واي بلانتيشن إعلان إذعان: بقلم ـ نايف حواتمه

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعلان واي بلانتيشن, اعلان أمني اكثر منه اتفاق بين سلطة الحكم الذاتي وحكومة نتانياهو . هذا الاعلان جزء من مسلسل طويل ومستمر من التداعيات السلبية لاتفاقيات اوسلو وتطبيقاتها جاء فعليا بعد دخول هذه الاتفاقيات دهليز مظلم اخر في سياق سياسة التعنت الاسرائيلي وفي سياق البنية الهشة لتسوية ظالمة وغير متوازنة وبدون مرجعية دولية حقيقية لها. ان أصل الداء لم يكن في واي ريفر بقدر ما كان مع ولادة تسوية مدريد ـ اوسلو على مسارها الفلسطيني ـ الاسرائيلي. وتحت ادارة متخلفة لقيادة سياسية متنفذة في منظمة التحرير بزعامة جناح اليمين ويمين الوسط, الذي لهث وراء اي تسوية وبأي ثمن وبنى موقفه على اوهام اقتطاف ثمرة سلوكه السياسي ببناء كيان موعود بدعم اقليمي وتوافق امريكي. قبل فترة ليست بالوجيزة, اطلت علينا ما تسمى بالمبادرة الامريكية (المعلنة وغير المعلنة) لتحريك المفاوضات بين حكومة نتانياهو وسلطة الحكم الذاتي, هذه المبادرة التي تقع اصلا تحت سقف اتفاقيات اوسلو الظالمة حتى بنظر اصحابها تم التراجع عنها, واصبح الطرف الفلسطيني من جديد تحت رحمة مرجعية ثانية في واي ريفر عنوانها ما يتم الاتفاق ما دون سقف ورقة المبادرة الامريكية وتحديدا بمرجعية ورقة (احمد قريع ـ اسحق مولخو) التي تمخضت بفعل مباحثات سرية طويلة بين غزة والقدس وتل ابيب طوال الشهرين الماضيين. وهكذا تتتابع المتوالية الهندسية في سياسة التنازلات والخضوع للاملاءات والضغوط على السلطة الفلسطينية. اتفاق واي بلانتيشن بجوهره اتفاق املاء تحت مطرقة الضغوط والاشتراطات الامنية الاسرائيلية وبشهادة منحازة للراعي الامريكي ودور غير نزيه لصالح التوسعية الاسرائيلية الصهيونية. القراءة الموضوعية لنقاط اعلان واي بلانتيشن مع نظرة نقدية للمراحل الاخيرة التي اوصلت اليه تجعلنا نصف بكل وضوح هذا الاعلان باعتباره: اعلان مبتعد كليا عن الشرعية والمرجعية الدولية وبشهادة مطعونة من قبل راع منحاز, وبفقدان الغطاء الدولي الحقيقي. اعاد انتاج قضايا يفترض انه تم الاتفاق عليها سابقا (المنطقة الصناعية, المطار, الميناء, المعبر الآمن...). ادخل المفاوضات مرة ثانية في دهليز مظلم تحت عنوان مفاوضات اللجان الفنية لتنفيذ هذا الاعلان, وهذه المفاوضات ستحتاج الى مفاوضات طويلة وربما الى قمم لاحقة, وكل ذلك قد يمتد الى فترات طويلة سيستفيد منها نتانياهو وائتلاف اليمين في الاسراع بعمليات التغيير الديمجرافي للارض الفلسطينية وتوسيع رقع الاستيطان والتهويد وشق الطرق, خاصة ان هذا الاعلان لم يتطرق لسياسة البلدوزرات التي تنهب الارض كل يوم. الاعلان بجوهره, اعلان أمني, تسعى من خلاله سلطات الاحتلال والادارة الامريكية لدفع الاوضاع في الاراضي الفلسطينية نحو مزيد من التوتر والاحتقان تحت دعاوى مكافحة الارهاب والتحريض وملاحقة قوى المعارضة, بينما قطعان وعصابات المستوطنين المسلحين تعيث فسادا على الارض الفلسطينية وبأمن المواطن الفلسطيني وتتسلح باكثر من 100 الف قطعة سلاح آلية بما يفوق ما لدى شرطة سلطة الحكم الذاتي من اسلحة. والاعلان ايضا, سهل من جديد تقطيع الارض الفلسطينية وجعلها متناثرة الاوصال بدون رابط جغرافي ودون تواصل اقليمي, حيث ما نسبته 13% ستكون ضمن اطار بقع سكانية مدنية فلسطينية في المنطقة (ج) من ريف الضفة الفلسطينية عند عودتها لسلطة الحكم الذاتي, بينما قوات الاحتلال باقية تفرض سطوتها على اكثر من 70% من ريف الضفة الفلسطينية (المنطقة ج) التي ستصبح بذلك ذات حضور سكاني فلسطيني قليل مما يؤهلها لعمليات الاستيطان اللاحق. هذه باختصار بعض ما يحتويه ويكتنزه اعلان واي بلانتيشن, فهل كان الطرف القيادي في السلطة الفلسطينية مضطرا له وهل كان الخيار الوحيد امامه؟ بالتأكيد لم يكن هذا هو الخيار الوحيد امام سلطة الحكم الذاتي, فالخيار الوطني الوحدوي, هو الخيار الوحيد الذي يفتح الطريق امام تجاوز مظالم ما يحصل, ويفتح الطريق امام الخلاص من الضغوط والاشتراطات الامنية وغيرها. ان الاوهام التي تعشعش في اذهان وسياسات قيادات جناح اليمين ويمين الوسط في قيادة منظمة التحرير, كلفتنا ثمنا باهظا وخسائر صافية. فهذه الاوهام ما زالت تدفع بسياسات هذا الفريق لاكمال مشواره في التسوية المذلة الراهنة, تسوية مدريد ـ اوسلو التي لا شرعية دولية حقيقية لها وبدون مظلة الامم المتحدة. اننا على قناعة كاملة بان اعلان واي بلانتيشن لن يكون نهاية المطاف وحكم ابدي على حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية, فكم من الاتفاقيات الظالمة وقعت باسم ونيابة عن الشعوب, القيت في سلة المهملات على يد قوى الشعب. مع هذا يجب ان لا نقول وننتظر؟ نقول لا وندعو كل قوى الشعب الفلسطيني الخيرة والمعطاءة في صفوف قوى المعارضة وفي صفوف حركة فتح وبين الجميع في الداخل والشتات, للوحدة الوطنية واللقاء تحت راية البرنامج الوطني الائتلافي المشترك على ارض الواقع وفي ميدان الصراع اليومي ضد الاحتلال وضد اتفاقيات الذل والاذعان. فآخر الليل نهار, وآخر ليل الاحتلال ومشاريع اتفاقيات السلام المزيف لن يكون سوى نهار الشعب الفلسطيني تحت ضؤ الشمس ونور الحرية على ارض فلسطين.

Email