أبجديات: بقلم عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

عجيبة حقاً هذه الحكايات التي تصلنا من المدارس عبر الهاتف ورسائل البريد, امهات وآباء وطلاب وطالبات يروون اموراً خطيرة تحدث في أروقة المدارس وحجرات الدرس, ما يجعلنا بين مصدق ومكذب نسارع الى اوثق من نعرف من المعلمين والمعلمات في هذه المدارس لنتأكد ان ما يقال حقائق وليست اشاعات ابداً.ولية أمر اتصلت بنا وهي قاب قوسين أو أدنى من البكاء , حكاية هذه الأم ان لها ابنة قضت أغلب سنوات دراستها في احدى المدارس الخاصة وعندما اصبحت في المرحلة الثانوية فضلت العائلة ان تكمل ابنتها دراستها في المدارس الحكومية, إلى هنا والحكاية عادية جدا والعائلة تمارس حقا مكفولاً لكل مواطن في مجانية التعليم, لكن الذي هو غير عادي ما حصل لهذه الابنة في المدرسة الثانوية الحكومية التي انتقلت اليها!! فأول الاخطاء جاءت من ادارة المدرسة حيث قوبلت ولية الأمر بشيء من التجهم والجفاء ما فسرته بعض المعلمات بأنه سلوك عادي من مديرة المدرسة التي تمارس فلسفة تربوية خاصة بها تتمثل في معاملة الآخرين (معلمات, طالبات, اولياء امور..) على طريقة ملوك القرون الوسطى الذين يتعاملون مع الناس من ابراجهم العاجية بمنتهى التعالي والفوقية! وهنا نُذكّر هذا النوع من المدراء بحقيقة ان المدارس والمؤسسات الحكومية التي يديرونها ليست ابدا اقطاعيات خاصة موروثة لسيادتهم وانما هي مؤسسات خدمية نشأت لصالح الجمهور اولا واخيرا. ثاني تلك الاخطاء غير المبررة هو طريقة تعامل المعلمات مع هذه الطالبة الجديدة دون ادنى مراعاة لهذا الانتقال النفسي الذي تمر به, فهي تنتقل ولأول مرة بعد عشر سنوات من الدراسة في مناخ المدارس الخاصة الى مناخ حكومي مغاير تماماً, ثم انها تنتقل الى بيئة جديدة من حيث العلاقات الانسانية مع زميلات جدد ومعلمات مختلفات, ثم ان التخصص الذي تبدأ به حياتها الدراسية في المدرسة الحكومية جديد جدا الا وهو القسم العلمي بكل اعبائه ومتطلباته ما يحتاج الى مراعاة وتهيئة واستيعاب من قبل المعلمات ليس لهذه القادمة الجديدة وانما لكل الطالبات الملتحقات بهذا القسم. ان تفاصيل كثيرة والفاظا وجملاً لا ينبغي ان تصدر من معلمات تسمعها الطالبة في بداية التحاقها بالقسم العلمي تحديدا, يصل بعضها حد الاهانة وتوجيه الاتهامات بالغش والكسل والغباء مع ان العام الدراسي بالكاد يبدأ!! فلماذا يحدث كل هذا؟ هل بسبب ما يشاع من ان هذه هي الطريقة المثلى لدفع الطالبات لتغيير تخصصهن والالتحاق بالقسم الادبي الذي ينظر اليه بدونية من قبل معلمات العلمي باعتباره قسم (الكسالى) على حد وصف الكثيرات منهن!! تحتاج بعض المعلمات على ما يبدو الى دورات مكثفة قبل بداية العام الدراسي وخاصة في فترة اعمال الصيانة, للتعمق في مهارات التعامل مع الطالبات وفهم نفسياتهن وخاصة في مرحلة الانتقالات الجذرية من سن الى سن اشد حرجاً, ومن مرحلة دراسية الى اخرى, كما تحتاج كثير من المعلمات ايضا الى التنبيه الدائم ولفت النظر الى ما يتلفظن به من جمل وكلمات وما يصدر عنهن من تصرفات بحق الطالبات. ثم ان اختيار التخصص اذا ترك امره للطالبة فلا يحق للادارة او المعلمات التدخل بأشكال ملتوية لدفع الطالبات الى تغييره تخلصا من اعباء وضغوطات طالبات ذوات مستويات متدنية, والأفضل والأصح ان تحسم الادارة امر التخصص اعتمادا على نتائج الطالبة في الصف الأول الثانوي وليتحول الامر الى قانون مدرسي غير قابل للجدل. لقد دفعت الطالبة صاحبة حكايتنا ثمنا من مشاعرها واعصابها, ما جعل الأم تحسم امر ابنتها بأن تعيد تسجيلها في مدرستها الخاصة الاولى منهية فصلاً آخر من فصول اشكاليات العلاقة بين الطلاب ومدارسهم.

Email