ابجديات:بقلم- عائشة ابراهيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

تكاليف المعيشة ليست باهظة, نحن الذين نزيدها كلفة احيانا ونبالغ في نفقاتنا احيانا اخرى, اذا طرحنا هذه العبارة على اغلب الناس فانها لن تعجبهم ولن يتفقوا معها, وسيصرخون محتجين, مقدمين الف دليل ودليل على تناقض العبارة مع واقع الحال . اذكر في احد التحقيقات الصحفية المحلية سؤالا وجه الى مجموعة من الشباب غير المتزوجين من الجنسين كان على النحو التالي: ماذا تشتري؟ وكيف تنفق راتبك؟ وكان جواب الاغلبية انهم يشترون كل ما يخطر على بالهم او يشعرون برغبة في الحصول عليه, بمعنى آخر كل ما تشتهيه النفس! فهل هذه طريقة سليمة للانفاق او للاقتناء؟ النتيجة كما جاءت على لسان من شملهم التحقيق ومن الجنسين ايضا ان المرتب لايكفيهم حتى آخر الشهر فيضطرون للاستدانة من الاهل والاصدقاء او التعامل ببطاقات الائتمان الرائجة هذه الايام. وهنا لابد من التفريق بين قضيتين في مسألة انفاق الراتب, فان تكون موظفا يعتمد اعتمادا كليا على راتبه الحكومي ولديه استحقاقات والتزامات لنفسه ولعائلته وتكاليف المعيشة المعروفة, هذا امر, وكون الموظف متحررا من اية اعباء وتكاليف اسرية واجتماعية امر آخر. ولذلك فان انفاق الراتب كاملا على ( أي شيء) لايعتبر سلوكا انسانيا سليما, ولايمكن اعتماد حكمة البعض القائلة: (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) دليلا مرجعيا يمكن الارتكاز عليه في تبرير هذا الانفاق المرضي الذي يعاني منه البعض سواء كانوا من اصحاب المرتبات الكبيرة او البسيطة. من هنا نقول ان تكاليف المعيشة في مدينة كدبي او ابوظبي مثلا باهظة حقا, لكن التقنين قد يكون طريقا جيدا للتغلب على الصعوبات والا فان مضاعفة قائمة الديون والفوائد ستكون نتيجة حتمية لمن يريد ان يزيد في تكاليف هذه المعيشة وان يساير تيار الاستهلاك القاتل للنفس وللذات وللعقل ايضا. سؤال بسيط سألته لسيدة عاملة تتقاضى راتبا جيدا ويقوم زوجها بكافة تكاليف ومسؤوليات المنزل واقساط دراسة الصغار والفواتير واعباء السفر و .. الخ كان السؤال: ماذا تفعلين براتبك ياسيدتي؟ اجابت: اوفر منه الف درهم شهريا واصرف السبعة الاف الباقية على اشيائي الشخصية! لنتخيل سيدة متوسطة الحال تنتمي للطبقة الوسطى وغير مكلفة باية نفقات تنفق على ( اشيائها الشخصية) سبعة الاف درهم؟ وماهي اشياؤها الشخصية؟ ثياب جديدة واحذية وحقائب كل شهر, عطور ومستلزمات تجميل, هدايا مجاملات للصديقات, كوافير, اكسسوارات وكماليات اخرى وتصر على ان الراتب لايكفي والحياة تكاليفها باهظة! طبعا المرأة ليست وحيدة في هذا الميدان, فحتى الرجال يعانون من قضية الانفاق الجنوني او اللامنطقي والتي تقابلها حالة البخل المقزز عند الكثيرين منهم. وحتى لا نظلم حواء فهناك رجال تصل مرتباتهم قرابة الـ 20 الف درهم, تجدهم آخر الشهر يصرخون من الافلاس منتظرين الراتب على احر من الجمر, فاين يذهب راتب الرجل غير المتزوج وغير المكلف بأعباء عائلية ياترى؟

Email