أبجديات:بقلم- عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الجزء الثاني من ندوة أفضل الممارسات الحكومية التي عقدت بفندق جميرا بيتش تحدث أربعة من قيادات الادارات الحكومية في دبي عن تجارب دوائرهم في مجال الانجاز والتميز , هم: قاسم سلطان, ضاحي خلفان, سلطان بن سليم ومحمد العبار. وبصراحة شديدة فلقد كان حديثا في التباهي أكثر منه في اقناع الحضور بتجربة التميز والابداع, لدرجة الدخول في متاهة التضخيم والتفخيم, كما ذكر معالي احمد حميد الطاير وزير المواصلات في تعقيبه الأخير على المحاضرين. وبالفعل فعندما يتحدث مدير ادارة معينة ذاكرا انجازاتها الكثيرة في المجال الذي تختص به, فإن ذلك لا يعد من العبقرية في شيء, فتميز بعض الادارات أمر طيب ومشهود, ولكن من قال ان هذا التميز في أداء الخدمات يستحق كل هذا التباهي؟ وأظن بأننا يجب أن نتفق بأن أداء الخدمة بشكل جيد هو الطبيعي والمطلوب, فإذا فعله المرء, فذلك واجبه الذي لا ينتظر عليه الشكر, من قبيل مبدأ (لا شكر على واجب) أما اذا أثنت الحكومة على أداء متميز, وكافأت ادارة ذات منجزات مبدعة, فإن ذلك من قبيل التشجيع لها للاستمرار على نهج الجودة ولغيرها للسير على الطريق نفسه, لا أكثر ولا أقل!! معالي أحمد الطاير كان (فاكهة) الندوة عندما ختمها بعبارته الجريئة (يجب الابتعاد عن (النفخ) في تلك الانجازات كي لا نصل لمستوى الغرور, فنحن لم نوصل انسانا الى القمر حتى الآن, ولكننا حققنا مكاسب ما علينا سوى الحفاظ عليها) . ان حصول دائرة على جائزة الجودة وتحقيقها لمستويات معينة من الخدمة الجيدة ــ كما استعرضها مدراء الدوائر الأربعة في محاضراتهم لا يعني أبدا ان كل العاملين في هذه المؤسسات يعملون بعقلية الجودة والتميز, فالكثير من الاخطاء والسلبيات تعشش في الدوائر الحاصدة لجوائز الجودة, والمجتمع يشكو الكثير مما يحدث في هذه الدوائر, وان كانت هذه قد وصلت لمستوى يتميز عن غيرها, فليس معنى ذلك انها وصلت الى درجة الكمال والكل يعرف ذلك. انه حتى اليوم والغد سيظل الناس يشتكون من سوء الخدمة المقدمة في دوائر عديدة ليس لأن ارضاء الناس غاية لا تدرك, وانما لأن الروتين والفساد والمخالفات وتدني خدمة العملاء ما زالت من السلبيات الضاربة في نخاع مؤسساتنا ودوائرنا المحلية, ومهما حاول مدراء وقادة هذه الدوائر اظهار أنفسهم بمظهر الرجال الذين يصنعون المعجزات, الا ان للناس عيونا ترى ومعاملات لا تنجز ومخالفات وفسادا يمارس جهارا عيانا دون ان يجرؤ أحد على الكلام. فمن يجرؤ اليوم على القول بأننا حققنا الكمال في مؤسساتنا الحكومية فإنه يغالط نفسه والواقع, نحن نتمنى ان تصل مؤسساتنا لمستوى خدماتي متفوق, لكن ذلك يحتاج الى زمن وإلى عقول تتعامل مع انجازاتها بواقعية وموضوعية اكثر, بعيدا عن الاسلوب الدعائي الصارخ, فالمواطن لا يريد عناوين انتخابات ودعاية. لقد شبع من الدعاية والكلام وملَّ ذلك, يريد حقائق يلمسها عندما يتعامل مع مؤسساته فيذهب بأمل انجاز معاملته والحصول على خدمته ويعود وقد تحقق أمله, لا أن يعود شاتما لاعنا الساعة التي دخل فيها هذه الدوائر!!

Email