أبجديات: بقلم - عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الكلمات القليلة التي احتفظت بها ذاكرة التاريخ للملك الفرنسي لويس الرابع عشر مقولته الشهيرة: (انا الملك, انا الدولة)! واظن ان هذه الجملة وحدها كافية لاسقاط وابتذال كل اشكال الادارة والقيادة اذا كان اصحابها يؤمنون بمضامينها على طريقة ذلك اللويس ! مما يؤسف له ان تصل القناعة بمضامين هذه المقولة اقصاها عند الكثيرين ممن يتولون المسؤولية في الكثير من مؤسسات المجتمع, وتكون الفاجعة حين يبرر المحيطون بالمسؤول هذا النهج, ويشجعونه عليه, وأول التشجيع هو السكوت والمجاملة والسقوط المتتالي في نفاق المسؤول, حرصا على المكتسبات وضمانا للوظيفة ولقمة العيش. تسأل احدهم, وهو يفور كمرجل غيظا وحنقا على مديره الذي صمم ان يفعل مايريد رغم ان هذا الذي يريده خطأ يقترب من حافة الخطيئة قانونا ومنطقا, تسأله: لكنك في الاجتماع كنت صامتا وتبتسم (لسيادته) لم تحاول ان تثير نقاشا او تعترض, كما انت الآن؟ يرد عليك بمنطق بطانة لويس الرابع عشر: وهل انا مجنون؟! هل تريدني ان افقد وظيفتي؟ للأسف ــ اقولها مرة وألفا ــ هناك مسؤولون وموظفون يرتكبون الحماقة تلو الأخرى وفي كل حماقاتهم, فإن الخاسر الاكبر هو مستوى الاداء ومحتوى العمل والانتاج وخطط التغيير والتطوير, لان نمطا من العلاقة يسير على رجل عرجاء, وفكر اعمى لا يرى غير نفسه. هذا النمط لايمكنه التقدم خطوة واحدة للأمام, فكل من له اقتراح او مشروع او رأي معارض للمدير فليحتفظ به لنفسه, فذلك افضل! هذا هو الشعار السائد في الكثير من المؤسسات ودوائر العمل. لقد شاهدنا وقرأنا حول انماط من المسؤولين المتوترين نفسيا والمترنحين تحت وطأة شعار (لويس الرابع عشر) ولكن ذلك لم يعف احدا منا من تسجيل مواقفه ضد الشعار وضد المترنح سكرا به, ولم يخل تسجيل المواقف من مواجهات ومشاحنات انتهت في بعض منها الى عداوات! لايهم, المهم هو ان تقول كلمتك, وان تمنع اخطاء ستطوق عنق المجتمع بطوق من خطايا في الآتي من الايام. ومنذ مدة واحدى الوزارات تطرح تساؤلا حول تطوير الميدان الذي تعمل فيه, ولقد سألني احد العاملين في هذه الوزارة وهو من المعنيين بشأن التغيير: كيف يمكن ان نغير؟ ما هي الاقتراحات الممكن تقديمها؟ ان لدينا غدا اجتماعا لهذا الغرض!! عجبت وضحكت وقلت في نفسي تبا لك يا لويس الرابع عشر, فمازالت لعنة نظريتك تصيبنا بالتقهقر كل يوم, عاما للوراء في الوقت الذي ذهب آخرون الى آخر المدى في كل امر وشأن وعلم. في حديث هاتفي نريد ان نغير نظام الوزارة, وفي اجتماع مغلق لمدة (كذا) ساعة نطمح في اصلاح عيوب قرن من الاخطاء, ومن الذي سيغير بعضا من قافلة لويس الرابع عشر!! هل يعقل اننا حتى اليوم لم نتعلم بعد كيف او ما هي آلية تصحيح الاخطاء؟ كيف نطمح اذن في مسايرة ركب الحضارات والامم التي نشتمها وندعو عليها لا لشيء الا لانها تركتنا صرعى الهزيمة في سباق الامم؟ هل ادركنا ام لا, بأن كل الثورات المفصلية في التاريخ قد فاتتنا ولم ندخلها, واظن باننا لن ندخلها: الثورة الصناعية الكبرى, ثورة التكنولوجيا وثورة المعلوماتية اليوم؟ نحن مازلنا نفاخر طواحين الهواء بأن لدينا (كذا) مدرسة, واربع قنوات فضائية, وان المرأة تعلمت اخيرا!!

Email