مع الناس:بقلم-عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك خلاف ظهر الى السطح بين وزارة التربية ومديريها للمناطق التعليمية, بدأ بتوجيه الوزارة الاتهام واللوم والمسؤولية عن بعض مشكلات بداية العام الدراسي لمديري المناطق , فرد هؤلاء غاضبين بتحميل الوزارة المسؤولية كلها, وباستعدادهم للاستقالة من عملهم فيما لو ثبت عليهم أي تقصير ولو بنسبة 1%. تحمل المسؤولية برجولة وشجاعة الى درجة الاستعداد لتقديم الاستقالة والاعتراف بالخطأ والتقصير صفة ادارية حميدة لا نجدها كثيرا عندنا ولا نمارسها, ولم نسمع بعد عن مسؤول مهما كان مركزه وشأنه استقال لأنه أحس بتقصير يوما, ما يجعلني شخصيا أحيي مديري المناطق التعليمية الذين أبدوا استعدادهم للاستقالة شعورا منهم بالمسؤولية, فيما لو ثبت فعلا تقصيرهم. وهكذا فالوزارة اذا أرادت التخلص من بعض مديري المناطق, فأمامها فرصة ذهبية لذلك, وما عليها سوى اثبات تقصير هؤلاء, لكي نرى بعدها شجاعتهم, لولا ان هؤلاء رفضوا الاتهامات جملة وتفصيلا وردوها الى نحر الوزارة, دون ان نعني بذلك اثارة الشك في شجاعتهم أو التقليل من صدق استعدادهم لترك العمل, خاصة ان فيهم من قضى في عمله سنوات إبيضّ فيها شعر رأسه, فلم يعد يجد ما يغريه بمزيد من البقاء. وبما ان الخلاف دار حول المشكلات التي واجهتها المدارس, وهي مشكلات كل عام تقريبا, وصارت من تقاليد التعليم العريقة عندنا, كتأخير صيانة المباني وعدم اكتمال الهيئتين الادارية والتدريسية ونقص الكراسي والكتب والمناهج وغيرها, فإن الردود التي تفضل بها مديرو المناطق فيها من الصحة الكثير, خاصة لجهة الصيانة وطباعة الكتب وتسليمها للمناطق أو توفير الكراسي واللوازم أو نقص في الهيئات التدريسية, مما يدخل في اختصاص الوزارة ودورها, لا في اختصاص المناطق, كونها ليست الجهات التي تتخذ قرارات مثل هذه الشؤون ولا تمويلها, مثل طباعة الكتب أو شراء المكيفات والكراسي... وهلم جرا, حيث ينحصر دورها في استلام هذه من الوزارة وتوزيعها على المدارس. مع ذلك, فلا نستطيع ان نلغي المسؤولية عن المناطق, فيما اذا كانت الوزارة لبت متطلبات المسؤولية واحتياجاتها من مدرسين وكتب ومعدات وغيرها, وسلمتها الى المناطق التعليمية التي تأخرت بدورها, لسبب أو لآخر, كالروتين فيها أو تخلف موظفيها عن العمل أو التقاعس والاهمال وغير ذلك, عن توزيعها على المدارس بالسرعة اللازمة وبالكيفية التي نضمن معها بداية عام دراسي مريح من دون نواقص ولامشكلات, مما يعني عدم مسؤولية الوزارة عن بعض هذه المشكلات, باستثناء, اللهم الصيانة. وعليه, ومن دون الدخول بين البصلة وقشرتها, أستطيع بدوري ان أدافع عن المناطق التعليمية تارة وعن الوزارة تارة أخرى من دون معرفة الحقيقة كاملة, فهذه يعرفها أهل التربية وحدهم, فيما نحن لا نعرف شيئا أكثر من ان المشكلات موضع الخلاف والجدل وتبادل الاتهامات هي مشكلات كل عام, ربما تنتهي مشكلة عرفات فيجد دولته المستقلة قبل ان تنتهي مشكلات التربية عندنا. وبما ان أهل التربية اختلفوا فيما بينهم هذا العام ولأول مرة, وأخذوا يتبادلون الاتهامات بالتقصير والمسؤولية عن هذه المشكلات, فإن الأمل هو ان تسفر خلافاتهم الحالية عن معرفة الحقيقة وأسباب التقصير, فلا يأتي العام الدراسي المقبل الا والمشكلات هذه لا وجود لها, من دون استقالات ولا إقالات.

Email