ابجديات:بقلم-عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

اذا كانت كل هذه الكرنفالات التي تملأ السماوات والارض, وأفنية المدارس ومسارحها, وشوارع البلاد وميادينها, تغني احتفاء حقيقيا بالوطن وانجازاته, وكل هؤلاء المحتفين والراقصين والمغنين, انما هم في الحقيقة يحتفون بالثاني من ديسمبر, ويرقصون فرحا لسنة اخرى تضاف لاسطورة النجاح, ولعمر الحلم, اذا كان ذلك حقيقة فهنيئا لك يا وطني الجميل في عيدك الاجمل. اذا رسم الطالب وطنه على جدار القلب, وحفظ نشيده الوطني عن ظهر قلب وردده في طابور الصباح بألق وحب دون توبيخات المعلم وشتائم الاخصائي الاجتماعي, معتقدا بصدق ان تراب الوطن طهر كل من صلى, وان ماءه من كل دماء الشرايين أغلى, اذا فعل الطالب ذلك فهنيئا لك يا وطني, ولا خوف عليك من الآتي والمختبئ في ضمائر الخبثاء, ذلك ان المخبوء لك في قلوب ابنائك كفيل بدفع كل اذى عنك. واذا كانت كل هذه الافواج التي يموج بها الصباح وساعات النهار في الشوارع والطرقات والحافلات والسيارات, تركض الى اعمالها كل يوم تعانقك لأنك الأغلى, تعانق خيرك, وتبني يومك وتعكف الاوقات على رسم غدك, وكل ما من شأنه ان يرفعك في العليين دائما, اذا كانت هذه النوايا تجلجل في الدواخل فأنت محظوظ أيها الوطن, وأنت تستحق, لأنك العشق الذي لا لآخر له, ولا أول, فبداياتك سبقت مرحلة التكوين, أنت البدء الذي لا نعرف من بذرك في الداخل وقرأ عليك تعاويذ الخلود. كل ذلك وغيره, وكل أولئك وغيرهم, هو ما نسعى اليه, وهو الذي يغسلنا بالامل والحلم في صباحات التعب ومساءات القلق, ان هذا المدقوق وشما قديما في قاع القلب, هذا الوطن, يدفعنا لأن نجدد الحلم كل لحظة, ولذلك فنحن لاجله نعمل ونكتب ونحتمل ويزلزلنا الوعي فنقبض عليه كالقابضين على الجمر, وعي الوطن هو الحلم بالآتي الاجمل الذي يجب ان يأتي. الوطن قدسي مقدس, هكذا علمونا منذ الصغر, وعلى هذه العقيدة نشأنا, فصار الوطن لونا آخر لجلودنا, ووقعا آخر لاصواتنا, صار نحن في نهاية المطاف, ولذلك فحبه من الايمان. وعيده طقس قدسي, علينا ان نُتَوِّجَهُ بالدعاء الى الله, بقراءة ترانيم بعينها, علينا ان نتمتم في دواخلنا بأمنيات غالية نربطها بشرائط ملونة من احلام وبهجة, نقذفها في قلب القلب ونحفظها في الغيب ونتعهدها بالاطمئنان كل يوم. لنجعل هذا اليوم للوطن, لتكن امنياتنا الغالية, باقات من حب ونور وعمل واجتهاد وانتماء, لنقذفها في عمق القلب, ولنعمل كل الايام وكل العمر على تذكرها كل صباح, كي نحققها قدر استطاعتنا, بذلك نكون قد احتفلنا بالوطن, واحببناه بصدق, وبذلك يتقبل الوطن كل بطاقات المعايدة التي نضعها في صندوقه الكبير, وصندوق الوطن هو كل مكان فيه, علينا ان نحبه ونحترمه ونعلي شأنه. * اذا نسي احد ان يكتب بطاقة معايدة للوطن فليكتب: كل عام وانت وطني, وكل لحظة وانا أحبك اكثر.

Email