مع الناس:بقلم- عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تبرد المياه التي تغلي في قدر الرياضة, على إثر نتائج وفضائح مشاركتنا في الآسياد, حتى اشتعلت مع انطلاق الدوري في نصفه الثاني حمى الخلافات المستحكمة بين الرياضيين , من إداريين وفنيين على السواء, على خلفية ما جرى في مباراة الأهلي والوحدة, التي دفعت للواجهة خللا آخر في الرياضة, هو التحكيم ومستواه, أو مستوى قناعتنا ورضائنا به, لا فرق. ولن ندخل بين البصلة وقشرتها, أي في الخلاف بين الأهلي ومن يناصره وبين الحكم ومن يناصره, باستثناء أن ما جرى وما تبع ذلك من استنفار وشد أعصاب وأحاديث أخذ ورد, يكشف بوضوح شدة الحساسية التي تعانيها الساحة الرياضية والكيد المتبادل والعصبية الجاهزة للانفجار وانعدام الثقة في الأنظمة والقوانين ومن يسيرها, وكل ذلك يقود إلى ان الساحة في حالة احتقان, أشبه بالجمر تحت الرماد, القابل للاشتعال في أي وقت. وإذا أضفنا إلى هذا المشهد الرياضي الساخن, مجموعة الحوارات والشهادات والمطالبات والتصريحات التي تواكب عادة كل نكسة رياضية وكل اخفاق وفشل, على مدى العام الماضي والذي قبله, أو مجموعة الحوارات والخلافات حول بعض القضايا كالاحتراف واللاعب الأجنبي والتسويق الرياضي وغيرها, نصل إلى نتيجة أن الثابت الوحيد في رياضتنا هو الخلافات والمعارك والمكائد, وأن الاتفاق والانسجام هما الاستثناء, وحتى هذا الاستثناء مفقود ولا وجود له للأسف, ولو لفترات قصيرة. غير ان الرياضيين, من قيادات وإدارات وأجهزة فنية ولاعبين وغيرهم من المعنيين والقريبين من شؤون الرياضة, يتداولون فيما بينهم وفيما يشبه الاجماع السري, ما هو أخطر مما نذهب إليه اليوم, ولديهم من المعلومات والتفاصيل والأسباب التي يعتقدون انها وراء تدهور الرياضة وتدني نتائجها واحتدام ساحتها بالخلافات والمعارك, الظاهر منها والباطن, العلني والسري, بما يفوق ما نعرف, وبما يفوق ما يصلنا من شذرات هذا الخلاف, ومع ذلك فإنه ليس هناك من بينهم من يجرؤ فيعلق الجرس بكل شجاعة وتجرد وموضوعية. وهكذا فإن هناك من طرح فكرة عقد مؤتمر عام للرياضة يبحث همومها وشجونها ومتطلبات النهوض بها, بحيث تكون توصياته ملزمة ومنهج عمل متكاملاً, لولا ان مؤتمرا مهما كان مستواه من الحضور, لن يكون ذا قيمة وفاعلية, إذا غابت عنه الصراحة التامة والمكاشفة والشفافية, والنية الخالصة عند الحاضرين لانقاذ الرياضة وتطويرها, من دون النظر في أية مصلحة ضيقة, كمصلحة ناد أو فريق أو إتحاد أو امارة. مع ذلك فالمؤتمر يبقى فكرة مهمة للتداول والمصارحة, في ظل غياب أية قناة أخرى, باستثناء قناة الصحافة والاعلام الحالية, لولا ان هذه قناة غير مأمونة للحوار على الدوام, لانه من المعروف عدم امكانية نزاهة أو حيادية أية وسيلة اعلامية بالقدر المطلوب والكافي, سواء تعلق الأمر بالرياضة أو غيرها من شؤون الحياة. وأما الحاضر الغائب, أو السبب المباشر المسكوت عنه لما تعانيه رياضتنا من هشاشة وضعف وخلافات, فهو غياب المشاركة من القاعدة, بتحول الأندية عن الانتخاب, وهو ما نأمل أن يكون على رأس أولويات الهيئة العامة للرياضة والشباب عند بدء عملها, خاصة إذا ضمت هذه الهيئة في مجلس إدارتها أعضاء من الذين يؤمنون بالمشاركة.

Email