خط مباشر:العراق.. إعادة نظر أمريكية(2 ـ 2)بقلم أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمام مجلس الأمن الدولي مشروعان بشأن رفع العقوبات عن العراق: مشروع بريطاني تدعمه الولايات المتحدة ومشروع فرنسي تدعمه كل من روسيا والصين. ولأن المجال لايتسع لعرض المشروعين بالتفصيل فاننا نكتفي بايجاز المقترح المحوري لكل منهما.المشروع البريطاني يدعو لرفع العقوبات بطريقة بطيئة مجزأة وقابلة لاعادة النظر في اي وقت مستقبلي . ووفقا للمشروع يرفع الحظر النفطي عن العراق لفترة محددة قدرها اربعة أشهر شريطة ان تقبل بغداد آلية لمواصلة التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل يتفق عليها مجلس الأمن. واذا لم تحدث عرقلة لآلية التفتيش من جانب بغداد خلال فترة الشهور الأربعة يجري التجديد لفترة مماثلة.. وهكذا. أما المشروع الفرنسي فيدعو الى رفع الحظر النفطي والحظر التجاري معا عن العراق وبصورة فورية وكاملة ودون ابتداع آلية للتفتيش عن الاسلحة. وعوضا عن هذه الآلية يقترح المشروع ان يعين مجلس الامن لجنة مالية مهمتها مراقبة مسار الانفاق العراقي بحيث نستوثق من ان العائدات المالية العراقية لاينفق منها شيء على شراء اسلحة الدمار الشامل وما يتبعها من مواد وتجهيزات. وبمقارنة المشروعين البريطاني والفرنسي نجد مايلي: * ان المشروع البريطاني ينظر الى الوراء بمعنى إبقاء الشك بان بغداد (كانت) تملك اسلحة دمار شامل ربما مازال شيء منها مخفياً, وبالتالي ينبغي مواصلة عمليات التفتيش التي كانت قائمة حتى نهاية العام الماضي عندما طردت بغداد لجان التفتيش. اما المشروع الفرنسي فإنه يدعو ضمنا الى طي صفحة الماضي والنظر الى المستقبل بمعنى ان مهام التفتيش قد انتهت بحيث لم يعد العراق يملك اسلحة او مواد دمار شامل وعليه لايبقى امام مجلس الامن سوى فرض رقابة تحوطيه للمستقبل. * ان المشروع البريطاني ـ الذي تؤيده الولايات المتحدة بقوة ـ هو بالضرورة مشروع ابتزازي يهدف الى ابقاء العقوبات كسيف مسلط معلق فوق عنق بغداد.. وبالتالي لاعادة الاستخدام كلما كان ذلك ملائما للسياسات والمصالح الامريكية البريطانية في منطقة الشرق الاوسط. واذا صحت الفرضية بان الولايات المتحدة وصلت الى قناعة بمراجعة موقفها تجاه العراق للاعتبارات التي شرحناها في الحلقة السابقة فإن الاحتمال الاغلب ان تقترح واشنطن صيغة وسطية للمزاوجة بين المشروعين البريطاني والفرنسي. هذا فيما يبدو هو الغرض من اجتماع ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن في لندن الذي دعت اليه واشنطن. ان هناك ثلاث دول من بين الدول الخمس (فرنسا وروسيا والصين) تقف الى جانب العراق مطالبة بانهاء عهد العقوبات فورا, في مواجهة الدولتين العضوتين الاخريين, الولايات المتحدة وبريطانيا. نحن هنا اذن بازاء عملية شد حبل تعكس صراعا للمصالح. ومع تصاعد اسعار النفط العالمية فإن فرنسا وروسيا والصين تتحرق كل منها تطلعا الى سوق عراقية مستقبلية تحسب قيمة طلباتها بمليارات الدولارات سنويا في صورة تعاقدات متصاعدة ومتجددة لأي شي وكل شيء.. من الاغذية والملبوسات الى طائرات الركاب واعادة تأهيل حقول النفط عبورا بالسيارات وشبكات الاتصالات. هل اذن يحدث تراجع امريكي حتى يلتقي المشروعان المعروضان امام مجلس الامن عند صيغة تحوز رضا المعارضين الثلاثة؟ هذا هو السؤال الذي ننتظر من التطورات ان تأتينا بالاجابة الشافية عليه.

Email