أبجديات: بقلم- عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

نختلف في تعاملنا مع الظروف الطارئة, والمواقف الحياتية الروتينية, كما نختلف في التعامل مع مشاكلنا المعقدة, وادارة أزماتنا سواء أكانت مالية أو عاطفية أو أسرية . والاختلاف طبيعي لأننا كبشر مختلفون في كل شيء, وأول مايؤثر في طريقة تعاملنا مع مواقف الحياة: نوعية التربية التي تلقيناها في أسرنا, والأفكار التي نؤمن بها وتملأ نفوسنا, ومستوى التعليم الذي حصلنا عليه, والتجارب والمعارف والقراءات التي توفرت لنا. ومن كل ما نتفق عليه, وبين كل ما نختلف حوله, تبقى هناك قوة دافعة جبارة في داخلنا, اسمها الايمان, ان هي استغلت بشكل صحيح تجاه الهدف, فإن أزمات كثيرة, وكوارث أيضا يمكن التغلب عليها, كما ان احباطات وتجارب فشل يمكن تحويلها إلى دروس وفرص عظيمة لتحقيق عالم من الثراء قد لا يخطر على البال, والثراء لا يعني المال دائما. أغلبنا يريد ان ينجح, وان يبرز في مجال عمله, وبعضنا يحلم بالشهرة وآخرون بالثروة, أو بعلاقات عائلية وعاطفية متناغمة ومنسجمة, لكن الذين يحققون غاياتهم عدد قليل جدا من الناس. ذلك ان المسألة ليست في ان نريد, المسألة الاكثر أهمية أن نملك فكرة واضحة عما نريد, ورغبة مشتعلة في تحقيق مانريد, وايمانا ثابتا في تحقيق مانريد, بدون ذلك سنرتكب أحد أكبر أسباب الفشل وهو عادة التخلي عن أحلامنا عند حصول (انهزام مؤقت), وكلنا ارتكب هذا الذنب أو سيرتكبه ذات يوم. ان المشاهد والحكايات التي تمر بنا, قد تمثل سجلاً جيدا لأفكار عظيمة, فقط اذا استفدنا منها. ولنتأمل معاً هذه الحكاية: يروي أحد العظماء في مجال السياسة والمال في أمريكا انه وقبل ان يتعرف الى اسرار الثروة كان مجرد صبي يساعد عمه في مزرعته, وفي طحن حبوب القمح. وذات يوم اندفعت طفلة صغيرة تجاه عمه وكانت ابنة أحد المزارعين في المزرعة, نظر اليها العم غاضبا وسألها عن حاجتها, اجابت: امي تريد بعض النقود, فرفض ان يعطيها وأمرها بالعودة للمنزل, قالت له: امرك ياسيدي, ولم تتحرك من مكانها! انهمك في عمله وحينما رفع رأسه رآها مازالت في مكانها فصرخ فيها كما فعل في المرة الاولى لكنها اجابته بنفس الاجابة مع انه هددها بالضرب. عندها ترك مافي يده وتوجه اليها, وكان الاحتمال الوحيد انه سيوسعها ضربا فقد كان الرجل شرسا حاد الطباع, لكن الذي حدث لم يكن متوقعا. لقد تقدمت منه الطفلة ونظرت الى عينيه وصرخت بأعلى صوتها (أمي تريد بعض النقود) فجمد الرجل ونظر اليها, ثم وضع يده في جيبه واعطاها شيئا من المال, اخذته وعادت ادراجها بهدوء دون ان تسقط عينيها عن الرجل. ماذا فعلت تلك الطفلة بذلك الرجل الشرس؟ باختصار لقد ملأت نفسها بهدف واضح, ورغبة مشتعلة وايمان ثابت, وبهذا (اقتحمت) الرجل و(صفعته) دون ان يحرك ساكنا, لكنها في النهاية حققت ما ارادت وجلس هو فوق أحد البراميل ينظر إلى النافذة باتجاه الفضاء اكثر من عشر دقائق متأثرا باعياء (الصفعة) التي تلقاها.

Email