مع الناس:بقلم- عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لوسئل أحدهم: كم أربعة في أربعة, فالجواب هو: ستة عشر, الا عند البطيني او الطفيلي فالجواب يكون: ستة عشر رغيفا, وعند طفيلي آخر اكثر خبرة ومهارة, ستة عشر رغيفا وكيلو لحم . وهكذا أفضل اليوم ونحن في رمضان ان اتحدث عن الطفيلي المتعلم, اي الحاذق الذكي ذي الخبرة والكفاءة في صنعته التطفيل, مثل الذي اسرف مرة في الاكل الى درجة غريبة, فحذروه قائلين: ان مثل هذا الاكل يتحول في المعدة الى مرة صفراء, فرد عليهم: لو ظهرت لي المرة الصفراء لاكلتها. هذا الطفيلي من حكمه المشهورة: من جلس الى مائدة واكثر كلامه غش بطنه, لذلك فهو لايعرف الكلام على المائدة اطلاقا, ومع كل خبرات مثل هذا الطفيلي وحصافته وحذره لاينفك عن التعبير عن ندمه على مهنته بإعتبارها اخس مهنة في الدنيا, فإذا سئل كيف, اجاب: اطفل منذ ثلاثين او اربعين سنة, ومع ذلك لم يعهدوا اليّ بصبي اعلمه. وحدث ان سافر هذا الطفيلي مع احدهم, فقال له: اذهب واشتر لنا لحما, فرد: لا استطيع , فذهب الرجل ليشتري لحما بنفسه, ثم قال له: قم اذن فاطبخ, فرد الطفيلي: لا اعرف الطبخ, فطبخ الرجل ثم قال له: قم اذن فاصنع لنا ثريدا, فرد: انا والله كسلان, فثرد الرجل ثم قال له: قم فاغرف اذن, فرد: اخاف ان ينقلب على ثيابي ان انا غرفت, فغرف الرجل ثم قال له: قم الآن فكل, فقال الطفيلي: لقد استحيت والله من كثرة ما رفضت لك, فتقدم الطفيلي وأكل. وعليه فالطفيلي لاوجود له في الدنيا سوى على المائدة, وهو عنده من اجهزة الانذار المبكر وطائرات الاواكس وقرون الاستشعار ماتجعله يشعر ابكر من غيره بالمائدة او الوليمة او الحفلة, فيكون اول الحاضرين اليها, فيقول في فخر: سواء عليهم قدموا او تأخروا اجيء مع الطباخ ساعة يغرف فيذكرنا هذا الطفيلي بالآخر الشجاع الهمام الفاتح الغازي الذي يفتخر بنفسه فيقول: لو طبخت قدر بمطمورة او في ذرى قصر بأقصى الثغور وكنت بالصين لوافيتها ياعالم الغيب بما في القدور طبعا خبرات من هذا النوع مع المهارة والذكاء والشجاعة في صنعة التطفيل لابد من توريثها للابناء والاحفاد, فيقدم الطفيلي مايستطيع من كنوزه للجيل الجديد, كما فعل ذات يوم طفيل العرائس الذي ينسب اليه الطفيليون كلهم, حين اوصى ابنه عبدالحميد بن طفيل الوصايا العشر الشهيرة في ابيات شعرية منها: لاتجزعن من القريب ولا من الرجل البعيد, وادخل كأنك طابخ بيديك مغرفة الثريد, متدليا فوق الطعام تدلي البازي الصيود, لتلف ما فوق الموائد كلها لف الفهود, واطرح حياءك انما وجه المطفل من حديد. غير ان الابناء سرعان ما يرثون المهنة بأفضل مايتصور الآباء, ويتفوقون عليهم في الرجاحة والصنعة معا مما نجده في القصة التالية التي نختم بها تسليتنا اليوم, فقد كان طفيلي يأكل مع ابنه في وليمة عرس, فشرب الابن اثناء الاكل, فلما انتهوا من الاكل لطمه ابوه وعنّفه لشرب الماء, وقال له: لوجعلت مكان كأس الماء لقيمات, فأجابه الابن بأن كأس الماء يوسع محلا لمزيد من اللقم, فصفعه مرة اخرى صفعة اشد وقال له معاتبا: لماذا تنبهني بذلك قبل جلوسنا على المائدة!

Email