المجتمع المدني أمام تحديات قرن جديد(1)نحو ميثاق عالمي للحماية من التلوث، بقلم: قاسم سلطان *

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع بداية القرن المقبل سيواجه المجتمع المدني والبشرية بشكل عام تحديات كبيرة وكثيرة, وكل المؤشرات تدل على ذلك وسوف يعيش الانسان حياة مختلفة عما نحن عليه اليوم.ان نمط الحياة واسلوبها في القرون الماضية وحتى النصف الاول من القرن الحالي كان بطيئا جدا, مقارنة بالتغييرات التي شهدها النصف الثاني من هذا القرن, وذلك مع بدء الثورة العلمية واستحداث التكنولوجيا والتقدم العام الذي حدث في شتى المجالات , والقابل الى الآن للتجدد والابداع في كل وقت, ومما لاشك فيه, ان كل هذا سوف ينعكس سلبا وايجابا على نمط حياتنا, وسوف يسرّع في تغيير مسار البشرية. قد يعيش الانسان في قرن من الرفاهية وبالتالي لايمكن الاستغناء عن الانواع المختلفة من التكنولوجيا الحديثة, من ألكترونيات وادوات كهربائية وكذلك الانظمة السمعية والبصرية وادوات الزينة والتجميل والملابس المتجددة, وقد تتغير ايضا سلوكيات المجتمع وعاداته وطريقة معيشته. تحديات بيئية هذه مقدمة بسيطة قبل الدخول في موضوعنا الذي بكل تأكيد سوف يكون له الأثر السلبي على المجتمع في المستقبل ويتمثل في: 1) التلوث البيئي. 2) حركة السير والمرور. فأي هذين الجانبين اكثر ضررا وسلبية على المجتمع؟ التنبؤ بذلك سابق لأوانه من وجهة نظري على الاقل. فلنبدأ بالتلوث البيئي ويندرج في عدة عوامل: العامل الاول: ويشمل الآثار المترتبة على الاستخدامات التكنولوجية ومخلفاتها مثل: أ ـ التقدم العلمي والمخلفات الناتجة عنه. ب ـ الاسلحة الثقيلة والاسلحة الخفيفة واستخدامها ولو على سبيل التجربة. جـ ـ المواد الناتجة عن الصناعات الخفيفة. د ـ مخلفات البترول ومشتقاته ومخلفات الادوية. هـ ـ التلوث الناتج عن استخدام وسائل النقل من سيارات, طائرات, بواخر.. الى آخره. اما اخطرها فهي التجارب النووية التي تقوم بها الدول المتقدمة والنامية منذ بداية القرن الحالي, وقد أثرت وتؤثر تأثيرا كبيرا على كوكبنا. تلك هي اهم اسباب مخاطر التلوث. العامل الثاني, ويتمثل في: زيادة عدد السكان في العالم وماينتج عن ذلك من مخلفات يومية. بالاضافة الى ان هذه الزيادة كانت وستكون سببا رئيسيا للقضاء على الغابات والأشجار, وذلك بغرض الاستفادة منها لحاجة البشرية أو بسبب التوسع السكاني, هذا مع العلم بأن بقاء هذه الغابات كان ومازال وسيلة من الوسائل الرئيسية لمنع التلوث والابقاء على نقاء الجو. وهنا لابد من ابداء ملاحظة قد تكون هامة وهي ان دول اوروبا وامريكا الشمالية لديها قانون يحمي الاشجار خصوصا في الغابات, ينص على أن من يقطع شجرة لأي غرض عليه أن يزرع بجانبها شجرة, أما عن دول آسيا وافريقيا فالاشجار تحرق حرقا دون رحمة, وذلك بسبب الحروب القائمة بين دولها, أو ضمن حدود وطن واحد, فالاشجار ليست أغلى من الانسان, والحرب كما يقول المثل تأكل الاخضر واليابس. اما في قارة امريكا الجنوبية فهناك دول تقضي على الغابات دون حسيب او رقيب, وتبيع اشجارها الى الدول المتقدمة. مسؤولية عالمية هذه العوامل وغيرها ليست سوى إنذار عن الخطر الذي ينتظرنا فيما يتعلق بالتلوث البيئي, ومما لاشك فيه ان هناك جهودا انسانية وعلمية تبذل للتصدي لهذه الظاهرة, وذلك لتسخير كل امكانية التقدم العلمي والتكنولوجي الحديثة في سبيل القضاء عليها, فهناك بحوث علمية جادة من قبل الدول المتقدمة, وقد استطاع العلماء والباحثون في هذا المجال القضاء على جزء من هذه الظاهرة وذلك بزيادة استخدام وسائل تكنولوجية حديثة, لكن تظل هذه المحاولات في بعض المجالات, وفي الدول المتقدمة, اما الدول النامية فهي الاكثر تضررا, مع انها لاتملك تلك المصانع الهائلة. فقد تم اخيرا تكوين شبكة دولية لرصد تلوث الهواء على مستوى العالم, ويطلق عليها اسم (نظام رقابة البيئة الكونية) (GEMS), وقد قامت هذه الشبكة بجمع البيانات في 175 محطة رصد في 75 دولة, وبعد تحليل البيانات عن 54 مدينة على مستوى العالم اتضح ان جودة الهواء مقبولة في 27 مدينة منها فقط, بينما سجلت ارتفاعا في 11 مدينة منها لندن, نيويورك, هونج كونج, وكانت غير مقبولة في 16 مدينة منها باريس, مدريد وريودي جانيرو, لكن تبقى الدول النامية والتي مازالت نسبة التلوث فيها مرتفعة جدا, حتى ان بعض هذه الدول لاتوجد بها انظمة لرصد تلوث الهواء. وحتى نخرج بميثاق عالمي ينص على عدم السماح بتلوث كوكبنا والتوقف عن أي إجراء يضر بكوكبنا تحت أي ظرف وبأي مفهوم, وتتقيد بموجبه الدول الكبرى والمتقدمة قبل الصغرى والنامية, وباستخدام جميع التقنيات العملية والتكنولوجية الحديثة من اجل خدمة البشرية, وذلك بالحفاظ على البيئة ومايحيط بها, ستظل هذه المشكلة عالقة الى ماشاء الله. (الحلقة القادمة: حركة السير والمرور وضررها على المجتمع) * مدير عام بلدية دبي

Email