حقا يا لها من خيبة! بقلم- عمران سلمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في لقائه الاخير بتلفزيون الجزيرة تحدث العقيد القذافي قائد الثورة الليبية بكثير من المرارة عن العرب والوضع العربي . ومما قاله في الرد على من طالبوه بالعودة عن قراره حول افريقيا (ان الوضع العربي خيبة, نحن نسعى للخروج منها وهؤلاء يريدون ان يجروننا إلى الخيبة) . قد نختلف مع العقيد القذافي في اسباب هذه الخيبة وكيف وصل حالنا اليها وهل ان القرار الليبي هو في حقيقته خروج من هذه الخيبة ام لا؟ لكن اعتقد اننا لا يجب ان نختلف حول اهمية وقيمة الاستنتاج الذي توصل اليه الرجل وقد امضى قرابة الثلاثة عقود في الحكم عاصر خلالها كثيرا من الزعماء والانظمة العربية كما عاصر فترة الاحلام الكبيرة والمشاريع القومية الطموحة والشعارات الخلابة. ثم رأى كل ذلك ينهار امامه, بل رأى نفسه وبلده في وضع لا يستطيع معه ان يطلب المساعدة من اقرب البلدان اليه, او يشكو ويستمع احد لشكواه! هل سينجح قائد الثورة الليبية في مسعاه الافريقي ام لا, بعد ان فشل في مسعاه العربي؟, هذا سؤال آخر تحتاج الاجابة اليه إلى وقت... وربما وقت طويل ايضا. بيد ان الصدمة التي واجهتها ليبيا لم تكن بسيطة ابدا, وما حدث كان مخيبا بحق لآمالها, فالحصار المفروض عليها وهو حصار امريكي بريطاني, لا سند له في القانون الدولي. و في حين نجد الدول الافريقية وهي دول بحاجة الى مساعدات ودعم الغرب تتجرأ على خرق الحصار على ليبيا, فإن الدول العربية الاغنى والاكثر قوة ونفوذا تقف موقف اللامبالاة والعجز تجاهه. والدول مثل الافراد تنتظر الدعم والمساعدة من الاقربين وقت الحاجة, فإن لم تجدها عندهم فإنها تبحث عنها في اي مكان آخر. ولا يوجد وقت يمكن لليبيا ان تطلب فيه مساعدة العرب اكثر من هذا الوقت بالذات, حيث تطبق عليها انياب الغول الغربي. والتعلل هنا بالشرعية الدولية حول الحصار لا يبدو مفهوما اذ لو كانت هذه الشرعية تطبق على جميع الدول وبصورة عادلة لا لبس فيها, ولو كانت هذه الشرعية تمارس وفق قوانين ومواثيق الامم المتحدة لكان الامر معقولا ومقبولا. لكن هذه الشرعية تطبق فقط على دول دون غيرها, وهي بالتالي شرعية عرجاء يغلفها الهوى والغرض الامريكي البريطاني, الامر الذي يفقدها صفتها الدولية, ويجعل باقي الدول في حل من التمسك بها. وهو ما طبقته الدول الافريقية بكل جدارة, حين قررت خرق الحصار وذهب زعماؤها بطائراتهم إلى طرابلس. ونعيد فنقول بأن الاتجاه جنوبا إلى افريقيا او شمالا الى اوروبا قد لا يحل مشكلة ليبيا او يعطيها ما تطلبه. كما ان الانسلاخ من العروبة او الخروج من تحت عباءة العالم العربي قد لا يكون متيسرا وبهذه السهولة. بيد ان الوضع الذي نعيشه هو ايضا وضع غير سوي وغير مقبول, ومن هنا يجب النظر الى الخطوة الليبية على انها ناقوس خطر ينبغي الانصات اليه جيدا, فإذا كانت ليبيا وجدت ــ او هكذا تعتقد ــ في افريقيا مخرجا لها, فإن غيرها قد يذهب الى جهات اخطر واكثر ايلاما, والسوابق تعزز اللواحق وتسهل حدوثها. كاتب وصحافي بحريني*

Email