أبجديات:بقلم-عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما يعتمر الرئيس المفضوح على الفضاء مباشرة قلنسوة بني صهيون, وينحني امام ضريح رابين, (بطل السلام الشجاع) واعداً بأخذ ثأره, فإن اطفال العراق هم أول من يدفع ثمن القصاص الامريكي العادل ! وحين يصفق (المناضلون) وأصحاب القضية والرفاق طرباً وغباءً لالغاء بنود الميثاق, فمن حق رابين ان يستريح في قبره, ويحق لأرملته الشمطاء (ليا رابين) ان ترمق هيلاري وكلينتون بنظرات العرفان. وحين تشد شمطاء متصابية مثل مادلين على يد اصدقائها واخوتها في العقيدة, شارون, وموردخاي ونتانياهو مطمئنة اياهم بأن الأمور جميعها تصب في مجراهم, وان كل المياه التي جرت في قضية فلسطين ستكون من نصيبهم في المبتدأ والنهاية, ثم يتناقل اعلامنا صورها بزهو وحيادية.. فللأرض كل الحق ان تنبت نيرانا وجهاداً واحجارا, ورفضا, ذلك ان المظلوم لا يفكر بمنطق المستريحين على اسرة الاحلام. وحين يتحول السلام الى صفقة قذرة تستبيح بنودها كل المحرمات والمقدسات, بدءاً من براءة الطفولة وانتهاء بكرامة الانسان وحقوقه, فإن هراء تصدره امريكا تحت مسمى (حقوق الانسان) لا يمكن ان يتحول الى قيم انسانية ذات تأثير وتفعيل, انه في الحقيقة ليس سوى دعاية لتجميل وجه دولة شاخت قبل الأوان بسبب الجبروت لا أكثر. وحين يتاجر الرئيس (المؤمن) بدماء شعبه وانفاس اطفاله وجثثهم, ويقايض بهم لأجل عرشه وجنونه وقصور الرئاسة المعبأة بالفساد والعمالة والطغيان و...., يكون ضرب العراق وتدميره مؤامرة منطقية, وقع عليها الجميع وباركتها كل الأمم وتبرعت بتنفيذها (راعية السلام) الأولى امريكا ووصيفتها الأولى بريطانيا. انه حين تتحول السياسة (بقدرة قادر) من فن الممكن الى فن تسويق الوقاحة والعنجهية بشكل سافر ومستفز, فإنك لا تستطيع ان تحتمل, تشعر وكأن كل هذه الترسانة العسكرية الاستعراضية تتحرك على شرايينك ونياط قلبك, فلا تستطيع سوى ان تبصق على هذا الفن الممكن, وعلى هذا الواقع العربي الذي يقدم له كل ضمانات الانتشار والاستقواء والتمدد في مسامات البشر وفي ذرات الهواء. عندها يستنفر حواسك كلها سؤال كالبركان, يملأ داخلك بالشظايا والمرار, ويفقدك حتى شهية التنفس, من اي شريعة حمقاء تستمد امريكا وبريطانيا مصداقية تصرفهما هذا؟ وعلى اي مبدأ في القانون والسياسة والاجتماع و.... تتكىء هذه الدول, وبكل هذه الثقة, لتتصرف في مصير البشرية بالطريقة التي تراها هي مناسبة وتحفظ مصالح كل الرعايا؟ هتلر آمن بجنونه وانقذ نفسه قبل ان يفكر في العالم وانتحر, فكان انتحاره رحمة للبشرية, متى ينتحر صدام ويعود العالم لرشده؟ متى نستعيد ذاكرتنا ونعلم بأن في العراق دماء عربية مسلمة تراق كل يوم؟

Email