مع الناس: بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم اقتنع بالفوز بما يسمى الهدف الذهبي في نهائي كأس رئيس الدولة, فسواء كان هذا الهدف من عيار 24 قيراطا كما تصفه صحف او حتى من عيار الف قيراط فهو ليس اكثر من هدف قاتل قد يأتي من ضربة رأس أو من ضربة كتف او يد, او حتى من خطأ يرتكبه حارس مرمى الخصم, فينهي, لا المباراة وحدها, بل دوري الكأس كله في لمح البصر, فأسميه هدف بيف باف, مما سأنهي به هذه الزاوية اليوم. هذا الكلام لا يقلل على الاطلاق من فوز فريق الشارقة على الوصل في المباراة النهائية اول أمس, فالشارقة يضم بعض افضل لاعبي المنتخب كما انه ذو خبرة طويلة وصاحب بطولات, وفوق ذلك كان واضحا منذ فوزه بهدفين في الشوط الاول انه يتجه الى كسب الكأس, لولا ان الهدف القاتل نفسه الذي نتحدث عنه, يسيء الى الفريق الفائز ايضا, فيقلل من اهمية فوزه ويشكك في جدارته, بعد تعادل الخصم معه. بالمقابل فإن الهدف القاتل هذا لا يسيء لفريق الوصل المنهزم فهو علاوة على خبرته الطويلة وتحقيقه بطولات سابقة وضمه لاعبين محترمين على الدوام, عادل خسارته في الشوط الثاني, وكان بينه وبين الكأس في الوقت الاضافي مجرد هدف قاتل لو احرزه لعاد بالكأس, لولا ان هذا الهدف المسيء للبطولة كلها كان من نصيب فريق الشارقة, فعاد بالكأس. وربما يغضب من يغضب لوصفنا هذا الهدف الذهبي بالمسيء, فيرى اننا نتجنى على الفائز مثلا او على نظام الفوز في النهائي, فنطلب من مثل هذا في حالة وجوده سعة الصدر وتقبل الرأي, ذلك لأن هذا الهدف ضمن النظام المعتمد حاليا للمباريات النهائية يخل بأبسط قواعد التنافس, اي اتاحة تكافؤ الفرص للطرفين, وفي حالة كرة القدم فإن المقصود اتاحة الوقت بالتساوي للطرفين للتسابق في احراز الاهداف والتقدم بالنتيجة. لذلك كان الهدف الاساسي من نظام الوقت الاضافي عند تعادل الطرفين, فيكون هذا الوقت معلوما وكاملا ومتساويا ومقسوما بين الطرفين, اي انه بمثابة مباراة اخرى مختصرة, لابد من اكتمال وقتها, ومعه لا يجوز ان يحسمها هدف سريع, والا فلماذا لا نحسم المباراة الاصلية بمثل هذا الهدف السريع لأي من الطرفين فنرتاح ونريح؟ وعليه فإن القول مثلا بأن الذي هزم الوصل في المباراة النهائية وحقق الفوز للشارقة هو هذا النظام الغرائبي صحيح مائة بالمائة, فالهدف في هذا النظام هو مثل الفوز بالضربة القاضية في الملاكمة, وبما ان مباريات كرة القدم ليست ملاكمة, فإن اعادة النظر فورا وسريعا في هذا النظام ومناقشته بغية الغائه مطلوبة من اتحاد الكرة كما من الوسط الرياضي, حفاظا على متعة المباريات من ناحية ومبدأ تكافؤ الفرص في المنافسات من ناحية اخرى. وبما انني لست خبيرا في الرياضة ولا في شؤون كرة القدم وانظمتها, التي منها نظام الهدف الذهبي الذي نطالب بالغائه, والواضح ان خبيلا اجنبيا استهبلنا فيه, فإنني ادافع اليوم اكثر عن حقنا كمشاهدين ومشجعين نستمتع بالمباريات, خاصة النهائية منها, فمثلما يسرق هذا الهدف القاتل متعة الفوز من الفريق المنتصر بعد ان يكون قد سرق فرصة الفوز واحتماله من الفريق المهزوم, فإنه يسرق من امام مئات وآلاف المتفرجين والمشاهدين متعة المباراة واثارتها ولحظاتها الاخيرة الحابسة للانفاس, حين يحسمها هدف مبكر لأحد الفريقين, هو غير مقنع كنتيجة نهائية للمباراة عند هؤلاء المشاهدين, ما يجعل من نظام الهدف القاتل ذي الابعاد الثلاثة, مجرد بيف باف يقتل روح التنافس والاثارة والمتعة, وهذه كلها روح كرة القدم وطعمها ونكهتها ايضا.

Email