مع الناس:بقلم-عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

انحسر عدد المعلمين المواطنين الذكور في مدارس دبي عاما بعد آخر, من عدة مئات قبل سنوات الى 49 معلما فقط اليوم, ليتساوى المعلم مع الطالب في ظاهرة التسلل من المدارس والتسرب من التعليم , وليذكرنا هؤلاء بأغلب آبائنا الذين هجروا مهنة صيد السمك وتركوها للآسيويين بعد قيام الدولة ودخولنا مجتمع الوفرة. طبعا الرقم السابق يعتبر كارثة وطنية بكل المقاييس, لأنه بعد سنوات طويلة من العمل والجهد في بناء نظام تعليمي نصل إلى مستوى لا يكون عندنا فيه سوى 49 معلما في إمارة من أكبر إمارات الدولة, ما يكفي لدق نواقيس الخطر على أكثر من صعيد, منه قطعا صعيد معلمينا المواطنين الذين يهجرون المهنة زرافات ووحدانا. والحال الذي ينطبق على دبي يمكن تعميمه على بقية الإمارات حيث نسب المعلم المواطن متدنية, وإنما يجيء ذكرها للدلالة فحسب على الواقع الأليم الذي يعيشه قطاع التعليم عندنا, حيث يهجره المواطنون ويبتعدون عنه, وحيث يفشل لعدة أسباب في استقطاب المواطنين للعمل فيه, فيما نحن ندعو وننادي إلى توطين القطاع الخاص, بينما قطاع التعليم الحكومي يشكو من عدم التوطين, ومن فشله في هذا الخصوص. وبما ان الأرقام خير دليل على هذا الفشل, فهذه تقول ان عندنا في المرحلة الابتدائىة كلها 245 معلما مواطنا فقط, و200 آخرين في الهيئة الادارية والفنية, ويرتفع الرقم في حالة المعلمات ليصل الى 3160 معلمة مواطنة وإلى 1031 بالهيئة الادارية والفنية. أما في المرحلة الاعدادية فالمعلمون المواطنون 176 فقط وفي الهيئة الادارية والفنية 193, بينما العدد يرتفع مرة اخرى في حالة المعلمات الى 1250 معلمة مواطنة وفي الهيئة الادارية 159 فقط, اما في المرحلة الثانوية فهناك 112 معلما مواطنا و186 بالهيئة الادارية, والمعلمات 1266 مواطنة و556 بالهيئة الادارية, فيما يصل عدد المعلمين المواطنين الى 7 معلمين فقط في التعليم الديني و20 معلما في التعليم الفني. وبما ان الأرقام تتحدث عن نفسها, فإن انحسار وجود المعلم المواطن في مدارسنا إلى المعدلات المخيفة تلك لا يتطلب بحث الأسباب, فهذه معروفة وأشبعت نقاشا, بقدر ما يتطلب علاجا سريعا يحبب مهنة التعليم إلى المواطنين فيقبلون عليها, بحيث يبدأ العدد يتصاعد مجددا عاما بعد آخر, لكي نقول بفخر بعد سنوات اننا نجحنا في توطين المهنة, وصار لدينا الكادر الوطني من المعلمين الذين نضع أولادنا أمانة في أعناقهم ونحن مطمئنون. أما العلاج فليس أكثر من رفع رواتب المعلمين بما يتناسب مع جهدهم وبما يتكافأ مع دورهم وقداسة ما يقومون به, وبما يتلاءم مع أوضاعهم المعيشية ومع الأوضاع الاقتصادية, وبما يجعلهم في مستوى زملائهم من موظفي الدولة والقطاع الخاص على السواء في الأجور والرواتب والبدلات, وبما هو معمول به في أغلب دول العالم المتحضر, حيث يحظى فيها المعلمون برواتب تضعهم في درجة عالية من سلم الأجور. وإذا تعذر وضع سلم رواتب خاص بالمعلمين يشجع المواطنين على الانخراط في المهنة ويمنعهم من التسرب منها كما حدث خلال السنوات الماضية, فإن أضعف الإيمان الممكن هو تخصيص علاوة تدريس على رواتبهم تكون مجزية وبحيث تعوضهم من ناحية عن طبيعة عملهم وتميزهم من ناحية أخرى عن بقية الموظفين, فيمكن مع مثل هذا التشجيع والمكافأة إعادة المعلم المواطن إلى مدرسة الوطن.

Email