اخرى, ويعتبر هذا السيناريو بمثابة الدرجة الثانية في التصعيد باستخدام اسرائيل لاسلحتها النووية ضد القوات العربية التقليدية, وستلجأ له عندما تشعر فعلا ان ارضها مهددة نتيجة هجوم عربي شامل ضدها, وقبل ان تنهار الروح المعنوية لجيشها وشعبها, ولكن من عيوب هذا السيناريو بالنسبة لاسرائيل ان القوات العربية والاسرائيلية على السواء ستكون قريبة جدا من الاراضي الاسرائيلية أو داخلها, واي استخدام للاسلحة النووية في مثل هذا الموقف سيكون تأثير سلبي على الاراضي والاهداف الاسرائيلية, ناهيك عن انه سيعطي المشروعية والمبرر للدول العربية لاستخدام اسلحتها ذات الدمار الشامل ضد اهداف العمق الاسرائيلي. د ـ سيناريو (الملاذ الاخير) يفترض هذا السيناريو حدوث تهديد حقيقي لكيان اسرائيل, بما يعني نجاح القوات العربية في اختراق حدود اسرائيل ما قبل يونيو ,1967 أو قيام احدى الدول العربية بقصف مدن رئيسية في اسرائيل بأسلحة دمار شامل قصفا مركزا, وما يترتب على ذلك من تكبدها خسائر بشرية ومادية جسيمة, وما يواكبه من انهيار مادي ومعنوي شديد في الجيش والشعب الاسرائيليين, وارباك في القيادة الاسرائيلية لا يسمح لها باستخدام اسلحة نووية تكتيكية ضد القوات العربية التي تهاجم داخل ارض اسرائيل, حيث تكون قد تداخلت مع القوات الاسرائيلية والمناطق السكانية هناك مما يصعب استخدام مثل هذه الاسلحة النووية التكتيكية لكونها تؤثر في ذات الوقت على الاسرائيليين, لذلك تقرر القيادة الاسرائيلية توجيه ضربات نووية بقنابل وصواريخ ارض/ارض ذات اعيرة كبيرة (10كيلو/طن واعلى) ضد عدد من المدن والاهداف العربية في العمق العربي, مثل السدود وحقول النفط ومحطات القوى.. الخ, وذلك بهدف اجبار الدول العربية على ايقاف هجومها وسحب قواتها إلى ما وراء الحدود, وقد في هذا السيناريو توجيه ضربات نووية ضد القوات العربية المتوغلة في الاراضي الاسرائيلية, وذلك من منطلق (عقدة الماسادا) التي تعكس فكرة (علي وعلى اعدائي) ولن تلجأ اسرائيل إلى هذا السيناريو إلا في حالة اليأس الكامل, وحدوث انهيار تام في قواتها المسلحة, وقد يأتي هذا السيناريو بعد تنفيذ السيناريوهات السابقة, بمعنى ان ضربات نووية تكتيكية وجهتها اسرائيل ضد القوات العربية لم تفلح في ايقاف هجومها, ويعتبر هذا السيناريو اصعب واخر محاولة تلجأ اليها اسرائيل دفاعا عن كيانها, وترجع هذه الصعوبة إلى ان هذا السيناريو غير مقبول دوليا لانه يعني اطلاق الاسلحة النووية بلا ضوابط ضد اهداف مدنية يذهب ضحية لها مئات الآلاف, بل والملايين من السكان, وخطوة تصعيدية خطيرة لا يمكن التراجع عنها, لانها تعني في النهاية دمارا شاملا لدول المنطقة, خاصة وان اسرائيل لن تستفيد شيئا من وراء ذلك, ولن تستطيع تحمل رد الفعل العربي الذي سيكون له كل الشروعية والمبرر لضرب جميع الاهداف السكانية والمدنية في اسرائيل, والذي يعني ابادتها من حيث الواقع, في الوقت الذي تستطيع فيه الدول العربية تحمل واستيعاب الضربات النووية الاسرائيلية ومواصلة البقاء بعد ذلك.