مع الناس: بقلم عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المفترض أن نشهد اليوم السبت الموافق التاسع من اكتوبر من عام1999حدثاً فريداً من نوعه في التاريخ, هو حسب رأي البعض من أهم أحداث قرننا الحالي الذي يطوي آخر سنواته غير مأسوف عليه, حين نرى تطوراً نوعياً يمس رياضة الملاكمة, بمبارزة بين رجل وامرأة تستضيفها مدينة سياتل الأمريكية . طبعاً الملاكمة بين الرجال والنساء رياضة موجودة منذ بدء التاريخ إلا أنها لم تظهر الى العلن لكي يشاهدها الناس عبر أجهزة التلفزة أو حين يتحلقون حولها لتأييد الرجل أو لتأييد المرأة, فالملاكمة من المطبخ إلى غرفة النوم مروراً بصالون البيت وحديقته وحماماته لم تتوقف يوماً, والرجل منا (أو المرأة) يعيش هذه الملاكمة بشكل شبه يومي, ينتصر فيها حيناً ويخسر أغلب الأحيان بالضربة القاضية, ربما بسبب الضرب تحت الحزام. الجديد كما ترون اذن, هو أن الملاكمة تصبح علنية وعلى الهواء مباشرة, وشخصياً جهزت نفسي لسهرة مع هذه الملاكمة مفضلاً إياها على برامجنا الفضائية كلها, لأرى كيف يمكن للملاكم ان يسدد الضربات للملاكمة التي تنافسه على الحلبة من دون أن يكسر لها سناً أو يسبب لها عاهة, ولأرى بالمقابل كيف يمكن للملاكمة أن تفوز على الملاكم من دون ان تلجأ الى عضه وقطع أذنه مثلاً أو أنفه. وفي الخبر أن الملاكمة مارجريت ماجريجر هددت بجلد منافسها الملاكم لوي تشاو لكي تثير غضبه فلا يتردد في الصعود الى الحلبة لملاقاتها, وهي تقصد طبعاً أنها سوف تجلده بلسانها عن طريق شتمه واستفزازه واخراجه من طوره لكي يثور عليها فيقبل بملاكمتها, ما أتصور مع هذه الحالة أن تنتهي الملاكمة بنحيبها وصراخها على الحلبة وهي تطلب النجدة من ماما وبابا وطنط وتيتا. غير أن المتوقع غير ذلك تماماً, فالملاكم وإن بدا قوياً بعضلاته وشواربه وغاضباً من استفزاز منافسته له سيجد نفسه في حيرة من أمره, فأولاً مساحة توجيه اللكمات لخصمه ضيقة لا تتجاوز حدود الوجه والرقبة, لأن ما تحت ذلك سيدخل ضمن منطقة الحزام الأمني حيث يمنع الضرب, وثانياً لأن أية ضربة مؤلمة في الوجه, تصرخ على إثرها الملاكمة كفيلة بوصف الملاكم بالوحشية والبربرية, فمن يجرؤ على ايذاء امرأة ما لم يكن وحشاً فعلاً؟ على العموم لن نستبق الأمور لكي نرى نتائج هذه الملاكمة الفريدة, التي لو نجحت ومرت من دون كوارث, فإنها ستكون فاتحة خير لغيرها من الرياضات ككرة القدم والمصارعة وكرة الطائرة والجودو والكاراتيه, فيلعب فيها النساء ضد الرجال, او تكون الفرق فيها مختلطة رجالاً ونساء, خاصة ان مباراة سياتل اليوم تقام بوصفها تطوراً في قوانين المساواة بين الجنسين. هذا التطور طبعاً هو ما جعلنا نصف المباراة اليوم بالحدث الفريد في التاريخ, فمن يدري ربما تخوض الدول في الألفية الثالثة التي تقف وراء الابواب المنافسات الرياضية بفرق كلها من النساء, فيكون عندنا في الوطن العربي فرق رياضية نسائية تحقق لنا بطولات عجزت عنها فرق الرجال, كما عجز هؤلاء عن كل نصر آخر, من فلسطين سابقا الى ديزني حالياً, والحبل على الجرار؟ عبدالحميد أحمد

Email