أبجديات : بقلم عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كيف يمكن أن نحمي الصحافة من طغيان المجتمع وجماعات وأصحاب النفوذ؟ وكيف يمكن أن نحمي المجتمع بكل شرائحه وطبقاته من تعدي الصحافة واختراقاتها؟ هذه معادلة لابد من ايجاد الحل الثابت والصحيح لها قبل أن نواصل انطلاقتنا الصحفية الجديدة وقبل أن ندخل في تفاصيل حل المعادلة, لابد أن يعمل القائمون على الشأن الصحفي وفي هذه المرحلة الحاسمة على تأكيد حقيقة ان كل ما يتم تناوله في صحافتنا المحلية والمتعلق بتجاوزات واخطاء داخل المؤسسات المختلفة انما هو انتقاد وتقييم للاداء أو للعمل المقدم, وليس اختراقا لخصوصيات الاشخاص القائمين على العمل, ذلك أن الصحافة لن تكون يوما ما سلطة حكم وقضاء, انها دائما كانت وستظل سلطة رقابة مجتمعية تسلط الضوء على كل الزوايا في المجتمع جميلها وقبيحها دون ان تحكم, فالحكم والمحاسبة اختصاص جهات أخرى ليست الصحافة واحدة منها. وربما يتذكر الاخوة العاملون في مجال الصحافة تحديدا, انه في الفترة التي قتلت فيها الاميرة البريطانية ديانا مع صديقها المصري دودي الفايد, فقد اثيرت ضجة واسعة وهجوم كاسح على الصحافة التي اتهمت في ذلك الوقت بانتهاك حرمة الحياة الخاصة لنجوم المجتمع وكبار الشخصيات. ومعروف ان بريطانيا من الدول التي تحمي حرية الصحافة ضد تدخلات أية جهة أو سلطة, ولذلك كان من المستحيل اصدار قانون للحد من حرية الصحافة أو تحديد مجالات عملها أو تقنين عقوبات معينة ضد من عرفوا يومها بمصوري (الباباراتزي) المتطفلين, وعليه فقد أحالت بريطانيا القضية برمتها الى لجنة شكاوى الصحافة, وهي لجنة مستقلة غير حكومية درست الملف وأصدرت قائمة سلوكيات يسترشد بها الصحفيون في تعاملهم مع مثل هذه القضايا. في الدول التي تتكىء على أرضية قوانين صلبة, يكون تصرفا كالذي ذكرناه بشأن لجنة مستقلة غير حكومية تنظر في شكاوى الصحافة امرا واردا وممكن التطبيق في ظل مؤسسات قانونية محددة وواضحة وغير متداخلة السلطات, أما حيث تعاني الانظمة من هشاشة القوانين نظرا لطبيعة التكوين السياسي وحداثته وقلة خبرته, فإن معادلة كالتي طرحناها في البداية تحتاج الى قوانين ملزمة وذات مصداقية عند التطبيق. وعليه فإن قانونا جديدا للمطبوعات لابد من صدوره قريبا في ظل الضجة المثارة حاليا. اذن فللمعادلة طرفان, طرف تمسك به وزارة الاعلام المعنية بوضع الضوابط وآليات عمل وحركة الصحافة, ونحن على ثقة تامة بأنها ستفعل ذلك في القريب العاجل, أما الطرف الآخر فهو بأيدي اخواننا الصحفيين الذين يتوجب عليهم ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم الانسياق اللا متعقل والانفعالي وراء مقابلات مسئولين أو سبق صحفي محلي رغبة في ارضاء الغرور الصحفي أو جني ثمار غير ناضجة من الشهرة ورضى الرؤساء في الصحيفة على حساب المستوى المهني والاخلاقي. لا نقل بأن اخواننا الصحفيين قد وقعوا في محاذير مهنية ولكننا نحذر من حدوث ذلك في ظل غياب رؤية واضحة ومحددة محتكمة الى قوانين وانظمة يطلع عليها الصحفيون ويلتزمون بها في كل الظروف.

Email