قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية ، تساؤلات ووجهة نظر نقدية، بقلم عبدالرحمن السيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

قريبا سيرى قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية النور, وهو القانون الذي انتظره الجميع بفارغ الصبر لما يشكله صدوره من حماية للموظف لما بعد الخدمة الطويلة من ضمان, خاصة ان معاش التقاعد حسب النظام المذكور يشتمل بالاضافة الى الراتب الاساسي بدل السكن وعلاوة غلاء المعيشة والعلاوة الاجتماعية للمواطن والعلاوة الاجتماعية للابناء بعد ان كان قانون التقاعد السابق يكتفي خاصة بالنسبة للعاملين المدنيين بالراتب الاساسي بالاضافة للعلاج الاجتماعية للابناء. كما يشكل قانون التقاعد ضمانا للعاملين ممن امضوا خدمة طويلة في العمل الحكومي وحتى في حالة العجز او الوفاة للعاملين المواطنين حتى الجدد في الخدمة منهم, ناهيك عن شمول قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية المذكور للعاملين المواطنين في القطاع الخاص, وبنفس مزايا العاملين في القطاع الحكومي. إلا ان هناك بعض التساؤلات نود ان نطرحها والهدف النهائي مصلحة الوطن والمواطن والتي تحرص الدولة كل الحرص على تحقيقها. السؤال الاول: يتعلق بتحميل رب العمل في القطاع الخاص 12.5% من راتب الموظف كاشتراك تقاعد, اي ان رب العمل سوف يتحمل 12.5% من راتب الموظف ويقصد القانون براتب الموظف ليس الراتب الاساسي كما كان معمولا به في قوانين سابقة, بل يقصد بالراتب هنا الراتب الاساسي مضافا اليه بدل السكن وعلاوة غلاء المعيشة والعلاوة الاجتماعية للمواطنين والعلاوة الاجتماعية للابناء. والسؤال هنا خاصة اننا امام مشكلة اسمها التوطين بشكل عام وتوطين القطاع الخاص بشكل خاص, ألن يمثل هذا الاستقطاع الكبير من راتب الموظف والذي يلزم به صاحب العمل نسبة كبيرة؟ فلو كان الموظف المواطن العامل بالقطاع الخاص يتقاضى 6000 درهم فعلى رب العمل بالاضافة الى الراتب الكبير نسبيا للموظف المواطن تحمل عبء آخر هو استقطاع مبلغ 750 درهما وهذا المبلغ يذكرنا براتب العامل الوافد, واذا امكن اجبار رب العمل على دفع قيمة اشتراك التقاعد فهل يمكن اجباره على تشغيل المواطنين؟ السؤال الثاني يتعلق بدفع اشتراك التقاعد للمدد المطلوب ضمها عن مدد العمل التي يسمح القانون الجديد بضمها والمحددة في المادة 4 وفي الفقرات من 1 الى 7. اذ تشترط المادة (5) من القانون نفسه على من يريد ضم المدد السابقة وفي الفقرة الرابعة ان يسدد المؤمن عليه (أي الموظف الذي يرغب في ضم المدد السابقة) حصته وحصة صاحب العمل عن المدة المراد ضمها حسب راتب حساب الاشتراك في تاريخ طلب الضم على دفعة واحدة, ويجوز السداد على اقساط شهرية لا تقل عن ربع الراتب على ألا تتجاوز مدة التقسيط بلوغ المؤمن عليه سن الستين) . باختصار فإن على من اراد ضم الخدمة السابقة ان يدفع خمس راتبه (الاجمالي تقريبا) عن كل شهر وليس عن كل سنة في القطاع الحكومي, و17.5% من اجمالي الراتب في القطاع الخاص. ويأتي الخمس هذا كون الموظف سوف يدفع حصته من اشتراك التقاعد وهي5% وحصة صاحب العمل 15% في القطاع الحكومي فيكون المجموع 20% من اجمالي الراتب اي الخمس. او 5% من حصته و12.5% من حصة صاحب العمل في القطاع الخاص. في القطاع الحكومي لاشك انه من ضمن اهداف اصدار القانون الجديد تجديد دماء الادارة الحكومية باحالة الموظفين كبار السن الى التقاعد. وتأتي المشكلة وتتشابك من عدة زوايا. من ناحية فان كبار الموظفين وبعد ان امضوا سنوات طويلة في الخدمة فلا شك ان رواتبهم قد زادت واصبحت كبيرة, فلو ان موظفا كبيرا وصل راتبه الشهري بعد ان امضى في الخدمة 20 عاما 15 الف درهم, ماذا عليه ان يدفع لضم الخدمة وهو على سبيل المثال في الخمسين من عمره؟ عليه في البداية ان يدفع ثلاثة آلاف درهم عن كل شهر يريد ضمه اي 36 الف درهم عن كل سنة اي عليه ان يدفع مبلغ 720 الف درهم دفعة واحدة. وماذا لو قسط المبلغ الى سن الستين؟ اذا عليه ان يدفع على مدى السنوات العشر المقبلة قسطا شهريا قدره 6000 درهم. ولكن راتبه التقاعدي سوف يكون 60% عن الـ 15 عاما التي امضاها في الخدمة. و2% عن كل سنة زائدة عن هذه المدة (مادة 20 من القانون نفسه) اي بزيادة 20% على الـ 60% اي انه سوف يتقاضى معاشا تقاعديا قدره 12 الف درهم. في هذه الحالة لن يبقى له من معاش التقاعد ولمدة عشر سنوات مقبلة سوى 6000 درهم شهريا فقط. والسؤال هو: هل يكفي هذا المبلغ شهريا لموظف تعود في الاساس على تقاضي مبلغ 15 الف درهم شهريا اي بانخفاض دخله 9000 درهم او بما نسبته 60% من دخله الاساسي ولمدة عشر سنوات فقط؟ واذا اراد الاستمرار في العمل وهو الاحتمال الاقرب الى الواقع فعليه دفع هذ القسط بالاضافة الى اشتراك التقاعد وقدره 750 درهما شهريا فيصبح الصافي من راتبه بعد الاستقطاع 8250 درهما شهريا اى بانخفاض وقدره 45% من اجمالي الراتب. واذا اردنا تبسيط الارقام وعرضها بصورة واضحة, فعلى الموظف الذي يريد ان يضم مدد خدماته السابقة ان يدفع 20% من راتبه الاجمالي عند كل شهر يريد ضمه اي 2.4 في راتبه الاجمالي عند كل سنة. و24 ضعف راتبه الاجمالي عن كل 10 سنوات و48 ضعف راتبه الاجمالي عن الـ 20 سنة و72 ضعف راتبه عن الـ 30 سنة التي يريد ضمها لمدد خدمته السابقة, 721 ضعف راتبه تعني مليونا وثمانين الف درهم فقط لا غير. فمن اين سيأتي الموظف بهذا المبلغ؟ والملفت للنظر بشدة حسب المادة السابقة اي المادة الخامسة من القانون نفسه وضمن الفقرة الرابعة ايضا ان حساب ضم الخدمة يعتمد على حساب آخر راتب, ويأتي الاجحاف بالموظف في ان راتب الموظفين ايام قيام الاتحاد وما قبل الاتحاد كان قليلا مقارنة برواتب اليوم, خاصة اذا اضفنا الى ذلك زيادة راتب الموظفين بناء على الترقيات وتدرج الموظف الى اعلى في السلم الوظيفي. ففي حين ان راتب الموظف الجامعي الاجمالي في عام 1973 مثلا اي الخريج الجديد كان يساوي 2610 دراهم شهريا, (وذلك في المؤسسات الاتحادية) نجده الآن يقارب التسعة آلاف درهم. فلو ان الموظف نفسه اصبح راتبه الآن 15 الف درهم فإن اشتراك التقاعد المحسوب لضم الخدمة يساوي 3 آلاف درهم اي اكثر من اجمالي راتبه في بداية عمله.

Email