المعارضة الفلسطينية: من معارضة الاحتلال إلى معارضة السلام:بقلم- أحمد عامر شعث

ت + ت - الحجم الطبيعي

لابد وان يأتي يوم تنتهي فيه حالة الحرب في الشرق الاوسط فالتاريخ اثبت لنا مئات المرات من قبل انه لا تستمر الحروب الى الابد وان لكل حرب نهاية والقضية الفلسطينية ليست مختلفة عن سواها من القضايا المزمنة الاخرى والعالقة حتى الآن في المنطقة كالاكراد والارض والبربر . والمعارضة الفلسطينية المعاصرة هي معارضة سياسية بحتة, لا يجمع شملها الا المصالح الشخصية والاهداف السياسية الموحدة وهي المعارضة التي بدأت كمعارضة وستبقى الى الابد مجرد معارضة كونها لن تستحوذ في يوم من الايام على الاغلبية من التأييد الشعبي الفلسطيني ولن تستطيع في يوم من الايام لا الوصول الى الحكم او البقاء فيه او المحافظة عليه لما تظهره من تبعية عمياء للمصالح الخارجية لدول اخرى حول العالم وبسبب الثمن الباهظ الذي تود ان يدفعه ابناء الشعب الفلسطيني لاعادة ارضهم. وخير دليل على ما سلف هو الائتلاف المعارض لاتفاقات اوسلو والذي يضم من بين اعضائه التيار الاسلامي المتشدد والمتمثل في حركة الجهاد الاسلامي وحركة حماس وكذلك شيوعيين واشتراكيين لو سنحت لهم الفرصة او تغيرت المعايير السياسية الحالية لانقلبوا على شركائهم ومسحوهم من الخارطة السياسية الفلسطينية, نظرا لعمق الكراهية والعداء الايديولوجي بينهما, الا ان ما يجمعهم الآن ليس تبادل المحبة والوفاق بينهم ولا معاداة اسرائيل بقدر معاداتهم لوجود سلطة وطنية فلسطينية لا تخدم مصالحهم السياسية يترأسها شخص لا يوافقهم الرأي في كيفية التعامل مع العدو لقد اصبحت المعارضة الفلسطينية توجه كل امكانياتها وسياساتها لا لمحاربة اسرائيل وتحرير ارض فلسطين, بل لاسقاط الحكم الذاتي الفلسطيني وافشال معاهدات السلام التي وقعها خصومهم السياسيون واستطاعوا بموجبها حصد التأييد الشعبي واسترجاع بعض من الحقوق السليبة. وقد اصبحت العمليات الاستشهادية (ان صح لنا ان نطلق عليها هذا الوصف) في الآونة الاخيرة موجهة ليس ضد جنود او جيش منشآت عسكرية او أمنية بل نحو مدنيين يتجولون في الاسواق او حافلات محملة باطفال عزل لا يدركون ما يدور حولهم ولا اظن انه توجد ديانة سماوية واحدة تسمح لاتباعها بابادة جماعية لمدنيين عزل لا لسبب اقترفته اياديهم, بل لكونهم يؤمنون بديانة مخالفة ولخوف من انهم في يوم ما قد يكبروا ويوجهوا فوهات بنادقهم الى صدورنا بينما لا نملك الشجاعة والواقعية في ان نحارب او حتى نواجه الجنود المدججين باسلحة مصوبة الى رؤسنا الان كما اننا يجب ان نرفض القيام بعمل لا نرضى ان يحصل لنا وبأهالينا كي لا نعطي اعداءنا مبررا لارتكاب مجازرهم البشعة بحقنا والتي طالما نالت المدنيين العزل والاطفال والنساء. ان العمليات الاستشهادية التي يباركها الجميع هي تلك التي تنفذ بهدف وطني ومن اجل رفع راية الاسلام او العرب عالية او من اجل الدفاع عن كرامة الشعب او استعادة حقوقه السليبة, اما العمليات التي تنفذ في اوقات محددة فقط وتستهدف فيها تعطيل اعمال وبرامج فئة مناضلة اخرى فهي مرفوضة, لانها تكون موجهة ضد مصالح جزء من ابناء الشعب الفلسطيني وليس ضد الاحتلال وسنجد انه سينتهي بنا الحال لنركز قوانا السياسية (سواء من قبل السلطة او المعارضة) لمحاربة وتعطيل مسيرة بعضنا البعض وهو ما تخطط له القوى الصهيونية منذ انشائها. وخير برهان على ما سلف ان هذه العمليات الاستشهادية توقفت لاكثر من عدة اشهر عندما كانت مسيرة السلام معطلة (وكأن معركتهم الآن هي ضد اشقائهم صانعي السلام وليست ضد الاحتلال) ومنذ ان انتشر خبر اتفاق الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في (واي بلانتيشن) عمدت المعارضة الفلسطينية الى القيام بعمليات انتحارية تهدف نسف عملية السلام. ان المعارضة الفلسطينية الحالية تعمل على افقاد السلطة الفلسطينية القدرة على التنفيذ وتحاول زعزعة استقرارها وتخوين قادتها وكأنها هي التي تملك الخطة المحكمة لايجاد الحل البديل الذي سوف يرجع الينا ارض فلسطين بأكملها. كاتب فلسطيني*

Email