ليس بالمجاملة بل بالمعالجة، صحافتنا .. السلطة الرابعة، بقلم نجيب عبدالله الشامسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المعروف ان الصحافة تعتبر سلطة رابعة في اي مجتمع, ويأتي هذا التصنيف انطلاقا من اهمية الكلمة المكتوبة ودور الصحافة في معالجة اوجه الضعف أو الوهن في المجتمع وصولا نحو الارتقاء بالانسان والمجتمع . وحينما تقول الصحافة كلمتها المسؤولة فيعني ذلك انه لا بد من الوقوف عند تلك الكلمة وفهم ابعادها واهدافها.. انها العين الساهرة على المال العام والصالح العام, وحقوق الانسان والمجتمع ومكتسبات الوطن. بتلك الكلمة تتحقق النهضة ويظهر الحق, انها السلطة الرابعة التي يجب الانصات الى كلمتها.. انها مؤشر التقدم والازدهار, أو التخلف والتراجع. الصحافة كلمة.. والكلمة امانة, والامانة مسؤولية, ومن لايستطيع حمل هذه المسؤولية عليه ان يتنحى من مكانه ويترك لمن هو اهل لحملها ان يتبوأ هذا المكان انها المنبر الحر وصوت الحق. هي الفلسفة التي ننشدها في صحافتنا, الصحافة التي تجسد صوت الحق كي يصدح عاليا. ونور الحق الذي ينير الظلام.. صحافة حرة هدفها تقدم المجتمع ونهضة الانسان.. وها هي دعوة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الاعلام والثقافة بضرورة ان تستفيد الصحافة ووسائل الاعلام الاخرى من الهامش الكبير لحرية الكلمة لتعبر عن طموحات الانسان واماله, لتعري بواطن الضعف في المجتمع وتطرح المعالجة الامنية لتتفاعل مع قضايا المجتمع. لتمارس دورها كسلطة رابعة. صحافة المعالجة لا المجاملة. صحافة الكلمة الأمنية لا صحافة الكلمة المبتورة.. التحول لقد قدمت الدولة بمؤسساتها المختلفة كل الدعم للصحافة كي تحقق حضورها في الساحة العربية, وفي اجواء الكلمة الصادقة, والمناخ الصحي, وذلك كي تمارس دورها الطبيعي, وقد جاءت كلمة سمو وزير الاعلام والثقافة لتعزيز هذا التوجه. ولكن المتتبع لصحافة الامارات يجد انها حققت تطورا قياسيا في مستواها الفني والتقني, وكانت دائما في قلب الحدث في العالم, بل اصبحت تهتم كثيرا بوتيرة الحياة لدى مختلف الشعوب والامم. فيما هي سجلت تراجعا في تناول قضايا المجتمع الاماراتي بالتحليل الدقيق والمعالجة الصحيحة, ولم تتفاعل مع قضايا المجتمع المحلي بالشكل الذي يؤهلها لان تكون سلطة رابعة, وقد تعاملت مع قضايا المجتمع بدرجة كبيرة من السطحية, الامر الذي جعل القارىء في الامارات لايشعر بمصداقية الكلمة المقروءة في صحافتنا رغم الاهتمام الكمي ببعض القضايا, ولكن لم تكن بدرجة تؤهلها لان تكون حاضرة في ذهن افراد المجتمع!! غير أنه في الآونة الأخيرة فجرت الصحافة العديد من القضايا التي تشير الى وجود خلل كبير يحدث في مجتمعنا ومؤسساته المختلفة. فقضية واقع المدارس التي تم تناولها في الصحف بشكل جيد وتبيان حقيقة مستوى الصيانة, والنقص الشديد في البنية الاساسية للتعليم, جعلتنا نتساءل اين هو واقع التعليم في اهتمام الدولة؟! واذا كان هذا هو واقع البنية الاساسية في التعليم فكيف يمكن ان تتحقق رؤية التعليم التي تطالب بها وزارة التربية والتعليم؟ بل ان موضوع الرؤية قد وجد تفاعلا جيدا من قبل المعنيين بالتربية والتعليم من مسؤولين وغيرهم, حتى الشرائح المختلفة من مجتمع الامارات قد تفاعلت مع قضية رؤية التعليم هذه, ومن دون شك ان هذا الطرح يسجل امانة المسؤولين في الوزارة كي يتلمسوا أوجه الخلل والضعف في استراتيجية التعليم. وتأتي قضية المدارس وواقع الصيانة لتأكد أنه لا رؤية تعليمية دون وجود بنية اساسية للتعليم وهي المدارس والمرافق التعليمية الاخرى. لقد كانت الصحافة حاضرة دائما في تلك القضايا. ثم جاءت قضية وزارة الصحة أو قضية (مريم ومعالي الوزير) وقد تم تناول القضية في صحافتنا بشكل جيد حيث تأكد لنا ولمعالي الوزير نفسه ان هناك خللا في مستوى الخدمات الصحية يجب معالجته. كما يجب التصدي لكل من يحاول تحقيق مآرب شخصية على حساب مستوى الخدمة الطبية او الصحية التي تقدمها الدولة للمواطن والمقيم وانني على ثقة ان معالي وزير الصحة تابع تفاعل الصحافة, وان الصحافة في هذه المرة قد قدمت له حقيقة واقع الوزارة كي تتم معالجة اوجه الضعف. عهد جديد اما قضية الاسكان فقد حظيت ايضا باهتمام الصحافة حيث اشهرت احدى الصحف حقيقة توزيع المساكن الشعبية التي تتكفل الدولة ببنائها بقصد تقديمها لذوي الحاجة ولكن يتم توزيع هذه المساكن لغير المستحقين لها. الامر الذي جعل الصحافة تتعامل مع هذه القضية بشكل جاد مشيرة الى مدى اهمية العدالة الاجتماعية في المجتمع وبضرورة اعطاء الحق لأصحابه. وبهذا فان الصحافة تطرح قضية الاسكان بشكل يخلو من المجاملة, ومن دون شك فإن وزير الاشغال العامة والاسكان قد اتخذ قراراته في شأن تلك التجاوزات. بل ان حتى قضية الرياضة في الامارات تم التعامل معها بشكل اكثر موضوعية واكثر جدية, حينما تم انتقاد مجلس ادارة اتحاد الكرة بعد اخفاق منتخبنا في الدورة العربية, وكانت الاعمدة المكتوبة والتحقيقات فيها الكثير من الصراحة والمواجهة الموضوعية الامر الذي جعل رئىس الاتحاد وهو سمو وزير الاعلام والثقافة يقوم باتخاذ قرارات كبيرة في شأن معالجة هذا الضعف وذلك بحل مجلس ادارة اتحاد الكرة واقالة المدرب!! اذن هاهي الصحافة ها هي البداية المنتظرة, وهاهو الفعل الحقيقي والدور المطلوب لصحافة الامارات. انها المسؤولية.. الكلمة.. التي يتفاعل معها الجميع.. نعم قد ادرك المسؤول ان هناك صحافة واعية وأمينة سوف تتصدى لأوجه الضعف والخلل.. ادرك القارىء ان هناك قضايا مجتمعية سوف تتلمسها الصحافة وسوف تجعل صفحاتها اكثر بياضا وامانة.. وهذا الأمر الذي دفع العديد من الاقلام الأمينة ان تتحرك في صحافتنا. تلك القضايا تفاعل معها الجميع ككتاب او صحفيين او قراء, حيث تحولت المقاهي والمجالس والجمعيات الى منتديات لمناقشة تلك القضايا.. حركت تلك المواقف وهذا الطرح العديد من الأقلام خارج الوسط الصحفي كي تساهم بدورها في مناقشة تلك القضايا.. سواء كانوا مواطنين ام من غير المواطنين الذين حملتهم غيرتهم على وطنهم كي يستفيدوا من هذا الهامش ويلبوا دعوة سمو وزير الاعلام والثقافة. هكذا تحرك المداد الذي طال جموده في اقلام المثقفين واصحاب الكلمة كي يدلوا بدلوهم في قضايا المجتمع. وهكذا دبت الحياة في حروف كلمة الصحافة لتتحول الى مياه نقيه تتدفق في شرايين الصحافة معلنة عن عهد جديد وحضور أكيد. بقي ان نناشد المثقفين من ابناء الامارات والعروبة الغيورين على وطنهم, كي يساهموا بكلمتهم بأمانة وموضوعية. اننا ننشد مجتمعا جديدا ومستقبلا باهرا في ظل ميلاد سلطة رابعة فاعلة. * كاتب وباحث من الامارات

Email