كوسوفو ... وهبلاء اليمامة ! بقلم - محمود السعدني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو ان (زرقاء اليمامة العربية تحولت في الوقت الحاضر إلى (هبلاء) اليمامة. وهي هبلاء ومسكوها طار وهات يا رقص وهات يا تحنجيل وهات يا عزف على مزمار حلف الأطلسي, ويا ميت ندامة على المسلمين في كوسوفو, الصرب دبحوهم وما رحموا دجاجة ولا خروفا ! مع ان هناك وجهة نظر أخرى لم نكلف أنفسنا حتى مجرد الاستماع إليها. وجهة نظر أخرى تقول ان المسلمين لا علاقة لهم بالأمر, وان هجرتهم من بلادهم جاءت نتيجة تحريض من بتوع الأطلسي, وكان صور السيدات الباكيات والاطفال الجوعى والشيوخ المرضى هي صور معمولة في الاستديو, هدفها حشد الرأي العام العالمي لدعم العدوان الأطلسي على يوغسلافيا وتقسيمها في هدوء وتحت دعوى حماية المسلمين وانقاذهم من البطش الصربي! ومع اننا نحن العرب كنا دائما ضحايا هذا التدليس الاعلامي, حين صورتنا ماكينة الغرب الاعلامية الجبارة على اننا المعتدين في أي حرب نشبت بيننا وبين اسرائيل, واتهمتنا بمحاولة القاء اسرائيل في البحر, مع اننا كنا الجانب الأضعف دائما, والاسرائيليون هم الذين القوا بالشعب الفلسطيني في الصحراء, وتحول شعب بأكمله إلى لاجئين ومشردين وانتهى عدد كبير من أفراده إلى جثث مطروحة في العراء. كيف لم نتعلم من تجاربنا المريرة؟ وكيف لم نستطع تفسير وجود الزعيم الألباني ابراهيم روجوفا في بلجراد لحظة تحليق طائرات الأطلنطي في أجوائها, وما السبب في كل هذه الشهامة التي ظهرت فجأة على الغرب تجاه المسلمين... خصوصا مسلمي كوسوفا؟ ولماذا لم تظهر هذه الشهامة نحو مسلمي القدس ومدن الضفة الغربية؟ هل هناك فرق بين المسلمين هنا والمسلمون هناك؟ هل المسلمون العرب أربعة سلندر فقط بينما المسلمون في البلقان من نوع الليموزين؟ ولكن ماذا نقول لهبلاء اليمامة إذا تحزمت على وسطها وهات يا رقص على الفاضية والمليانة؟ ثم إذا كان ضرب حلف الأطلسي للصرب هدفه التخفيض عن المسلمين, فلماذا ضرب مصانع السيارات وقصف مصنع الأدوية الكهربائية وتدمير الجسور على نهر الدانوب؟ لماذا لم يركز حلف الأطلسي على ضرب الآلة العسكرية اليوغسلافية أم ان حكاية المسلمين هي ذريعة فقط واسطوانة مشروخة لخداع هبلاء اليمامة, وربما تمهيدا لتقديم فاتورة الحرب لأغنياء المسلمين على أساس ان الحرب كانت دفاعا عن الاسلام الحنيف, واستمرارا لمعركة بدر الكبرى ضد الكفار الذين جمعوا فلولهم في كوسوفو اليوغسلافية! والعبد لله يدعوكم أيها السادة الى تدقيق النظر في الصور التي تبثها القنوات الفضائية العربية والأجنبية. وستلاحظون ان جميع الصور خضعت لاخراج فني وان الذين تتركز الكاميرا عليهم يختلسون النظر بين الحين والآخر قبل أن يجهشوا بالبكاء أو يصرخوا يطلبون النجدة, واأطلساه واانانتوماه! طيب.. هل هناك أهداف أخرى وراء ضرب الصرب؟ بالتأكيد على رأسها وضع الحقائق الدولية الجديدة على أرض الواقع. أولا الغاء الأمم المتحدة ووضع حلف الأطلسي مكانها.. من أراد ان يتظلم فليذهب إلى الأطلسي, ومن اراد ان يحتمي فليحتمي بالأطلسي. فهذا الحلف هو نادي الأقوياء.. أوروبا وأمريكا وكندا, هؤلاء هم أعيان الكرة الأرضية وأصحاب المصالح الحقيقية, الأمر أمرهم والشورى شورتهم, أما الأمم المتحدة فهي نادي خليط يضم كوستاريكا إلى جانب كندا, ورواندا الى جانب بريطانيا, والنيجر إلى جانب فرنسا, أصحاب القنابل النووية وأصحاب القنابل اليدوية. ثم هناك شيء آخر أخطر وهو توجيه رسالة هامة إلى روسيا. رسالة تقول.. هناك قوة أعظم واحدة هي الولايات المتحدة وما عداها فكلهم ركش, صحيح روسيا دولة نووية ولكنها في النهاية وزنها ليس بالوزن الكبير. واختيار يوغسلافيا ميدانا للمعركة هو اختيار موفق للغاية, لان يوغسلافيا هي دلوعة روسيا. وكل فتوة في العالم لا يسمح لأحد مهما كان بالاعتداء على دلوعته. وقد يخوض معركة الهول من أجله وقد يستشهد في سبيله, لان كرامة الدلوعة من كرامة الفتوة وشرف الدلوعة من شرفه. وكلما نذكر ان الرئيس يلتسين صرح قبل المعركة بأنه لن يسمح بالاعتداء على يوغسلافيا. وعندما بدأت المعركة سربت الحكومة الروسية خبرا خطيرا خلاصته ان الصواريخ حاملة الرؤوس النووية تم وضعها على منصاتها وان الرئيس يلتسين أمر بتوجيهها نحو عواصم الدول التي تشترك في العدوان على يوغسلافيا. ومع ذلك لم يهتز أحد في الغرب, لانهم كانوا متأكدين انه مجرد كلام من نوع التطجين وان روسيا تسلك سلوك الفتوة ميمون وحش الجبال. عندما تجرأ الفتوة عبده الانجليزي على ضرب دلوعة ميمون المدعو كمال الابيض, وصرخ ميمون من داخل بيته.. اللي هيحط ايده على كمال هاقطع رقبته! ثم صرخ من جديد... اللي هيلمس كمال هاشرب من دمه. ولكن عبده الانجليزي كان يعرف تماما ان ميمون وحش الجبال انتهى. وانه مريض والمرض سحق عظامه. ولذلك لم يتردد في ضرب كمال الابيض وأسقطه أرضا ومرمغه في الطين والتراب. وعندما خرج ميمون من بيته وشاهد المنظر بنفسه, صرخ في أحد صبيانه بأن يأتيه بجلابية الخناق. وجاءت الجلابية واستغرق لبسها وقتا طويلا بينما عبده الانجليزي كان منهمكا في طحن كمال الابيض! وعندما انتهى ميمون من لبس الجلابية اكتشف انها ليست الجلابية المقصودة, فانهال بالصفعات على صبيانه وطلب منهم احضار الجلابية المطلوبة. وعندما أحضر الصبيان الجلابية وانتهى ميمون من لبسها كان كل شيء قد تم وأمر الله نفذ, وكانت سيارة الاسعاف في طريقها إلى المستشفى تحمل الدلوعة كمال, وقد انقطعت انفاسه من شدة الضرب الذي أكله أزواجا وافرادا ولكن من يومها ولم تقم لميمون وحش الجبال قائمة. صار شأنه شأن أي أحد آخر في الحارة, بعد ان فقد سمعته وفقد هيبته! وهذا هو بالضبط ما حدث لروسيا بعد معركة يوغسلافيا. ولعل ابرز تغيير طرأ على روسيا هو زيارة الكلب شارون لموسكو وانذاره للمسؤولين فيها بعجرفة لا مثيل لها بضرورة وقف تعاملها مع سوريا ومع ايران. وأعتقد ان حكومة ميمون أقصد حكومة روسيا سترضخ لانذار شارون وستنفذ كل طلباته. ولعل هذا الموقف الواضح يعيد الوعي إلى رأس هبلاء اليمامة. فتتوقف عن الرقص في الزفة وتمتنع عن ترديد أكاذيب الأطلسي. مع الأخذ في الاعتبار عدم استفزاز الأطلسي, لان كل من يعترض سيأكل ضربا ولا حرامي في مولد ولا حمار في مطلع. ويا هبلاء اليمامة.. كان الله في عونك!

Email