خط مباشر: الجزائر .. ثم ماذا بعد؟بقلم أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

فور اعلان نتيجة الاستفتاء الشعبي الذي جدد التفويضي للرئيس بوتفليقة عن طريق اجازة مشروع قانون (الوئام الوطني) تساءل احد قادة (جبهة الانقاذ الاسلامي) : ماذا سيكون موقف الجيش؟ان مثل هذا التساؤل وارد بالحاح شديد ليس بسبب معاداة المؤسسة العسكرية لجبهة (الانقاذ) فحسب, وانما ايضا بسبب ما بات معلوما بأن هناك عصابتين اجراميتين تحترفان ممارسة العنف المنظم باسم اسلامي ـ (الجماعة الاسلامية المسلحة) , وانهما تعملان . في احد تعليقاته على نتيجة الاستفتاء قال الرئيس بوتفليقة انه يعتزم استخدام سلطاته الدستورية (الكاملة) وفسرت وسائل الاعلام الغربية هذا التعليق بأن الرئيس لن يسمح لقادة الجيش بمزاحمته في السلطة, واذا صح هذا التفسير وهو الاقرب إلى الواقع, فان معناه ان الصدام بين الرئيس والمؤسسة العسكرية لا محالة واقع, وستكون اولى قضايا الصدام مصير (الجماعة الاسلامية المسلحة) . لقد نأى هذا التنظيم الخفي بنفسه عن دعوة الرئيس بوتفليقة إلى السلام ونبذ العنف مواصلا ممارساته في القتل الجماعي بأساليب وحشية, والسؤال المطروح اذن هو: كيف يتمكن الرئيس من محاربة هذا التنظيم الاجرامي بهدف القضاء عليه؟ فاذا كان المفترض انه لا يمكن تحقيق هذا الهدف الا بالاستعانة بقوات الجيش, فكيف تتجاوب قيادة المؤسسة العسكرية مع الرئيس في هذا الصدد اذا كانت هي نفسها التي ترعى (الجماعة الاسلامية المسلحة) ؟ يبقى هذا السؤال مفتوحا, فلا توجد اجابة حاضرة عليه الان, فالرئيس بوتفليقة لم يكشف عن اوراقه في هذا الصدد, تبقى فقط الاحتمالات: فاما ينفض الجنرالات ايديهم نهائيا عن العصابة الاجرامية, وبالتالي يتعاونون مع الرئيس في القضاء عليها, وبذلك يحمل السلام الكامل في المجتمع الجزائري, واما ان تتلكأ المؤسسة العسكرية أو تمتنع عن التعاون مع الرئيس, وفي هذه الحالة لابد ان تقع مواجهة خطيرة ومكشوفة بين الرئيس والجيش, واذا تبلور مثل هذا التطور وتفاعل لفترة ما فانه ربما يفضي إلى انقلاب عسكري أو تصفية الرئيس. على الجبهة الاقتصادية تنتظر الرئيس مواجهتان, احداهما داخلية والثانية خارجية, فعلى الصعيد الداخلي سوف يجد بوتفليقة نفسه مصادما لشريحة كبار رجال الاعمال الذين اتهمهم باحتكار حركة استيراد السلع الضرورية واستغلال هذا الوضع الاحتكاري المتميز في تقاضي اسعار مضاعفة اضعافا كثيرة مما ادى إلى استشراء الغلاء, اما على الصعيد الخارجي فسوف يجد نفسه في مواجهة (صندوق النقد الدولي) ووصفاته القاسية التي تضيف غلاء على غلاء. وهنا تطفو على شاشة الذهن تلقائيا صورة انتفاضة الشارع عام 1988 التي اثمرت تراجع السلطة وقبولها اجراء انتخابات تعددية حرة, تلك الانتخابات التي اكتسحها الاسلاميون واجهضها الجيش بانقلابه في مطلع ,1992 كانت الشرارة التي اشعلت تلك الانتفاضة الجماهيرية العارمة اجراءات حكومية برفع اسعار عدد من السلع الضرورية استجابة لوصفة صندوق النقد الدولي. وصفوة القول ان الرئيس بوتفليقة سيواجه بمشروعه الاصلاحي الشامل تحديات جسيمة على اكثر من جبهة واحدة, داخليا وخارجيا, وبالتالي فانه يركب مخاطرة ولا نملك الا ان ندعو له بالتوفيق.

Email