مع الناس، بقلم:عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

مهمة أستاذ الجامعة من بعد التدريس, وربما قبله أيضا, هي أن يقرأ ويتابع ويستزيد علما ومعرفة ويشارك في شؤون مجتمعه, سواء كانت مشاركته في اختصاصه الاكاديمي او عامة, كما أن من أولوياته جنبا الى جنب تقديم مادته العلمية لطلابه, تقديم البحوث والدراسات وعدم التوقف عنهما , لأن في توقفه ضمورا عن الابداع والمشاركة وتراجعا عن المعرفة. وربما كان هذا هو الفارق الوحيد بين مدرس المرحلة الاعدادية والثانوية وبين مدرس الجامعة, فالثاني يحمل شهادة دكتوراه نالها عن بحث ودراسة وابتكار كما هو مفترض, وهي تعني مرحلة علمية متقدمة بواجباتها قبل ان تكون متقدمة في المستوى والمركز التعليمي, وأول هذه الواجبات الملقاة على عاتق حامل شهادة الدكتوراة ولقب الدكتور هو البحث العلمي والمشاركة بالرأي والمعرفة والعلم في مجال ما من مجالات الحياة. طبعا هناك مدرسون أكثر ثقافة وعلما واطلاعا ومعرفة ومشاركة من دكاترة واساتذة جامعات, من الذين تلتقيهم أحيانا اما بالصدفة او في مؤتمر او ندوة, فتعجب للجامعة التي منحته الدكتوراه, بعد ان يتكشف لك حاملها عن ضحالة في التفكير وسطحية في المعرفة وهشاشة في المنطق والحوار, فتعرف أن الشهادة ضلت طريقها إليه. مثل هذا الدكتور سعى للشهادة لاحبا فيها ولا في العلم, بل طريقا للوصول الى مركز اجتماعي ووظيفة راقية, من دكتور في جامعة الى مدير في دائرة, فلما وصل الى ما ابتغى توقف عن البحث والعلم والقراءة والاطلاع والاستزادة من المعرفة, فمثل هذا يظل مقبولا كمدير او رئيس قسم في وظيفة ادارية, غير انه غير مقبول بالمرة ان يكون في صفوف هيئة تعليم جامعية. وشخصيا أتهم غالبية اساتذة الجامعات عندنا بأنهم من هذا الصنف, الذي اكتفى بالشهادة وبالتدريس وظيفة, فتوقف, لا عن البحث وطلب المزيد من المعرفة, بل حتى عن القراءة والمشاركة بالرأي في اي شأن من شؤون حياة مجتمعه ومواطنيه, فمن بين 600 أستاذ جامعي في جامعة الامارات وحدها, فيهم حوالي 160 معلما مواطنا, لانكاد نشعر الا بمشاركة عدد محدود من هؤلاء في حياتنا لايزيدون على عشرين استاذا في أحسن تقدير, فأين البقية؟ ومؤخرا التقى زملاء لنا من (البيان) بمجموعة من أساتذة جامعتنا, فاكتشف الزملاء في بعض هؤلاء انهم لايقرأون حتى الصحف كما ينبغي, بدليل ان بعضهم طالبنا نحن الصحفيين بالكتابة في موضوعات معينة, نحن عمليا أشبعناها نقاشا وكتابة حتى ملت منا هذه الموضوعات, فيما أساتذتنا الأفاضل, لا على البال ولا على الخاطر. طبعا نستثني قلة من دكاترتنا المثقفين حقا والمتابعين والمتنورين والمشاركين والإيجابيين, ولولا الخوف من السهو لسمينا هؤلاء نسبة لأنهم قلة كما أشرنا, فنكتفي بالاشادة بما يقومون به من جهد سواء في التدريس او في المجتمع على السواء, مقابل عشرات غيرهم في جامعة الامارات وغيرها من جامعاتنا يستوون مثل غيرهم من آلاف البشر دون أدنى مشاركة او دور او حضور علمي فاعل في المجتمع, وربما لا امتياز اخر لديهم على غيرهم سوى ان حرف الدال يسبق اسماءهم, فنرجو ألا يستمر هذا الدال عبئا عليهم ولا ان يكونوا هم عالة عليه, والله من وراء القصد.

Email