أبجديات:بقلم-عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل فكر احد ان يرسم سيناريو معينا, للارتباط بشخص ما؟ سؤال قد يبدو غريباً للوهلة الاولى, ولكنه وارد في ظل عالم من البشر والعلاقات يتعاملون مع كل شيء بمنطق علم في الادارة اسمه (الادارة بالسيناريوهات) . والسيناريو كما يقول علماء الادارة والسينما ــ ما هو الا الوصف التمثيلي للاوضاع والاحداث المحتملة الوقوع, وحين يكون الحديث عن سيناريو مستقبلي فإن ذلك يعني وصفاً تمثيلياً لابعاد المستقبل الممكنة بدءاً من وضع راهن وصولاً الى نقطة محددة في المستقبل. هل فكر احد ان يبادر الى علاقات ثنائية مع آخرين منطلقا من سياسة السيناريو؟ وحتى ان كان الهدف والمسعى اخلاقيين, فهل التخطيط للايقاع بالآخرين سلوك اخلاقي مقبول؟ هناك اشخاص في هذه الحياة يعطون انفسهم حق المبادرة الحصري, فيظنون بأنهم خلقوا للمبادرات العظيمة, وان كل ما يقومون به مبرر سلفا, ذلك ان المبادر شخص يفترض فيه من النضج وقوة الشخصية ما قد يبرر مبادراته أيا كانت درجة خطورتها. لكن رسم السيناريو ــ الآني والمستقبلي ــ للايقاع بشخص تتمناه حبيباً او صديقاً او زوجاً ليس مبادرة خطيرة العواقب فحسب, انها مبادرة محكومة بالفشل حتماً, انها اقرب للمؤامرة او الاستدراج اعتمادا على حسن النوايا لدى الطرف الآخر. وفي هذه الحالة فإنك أول ما تفقده لدى اكتشاف سر السيناريو هو مصداقيتك, حيث لا يعود شيء فيك قابل للاعتذار, وهنا تكون كمن فقد الاولى والآخرة, انك لم تخطط لكنك توغلت كثيراً في لعبة قمار خاسرة, معتمدا على انك مقامر محترف, وان الآخرين يجلسون الى الطاولة للمرة الاولى, اذن فعليك ان تتعلم كيف يخطط المزارع والمستثمر في سوق الاوراق المالية تجنبا لمخاطر البيدر وحساباته, وتقلبات البورصة. انه حين تفكر ان تبادر تجاه الآخرين, فإن ذلك يعني امتلاكك جرأة الخطوة الاولى, بشرط حسن النوايا, والابتعاد عن العدوانية, المبادرة ليست تفكيرا ايجابيا فقط, انها القدرة الخارقة على رؤية الحقيقة كما هي امامك, ولذلك فإن التعامل مع الحقائق لابد ان يكون رفيعا. حين تبادر الى شخص ما بسيناريو مسبق الاعداد, فانك سرعان ما تجهز في المقابل سيناريو هروب موازيا اذا لاحت لك مؤشرات خسائر معينة! وهذا يعني انك لست انانيا فقط. انك نرجسي حتى النخاع, حيث الآخر ليس سوى إدارة لتنفيذ السيناريو, وفي المشهد التمثيلي فإن هذا الصديق لايساوي عندك اكثر من الكرسي أو الكومبارس أو سيارة تاكسي تعبر الكادر! الحياة مليئة على ما يبدو بصناع سيناريوهات فاشلة, والسينما العربية تسير من سيء الى اسوأ, لان سيناريوهاتها ليست مقنعة, ذلك أنها تلعب على فرضية غباء الجماهير! مع ان الجماهير ليست غبية ابداً.

Email