مع الناس:بقلم-عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنا مشغولين إعلاميا عن الضربة الأمريكية الجديدة للعراق, بزيارة الرئيس الأمريكي لاسرائيل وغزة , وبالاستعداد في الكابيتول هيل لجلسة التصويت على عزل الرئيس أمس الخميس, فجاءت الضربة بسرعة تنفيذها وتداعيات التحضير لها أكثر من المتوقعة في هذا الوقت تحديدا وأقل من مفاجأة, ومع ذلك نستطيع أن نقول أننا أخذنا بسرعة التنفيذ وسرعة تدهور الوضع معاً. والمأخوذ عادة آخر من يعلم, ونحن في هذا الجزء من العالم آخر من يعلم حقا عن الاحداث الجسيمة, وتستطيع اليوم أمريكا وغير أمريكا أن تخدعنا كيف تشاء وأن تلفت نظرنا الى الشرق, لكي تقوم بعمل ما في الغرب, على الرغم من وجود ما يشبه المقدمات والدلائل, لولا أننا نهمل المقدمات والدلائل ونحب أن نكون ضحايا للخدعة كل مرة. وهكذا فــ (ثعلب الصحراء) تمكن من خديعتنا على الرغم من أنه كان يلعب في الساحة ويحضر لما سوف يقوم به, من حشد القوات الى التصعيد الى تحذير رعاياه, حتى يمكن القول أن هذا الهجوم الأخير على العراق هو ما ينطبق عليه عنوان: قصة هجوم معلن, لولا أن أحداً لم يكن يريد أن يصدق, أو يريد أن يرى ويسمع. طبعاً التهديد الامريكي والبريطاني للعراق بضربه من دون أي إنذار مسبق تهديد قائم منذ الأزمة الأخيرة مع المفتشين, في حال عرقل العراق مرة اخرى عملهم, فيكون ضربه هذه المرة تنفيذا فعليا لهذا التهديد, كما ان حشدهما للقوات لم يتوقف, آخرها ارسال أمريكا عدداً من المقاتلات الى المنطقة, وبالتأكيد فهذه المقاتلات لم تأت ناقلة لافواج سياحية. كما أن امريكا قبيل زيارة كلينتون لاسرائىل حذرت رعاياها في دول الخليج كلها باتخاذ الحيطة والحذر من هجمات محتملة ضدهم, في اشارة واضحة لمن يريد أن يعرف دلالات هذا التحذير, الى أن ثمة عملاً عسكريا مقبلا تخشى أمريكا ردود فعل عليه يطال رعاياها. وعليه, فسرعة تدهور الموقف وتداعي الأحداث بما في ذلك مغادرة المفتشين حتى امس فقط, مع سرعة توجيه الضربات تدل على أن قرارها كان قد اتخذ منذ وقت, ربما قبل زيارة الرئيس الأمريكي فعلا للمنطقة, وربما يفسرها أكثر سرعة عودته الى واشنطن, مختصرا من الزيارة, ولكن ليس بسبب مونيكا جيت كما أشيع, وإنما لغرض آخر, يتضح الآن فعليا, هو الضربة العسكرية للعراق. ونستطيع أن نحكم على الضربة بتحقيقها للأهداف الأمريكية, التي ليس من بينها ما تقوله الادارة, من معاقبة صدام حسين الى إجبار العراق على تنفيذ شروط الأمم المتحدة, فهذه الأهداف يمكن حصرها عمليا في تغطية فشل زيارة كلينتون إلى المنطقة وفشله في إرغام إسرائىل على تنفيذ بنود اتفاق واي, كما يمكن حصرها في إفشال جلسة الكونجرس الخاصة بعزل الرئيس وتأجيلها, وفي منح مزيد من الثقة للرئيس الامريكي عند شعبه, وهي الثقة التي تترنح عمليا في ميدان العمل السياسي, الداخلي والخارجي على السواء. اما نحن المأخوذين, فإنه سواء عندنا إن كانت الضربة مفاجأة أم لا, أم كانت ذات أهداف نعرفها أم لا نعرفها, ذلك لأنه لن يغيّر من الأمر شيئا معرفتنا المسبقة بها أم بأهدافها, فكل أزمة بين العراق وأمريكا, فقدت مصداقيتها عندنا, لدرجة أننا نفضل مشاهدة فيديو كليب اغنية (القلب المحتاس عذب وايد ناس) على مشاهدة فيديو كليب الـ CNN المسمى (ثعلب الصحراء) !

Email