المؤتمرات الوطنية: السياسة الثانية في الخريطة الفلسطينية: نايف حواتمه

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل ايام عقدت قوى المعارضة الفلسطينية ثلاث مؤتمرات ناجحة شملت قطاع غزة والضفة الفلسطينية والشتات . في مؤتمر الشتات بدمشق خاطبنا المؤتمر وبلغة واضحة واعيد القول: الميثاق وضد سياسة اهل اوسلو, واي بلانتيشن, يوم 14/12/1998 الانتفاضة الجديدة قدمت مئات الجرحى وعلى امتداد هذه الايام السبعة / واربعة شهداء في مقدمتهم, ويوم العيد الحادي عشر للانتفاضة الكبرى المغدورة سقط شهيدا معمدا بالدم تراب الوطن ناصر محمد عريقات ابن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في صف هؤلاء المناضلين دفاعا عن انتفاضة جديدة باسلة بوجه المحتلين والمستوطنين وفي يوم 10 ديسمبر الحالي عمد الشهيد الثاني ابن الجبهة الديمقراطية جهاد عياد اليوم الخامس من الانتفاضة تعبيرا عن قوافل الشهداء, فمن الشهداء إلى الشهداء فالثورة الفلسطينية تحمل على اكتافها اكثر من 73 الف شهيد و150 الف معطوب, 30 عاما في الثورة وستة اعوام بالانتفاضة المغدورة, والنضال يتواصل, فملف الصراع مفتوح ولن يتوقف ملف الصراع إلى ان يرحل العدو الاسرائيلي, الاحتلال والمستوطنون عن تراب الوطن الفلسطيني والوطن لاصحابه وشعبه, وحقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس وحق الشعب اللاجيء بالعودة إلى وطنه عملا بنضالات شعبنا والثورة, وائتلاف م. ب. ف عملا بالميثاق الوطني, عملا بالبرنامج السياسي الوطني الموحد لكل فصائل م. ت. ف. الذي نستنهض الهمم اليوم للدفاع عنه, للدفاع عن الميثاق الوطني, للدفاع عن برنامج القواسم المشتركة, لان درب النضال من اجل فلسطين وعلى طريق الوصول إلى فلسطين نعم هو بحق درب تحرير صلاح الدين الايوبي, درب تجربة الزعيم الكبير جمال عبدالناصر ودرب تجربة الرئيس المناضل حافظ الاسد, فلنفحص جيدا هذه التجارب لنخلص إلى الدروس التي تمكننا حقا وفعلا ان نستعيد فلسطين حقا, وفعلا ان نتمكن من تأمين حق الشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير بالاستقلال على ترابنا الوطني. ان اتفاق اوسلو وواي بلانتيشن والتداعيات والتنازلات التي يقدمها فريق اوسلو تطل على الشعب الفلسطيني بثلاثة رؤوس مسمومة, الاسرلة, الارمنة, الصوملة. الاسرلة باتجاه دفع ابناء الشعب الفلسطيني في مناطق 1948 نحو الاسرلة ـ فاوسلو تخلى عن مليون عربي فلسطيني داخل دولة العدو وعليهم ان يندمجوا, ان يتمثلوا بالدولة العبرية الاسرائيلية التوسعية الاستيطانية. والارمنة مشروع اطل به اوسلو لأربعة ملايين فلسطيني في الشتات في الجوار العربي والاقطار العربية والمهاجر الاجنبية, لان اتفاق اوسلو واخيرا واي بلانتيشن اسقط من حسابه بالكامل الشعب الفلسطيني في كل مواقع اللجوء والشتات, ويطل علينا بالصوملة وبتشطير الضفة الفلسطينية وقطاع غزة الى مربعات وكل مربع محاط بقوات الاحتلال وقوات الاستيطان ومن هنا ومنذ اللحظة الاولى لأوسلو قلنا لا لاوسلو وعقدت الفصائل الفلسطينية التي قالت لا لاتفاق اوسلو في مخيم اليرموك ـ اجتماعا كاملا وشاملا لنقرر خططنا في ضوء اتفاق اوسلو بكارثته الاستراتيجية مثلثة الرؤوس, لكن عوامل عديدة داخلية فلسطينية ـ فلسطينية وعربية ـ عربية عطلت كل هذا, اليوم نحن امام اوضاع تنضج اكثر فأكثر ــ وكما قلت في حديثي وحواري مع د. حسن حبيبي نائب رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية اثناء زيارته الاخيرة لدمشق, في ذلك الوقت وعلى مدى تسع سنوات الظروف لم تكن تسعفنا ولم تكن ناضجة, الآن الاوضاع تسير على طريق نضجها الذاتي الفلسطيني ــ الفلسطيني وعلى طريق انفتاح نوافذ عربية مكنتنا من عقد هذا المؤتمر الوطني الفلسطيني على ارض دمشق الباسلة. طيف واسع عرض نفسه في مؤتمر الشتات بالضرورة ان يكون بين الجميع في الخارطة العربية طيف واسع من الافكار والاراء والرؤى وهذه مسألة طبيعية فلا شعب فلسطين ولا اي شعب من الامة العربية قطيع من الغنم يرسم له بأوامر ادارية بيروقراطية وبالتالي عليه ان يقول نعم, ولذا ظهر هذا بوضوح في كل التطورات التي شهدناها على الارض الفلسطينية وعلى الارض العربية وفي صف الشعب العربي, نحن نناضل من اجل التمييز بين التعارضات والتناقضات, بين التعارضات في صف الشعب في النضال من اجل التحرر الوطني والاستقلال بكل وسائل الكفاح, وبين التناقضات مع العدو الاسرائيلي الامبريالي واحتياطاته الرجعية الداخلية وفي الاطارات العربية وفي الاطارات الاوسع ولذا نناضل من اجل الوحدة الوطنية لكل القوى التي تقول لا لاتفاق اوسلو لا لبروتوكول الخليل, لا لواي بلانتيشن, ونعم كل النعم لمواصلة النضال والمقاومة بكل الاشكال التي بيدنا حتى نؤمن لشعبنا حقه بتقرير المصير والدولة المستقلة, وعاصمتها القدس حق الشعب اللاجئ بالعودة الى دياره الوطنية. الآن مع مؤتمر دمشق للمعارضة في الشتات انتهى المؤتمر الوطني الفلسطيني بقطاع غزة حضره اكثر من 500 شخصية وطنية فلسطينية تلتقي على قواسم مشتركة ضد اوسلو ضد واي بلانتيشن ضد الغاء ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية بينهم اربعون عضو مجلس وطني فلسطيني وتم انجاز مؤتمر وطني فلسطيني في الضفة الفلسطينية, بما فيه مندوب القدس حضره 1200 شخصية وطنية بينهم 106 اعضاء مجلس وطني فلسطيني واصدروا بيانا وقرارات سياسية تقول لا لاتفاق اوسلو, لا لاتفاق واي بلانتيشن لا لالغاء ميثاق المنظمة لا لسياسة اهل اوسلو وتطرح بالضرورة مواصلة النضال ضد الاحتلال والاستيطان من اجل حقوق شعبنا بتقرير المصير والاستقلال والعودة الى الديار. المؤتمر الوطني الفلسطيني انعقد في دمشق تلبية لنداء الشعب الفلسطيني الذي يقول لا لسياسة ونهج السلطة الفلسطينية, لا لسياسة اليمين ويمين والوسط في منظمة التحرير, هذا اليمين ويمين الوسط هو الذي تعترف به جامعة الدول العربية, عندما يجتمع باجتماعات وزراء خارجية الدول العربية يطالبون الدولة العبرية بتنفيذ الاتفاقات المبرمة مع العرب ويقصدون اتفاقات وبروتوكول الخليل وواي بلانتيشن, ونحن نقول بلغة واضحة ان مؤتمر الشتات ومؤتمر الضفة والقطاع اتخذا عددا من القرارات السياسية والتنظيمية ما يمكن من ان يلعب دورا مركزيا في تجميع الشعب الفلسطيني وتجميع كل القوى الحية في صفوف شعب فلسطين والشخصيات الوطنية في تجميع شعبنا وكل القوى وعليه اقول مع الذين قالوا نعم لترك اعمال مؤتمر دمشق مفتوحة اي انه في حالة انعقاد وعندما تستدعي الضرورة الوطنية ان تدعو اللجنة الوطنية للمتابعة المنبثقة عن اعمال المؤتمر للانعقاد من جديد لفحص وتدارس الوضع الجديد واتخاذ الخطوات والاجراءات الضرورية والعملية لدفع مجموع عمليتنا الوطنية والقومية والثورية الى الامام. بهذه المؤتمرات نعلن للعالم سياستين, سياسة اهل اوسلو واي بلانتيشن القائمة على التداعيات والتنازلات عند شروط واي بلانتيشن. وسياسة اخرى على يد الشعب المنتفض على يد الشهداء والجرحى, سياسة اخرى على يد القوى الوطنية الحية بكل طيفها الوطني والقومي والاسلامي وبكل شخصياتها , علينا ان نقول للعالم الان كله سياستان, فلا يصح لدولة عربية او دولة اسلامية فالاقربون اولى بالمعروف ان يقولوا بعد الآن نقبل ما يقبل الفلسطينيون ونرفض ما يرفض الفلسطينيون ويعلنوا ذلك, ان الفلسطينيين في الممارسة العملية هم سلطة الحكم الذاتي, هم عرفات واهل اوسلو. هكذا نجحت اعمال مؤتمرات وفعاليات القوى المعارضة في الخريطة السياسية الفلسطينية ومعها الفعاليات والشخصيات المؤسسة للثورة ومنظمة التحرير . فالغاء الميثاق ضمن مهرجان (14/12) امام الرئيس كلينتون بالتصويت بالايد لمن هب ودب ودون تدقيق بمن يحق له او لا يحق له التصويت , ان هذا الالغاء لن يلزم سوى اصحابه فضلا عن كونه الغاء غير شرعي وغير نظامي وغير دستوري, الالغاء او اي تعديل يتطلب ثلثي المجلس الوطني الفعليين وتوافق القوى السياسية الفلسطينية وهذا ما كان مفقودا تماما في مهرجان 14/12. نعم لن تكون النهاية هنا, فكم من الاتفاقيات وكم من التنازلات التي قدمت باسم شعوب العالم المقهورة لكن هذه الاتفاقيات ذهبت في النهاية الى الجحيم واستمر كفاح الشعوب نحو حريتها.

Email