مع الناس:بقلم-عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

من يقول أنه يفهم ما هي مشكلة العالم, فانه ليس بالضرورة يعرف الحل لمشكلة العالم, لذلك فهناك من يفهم جيداً ما يجري في البلقان مثلاً, حيث الصراع في اقليم كوسوفو بين الصرب وألبان المنطقة يجر الى مواجهة دولية أو يكاد, غير ان الحل لمثل هذا الصراع ليس متاحاً وليس هناك من يعرفه, لذلك اختار من احتار القوة حلاً . ويمكن للقوة بطبيعة الحال أن تكون حلاً مناسباً ونهائياً كما يمكن لها أن تكون مشكلة هي الأخرى, أو تكون تعقيداً جديداً يحتاج الى حل, لذلك يفضل مثلي ان يراقب ويرى ولا يتدخل برأي, لكي لا أزيد القارئ مشكلة على مشكلاته خاصة أنه على وش عيد, يستعد للفرح والاجازة, ثم أن كوسوفو ربما كانت آخر ما يهمه, فقد تركها العالم كله, وليس المسلمون وحدهم, لأمريكا وأوروبا وبقية القوى العظمى السابقة واللاحقة تنظر فيها وتحل مشكلتها, شأنها شأن بقية القضايا الاقليمية والدولية الساخنة والباردة على السواء. وأبقى مع ما أعتبره أكثر فائدة من كل الأخبار المؤلمة, كالأخبار والمواقف الطريفة, التي منها ان الشبان السعوديين المتزوجين انتشرت بينهم مؤخراً عادة طلب الاذن بالخروج من البيت, تشبه تصاريح الخروج من العمل أو البلاد أو غيرها من تصاريح, يقدمها للزوجة, فلا يخرج حتى يرى التصريح ممهوراً بتوقيعها, ما يعني موافقتها السامية. طلب الاذن الرسمي بالخروج, يعني أن الزوج بدأ يعقل وأهداه الله سواء السبيل, وأنه فوق هذا بدأ يقر بسلطة وزارة الداخلية ويعترف بوجودها القوي, وأنه بدأ يتحضر أيضاً, فيترك سلوكه الهمجي بالخروج من البيت والعودة اليه بلا اذن ولا دستور, فيخضع للنظم والقوانين واللوائح المنظمة لكافة شؤون حياته, و ليس الزوجية الا احداها, لتكون الزوجة بذلك قد قدمت خير خدمة للدولة, لأن هذه عموما أكثر مشكلاتها تنحصر في مخالفي القوانين والنظم. وهكذا فتطبيق طلب الاذن بالخروج في البيوت, هو تدريب عملي على كيفية احترام قوانين الدولة عموماً, فهذه عادة ما يضيق المواطن بها ذرعاً, فهو لا يحب الوقوف في الطابور ولا يحترم قوانين السير ولا يرى نفسه مخالفاً أو مرتكباً لخطأ اذا تأخر عن عمله, ما يمكن أن نعتبر مع هذه الأحوال ان ممارسة الأزواج (والأبناء أيضاً) لبعض الانضباط في البيوت, عن طريق وضع قوانين للخروج وللأكل وللشرب ولمشاهدة التلفزيون ولغيرها, مجرد بروفة لاحترام القوانين العامة, نشكر عليها قطعاً الزوجات العزيزات ان تمكن فعلاً من فرضها بقوة القانون وقوة السلاح أيضاً. بهذه الطريقة نستطيع ان نخّرج الى المجتمع رجالاً وشباباً محترمين ومنضبطين, فتقل المخالفات والحوادث نتيجة لهذا الانضباط ولاحترام القوانين, خاصة أن البيت هو المدرسة الأولى, ثم أن الرجل عموماً تربيه كما نعرف على الدوام وخلال عمره امرأتان: أمه وزوجته, تحقيقاً للشعار القديم الجديد: الام مدرسة اذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. ولن نسأل القارئ عمن يربي هذه المرأة, ويعدها لتلعب دور المدرسة, فالجواب امرأة مثلها هي الأم مرة أخرى, وهذه لو توفرت لكل البشر لما ظهر بينهم اليوم رجال يخالفون القوانين والشرائع مثل سلوبودان ميلوسيفيتش وأمثاله في العالم, ممن لم يفد معهم نصح ولا علاج باستثناء القوة, فلعل أمريكا وحلفها الناتو ينجحون في تربية ميلوسيفيتش من حيث عجزت عن ذلك أمه.

Email