مع الناس،بقلم: عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت الحلقة النقاشية التي نظمتها شرطة دبي مؤخرا حول شركات استثمار الاموال حقائق مذهلة, لعل ابرزها ان هذه الشركات جمعت من اموال المودعين ما يزيد على ثلاثة مليارات درهم, وهو رقم كبير يكفي لاقامة عدة مشروعات استثمارية في مختلف القطاعات, سواء الصناعة أو العقار أو السياحة وغيرها, فتدر على اصحابها ارباحاً سنوية فعلية . غير ان هذه الأموال, وللدقة اغلبها, طار في الهواء, وعاد اغلب المودعين من مقار الشركات إما صفر اليدين أو بخفي حنين, فهي غادرت البلاد, إما ملطوشة عيني عينك يا تاجر, وإما ضائعة في اسواق المال العالمية, وإما في اسواق وهمية, تعددت الاسباب والضياع واحد, وتلك من الحقائق المفزعة التي كشفتها الحلقة ذاتها. فمن بين الشركات عرفنا ان هناك شركات توظيف اموال وهمية, ذكرتنا بالشركات المصرية الشهيرة التي طارت شهرتها إلينا على سن ورمح, من الريان إلى الهدى والسعد وغيرها, وهي التي لايزال اغلب المخدوعين بها من اخواننا المصريين ينتظرون منها عودة تحويشة العمر إليهم, لولا ان نجوم السماء أقرب إليهم منها فيما يبدو, فقد مضت سنوات وبعض المتضررين فارق الحياة من دون أي اشارة لأي عودة منتظرة لهذا المال. وبناء على بعض الحقائق فان شرطة دبي تشكر على تنظيمها الندوة وملاحقة كشف هذه الشركات ومطالبتها بتحمل المسؤولية من جهات الاختصاص وبتنظيم شركات الاستثمار ومراقبتها, وربما ان لولاها لظلت هذه الشركات التي نصب اغلبها على الناس واوقع بعضها الآخر ضحايا بالجملة طي الكتمان ولا من شاف أو درى, حتى وهناك ما يفوق الثلاثة مليارات درهم في قبضة هذه الشركات, وهو رقم ضخم تعتبر سرقته من مدخرات الناس كارثة اقتصادية. ولا نعرف ان كان في الامكان عودة الاموال, كلها أو بعضها إلى مستحقيها من الضحايا, أو ان هؤلاء على طريق اخوانهم ضحايا الريان والسعد والهدى, وان كان الواضح حتى الآن, من المطالبات القضائية والدعاوى المرفوعة امام المحاكم, ان الامل ضعيف إلى درجة الصفر, فأغلب الذين اقاموا هذه الشركات أو عملوا بها من الموظفين الذين لا يملكون رساميل تغطيهم, كما ان جهات الاختصاص, كالجهات المرخصة, لم تطلب ضمانات كافية, ما يعني ان عودة الاموال إلى اصحابها امل مشكوك فيه. ومن الحقائق المفزعة التي عرفت عن هذه الشركات, من بعد تعدد جهات الترخيص لها وضعف رقابة هذه عليها وعدم تدخلها في الوقت المناسب لتصحيح مسارها, هو ان بعض ابرز المتورطين فيها, كمؤسسين أو شركاء أو اصحاب محافظ استثمارية فيها تدار بأسمائهم, هم من الموظفين ذات الصفة القضائية, من مستوى وكيل نيابة, ممن يعتبر تورطهم غريبا تماما, نسبة للحقل الذي يعملون فيه وإليه ينتسبون. ونختم بأنه طالما وقع الفأس في الرأس, ولكي لا نزيد الضحايا ألما على أموالهم, نذكرهم بأن صحتهم اهم, لكي نساعدهم على نسيان ما خسروه, غير أننا نذكر الجهات المختصة بضرورة ممارسة دورها مستقبلا في تنظيم هذا النوع من الشركات, سواء بالترخيص أو المراقبة, فإذا لم يكن ذلك لمصلحة الناس, فلمصلحة الاقتصاد الوطني وسمعته ولتطهيره من الافاقين والنصابين, الذين يعرفون تماما ان المال السائب يعلم السرقة. عبدالحميد أحمد

Email