تأكيدا لوحدة الشعب الخليجي ومشاركة الرأي العام، هل تشهد منطقة (التعاون) مخاضا جديدا؟!بقلم نجيب عبد الله الشامسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ان المتابع لصحافتنا المحلية والقارئ لها سوف يلاحظ ان هناك سخونة في المناخ العام لدول مجلس التعاون تؤكده الاحداث السياسية والقضائىة والاقتصادية, معلنة عن شتاء ساخن بفعل تلك الاحداث.ففي الكويت تفاعلت قضية الدكتور احمد البغدادي المتهم بالاساءة الى الرسول صلى الله عليه وسلم وصدر حكم قضائي ضده بالحبس شهرا , قبل ان يصدر أمير الكويت عفوا عنه. بعد اسبوعين في السجن, حيث القت هذه القضية ظلالها على الرأي العام في المجتمع الكويتي, وخلال تطور احداث هذه القضية ظهرت قضية اخرى في الساحة هي قضية استاذ جامعي آخر هو الدكتور شملان العيسى, حيث يحاكم ايضا بدعوى معارضته لتطبيق الشريعة الاسلامية وتفضيله للنظام الدستوري في بلده الكويت. وفي قطر, تلك الدولة التي اصبحت تلعب دورا واضحا ومؤثرا ليس في الساحة الخليجية والاقليمية فحسب وانما في الساحة العالمية, تشهد ساحة القضاء القطرية محاكمة تعتبر سابقة في تاريخ دولة قطر, حيث يحاكم احد افراد الاسرة الحاكمة هو الشيخ حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني لاتهامه بقيادة المحاولة الانقلابية الفاشلة في قطر عام 1996م. وكان افراد الاسرة الحاكمة هم الشهود في هذه القضية, حيث ادان رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن خليفة آل ثاني المتهم لمحاولته الانقلابية هذه, فيما كان وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني احد شهود القضية, ومن المتوقع ان يصدر حكم المحكمة في مطلع ديسمبر المقبل. في البحرين: أصدر امير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة يوم الاحد 11/10/1999 امرا اميريا بموجبه تم انشاء لجنة لحقوق الانسان, مكونة من ستة اعضاء من مجلس الشورى ومدتها اربع سنوات. وقد نص هذا الامر على قيام اللجنة بالاسهام والتعاون مع الاجهزة الرسمية المعنية في تنمية الوعي بحقوق الانسان ومتابعة مسائل حقوق الانسان والعمل على حمايتها واقتراح الحلول المناسبة لها, مؤكدا على عدم اخضاع تقارير اللجنة وتوصياتها للمناقشة في جلسات مجلس الشورى وانما يتم رفعها مباشرة الى امير البحرين ورئيس مجلس الوزراء. في السعودية: وفي نفس الوقت تشارك المنطقة في الاحداث حيث يعلن النائب الثاني لرئيس الوزراء ووزير الدفاع والطيران السعودي الامير سلطان بن عبد العزيز بأن المواطن السعودي هاني الصايغ الذي يشتبه بتورطه في تفجير (الخبر) الذي قتل فيه 19 عسكريا امريكيا عام 1996م, سيحاكم وفق الشريعة الاسلامية عندما تسلمه السلطات الامريكية الى بلاده, مؤكدا على رفضه كل المحاولات الهادفة الى زرع الشك في العقول حول مسألة القضاء السعودي. اما الامارات: فان بطل الساحة المحلية في هذه الايام هو الصحافة التي بدأ ميلادها الجديد في مواجهتها العلمية وصراحتها ومعالجتها الموضوعية للقضايا التي تهم الرأي العام, حيث اصبحت صحافة الامارات في الخط الاول في مواجهة حقيقية للتسيب والتجاوزات الادارية ومواجهة كافة اشكال الفساد الاداري والمالي وحتى الاقتصادي والاجتماعي, مؤكدة اهمية وجود مناخ صحي وسليم وضرورة معالجة الخلل الذي تعاني منه بعض وزارات الدولة ومؤسساتها, وضرورة محاسبة المقصرين ورفع الظلم عن المغبونين. انها تقوم بدورها الصحيح الذي ننتظره منذ سنوات طويلة مفجرة للكثير من القضايا ذات العلاقة بالانسان والمجتمع, واصبحت تلك القضايا المثارة من قبل الصحافة حديث المجالس والمكاتب, وكأنها تعيد الانفاس الى الرأي العام بأنه لابد من التصدي لكل تلك التجاوزات, ولابد من المعالجة الموضوعية لاوجه التقصير والفساد, وصولا الى تصحيح مسار التنمية التي يكون الانسان محورها وهدفها. في ظل هذه الاحداث المتوالية والتي تحدث في وقت قصير جدا, هل يعني ذلك بداية لتصحيح أو تأكيد حقائق معينة كنا نغفلها او نتجاهلها في مجتمعنا الخليجي؟ هل يعني المواجهة والمكاشفة ووضع الرأي العام في مواجهة مع قضاياه ليتفاعل معها فكرا وعملا؟ هل هناك دعوة لتصحيح البيت الخليجي, ولتأكيد الهوية الواحدة بأن ما يحدث في السعودية لابد وحتما ان ينعكس في الكويت, وما يحدث في قطر ينعكس في البحرين. او الامارات..؟ ان هذه الاحداث تؤكد دون شك ان الخليج واحد, وشعب الخليج واحد, والمصير واحد, والتحديات الداخلية او الخارجية هي واحدة. الامر الذي يجعلنا اكثر صراحة مع انفسنا واكثر معالجة لاسباب الخلل السياسي والاقتصادي والاجتماعي, وصولا لتعزيز بنية التعاون ثم التكامل الفعلي والحقيقي, ثم الامل الاكبر في وحدة خليجية ينشدها الانسان الخليجي اينما كان, في مواجهة طوفان التحديات ورياح السموم التي سوف تهب علينا لتقتل الزرع والضرع, ولتهدد كل مكتسباتنا بل وحتى وجودنا!! *) كاتب وباحث من الامارات

Email