وليام كوهين وصلة القربى بالمنطقة العربية، بقلم عبدالله الحوراني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا اعلم, ولا اعتقد ان احدا غيري يعلم, ان وزير الدفاع الامريكي وليام كوهين من مواليد منطقتنا العربية بحيث يحرص على زيارة مرابع صباه زيارات دورية لايفصل الواحدة منها عن الاخرى اكثر من شهرين او ثلاثة, اللهم الا اذا كان يتصور ان اسمه ويهوديته يمنحانه هذا الحق . ولا اعلم ايضا, كما لا يعلم غيري, ان للوزير في منطقتنا اهلا او اقارب من الدرجة الاولى, او حتى الاخيرة, يحرص على ابقاء صلة الرحم قائمة معهم, فيزورهم باستمرار مطمئنا على احوالهم ومطمئنا اياهم على احوال فرع, او اصل العائلة في الولايات المتحدة الامريكية. ولا نعلم كذلك, ان بلادنا ودولنا العربية تشكل جزءا من الولايات الامريكية بحيث يقوم بزيارتها ليتفقد سير الامور فيها, والتعرف الى ولاتها, وحل مشاكلها, فمن يراقب تحركات وليام كوهين منذ تولى منصبه يلاحظ ان عدد الزيارات التي قام بها للمنطقة, اكثر من عدد زياراته للولايات الامريكية ذاتها, وانه يتابع شئون منطقتنا اكثر مما يتابع شئون ولاياته, وانه بات يعرف جغرافية منطقتنا وحدودها واسماء المسئولين فيها اكثر مما يعرف حدود ولاياته الخمسين, واسماء حكامها, واشك انه التقاهم جميعا, او تعرف اليهم عن قرب, بينما هو ضيف يكاد يكون مقيما, او من اهل البيت لدى عدد غير قليل من دولنا العربية. وللتأكيد على انه يتحرك بين اهله وذويه, لايخفي اسرار زياراته المتكررة, كما يفعل مضيفوه, فهو يفصح عما يبحثه في هذه اللقاءات, دون ان يشعر بأي حرج, ودون ان يقيم اي اعتبار لمشاعر المواطن العربي الذي تستفزه على حد سواء, تصريحات الوزير الامريكي, واستهانة حكامه به عندما يخفون عنه ما يدور في هذه الزيارات رغم انه ووطنه من تمسهم هذه الزيارات وما ينتج عنها. وهؤلاء الذين يخفون نتائج الزيارات واسرارها عن مواطنيهم يفعلون ذلك استهانة بالمواطن ومسئوليتهم امامه, او يستهينون بوعي هذا المواطن الذي يملك من الوعي والمتابعة والاطلاع ما يمكنه من معرفة او تقدير ما يجري حتى لو اخفي عنه, فالمواطن العربي يدرك ان العنوان الرئيسي لهذه الزيارات هو كيفية ادامة الحصار على العراق, وكيفية زج اكبر عدد من الدول العربية لتبقى طرفا في هذا الحصار, وتطويق اي تراخ في هذا المجال قد يبدو عن هذا الطرف العربي او ذاك, امام حالة الحرج التي يفرضها عليهم الوضع اللاانساني في العراق, ذلك الوضع الذي لم يعد مقبولا من المجتمع الدولي, فضلا عن المجتمع العربي. ولا تكتفي الادارة الامريكية بادامة الحصار, فهي تمارس العدوان يوميا على العراق, وتعد لعدوان اوسع واكبر, وهذه الزيارات تدخل في سياق تهيئة المنطقة, واجوائها السياسية, وقواعدها العسكرية, البرية والبحرية, لهذا العدوان. ولا يفوت المواطن العربي ان يدرك ان زيارة كوهين, وقبله وبعده, زيارات المبعوثين الاقتصاديين والسياسيين الامريكيين للمنطقة, تضع هدفا دائما لها هو ابتزاز المنطقة وحلب ثرواتها, مساهمة في دعم الاقتصاد الامريكي, وتنشيط سوق السلاح الامريكية, ووضعها دوما في حالة خوف من عدو وهمي اسمه العراق, واحيانا ايران, تمهيدا ربما لخطوة قادمة تقنع فيها الادارة الامريكية حكامنا بالتعاون مع اسرائيل, والاستعانة بها, لمواجهة هذه الاخطار المزعومة. وفي هذا السياق ترتبط دوما زيارات كوهين للمنطقة العربية بزيارة اسرائيل, لتعزيز التعاون العسكري الامريكي الاسرائيلي, ووضع التحالف الاستراتيجي بينهما في خدمة اهدافهما المشتركة, وفرض السلام الاسرائيلي بشروطه المذلة والمجحفة بالحقوق العربية. وكل هذه الاهداف لايخفيها المسئولون الامريكيون, ولا يتحفظون في اعلانها ولو من باب اللياقة تجنبا لاحراج مضيفيهم. وحين لاتترك الادارة الامريكية, بصراحتها, مجالا لتأويل نواياها واهدافها, يمكن للحاكم العربي ان يستخدمه للمناورة, فان سكوته يفسر من باب القبول, اما رضا, واما خوفا, واقصى ما نطمح فيه هو الا يكون التفسير الاول هو السبب, وان كنا نعلم ان بعضهم اصبح متورطا اكثر مما يجب. واذا افترضنا ان الخوف هو العامل الغالب في الموقف الرسمي العربي, فحتى هذا, لايستوجب الانسياق وراء اهداف السياسة الامريكية والاسرائيلية في المنطقة, والانخراط فيها, لان ذلك يتم عن نظرة قصيرة الامد لاترى غير معطيات الحاضر, ولا تحسب حساب التفاعلات التي يحدثها تراكم مثل هذه المواقف لدى المواطن العربي, بحيث تنعكس نتائجها سلبا على مستقبل هؤلاء الحكام انفسهم.

Email