الهجوم الإسرائيلي المتجدد على المسار اللبناني: بقلم - نصير الاسعد

ت + ت - الحجم الطبيعي

من نافلة القول ان فشل المفاوضات الامريكية ــ الاسرائيلية فيما يتعلق بالمسار الفلسطيني, بعد ان رفض بنيامين نتانياهو التزحزح عن موقفه بالنسبة الى اعادة الانتشار في الضفة الغربية, يطرح علامة استفهام كبرى عن امكان استمرار (العملية السلمية) ضمن معطياتها الراهنة. بكلام اخر, باتت هذه (العملية) على مفترق: فاما شروط جديدة تساعد على انقاذها ومن ضمنها تعامل امريكي ــ دولي مختلف مع اسرائيل, واما نهاية محتمة لهذه (العملية) .. وفي انتظار ذلك يبدو ان (السلام) مستحيل... او (مؤجل) غير ان المعطى الايجابي الذي كان واضحا خلال الايام القليلة الماضية, هو ان اسرائىل تتحمل امام انظار العالم اجمع مسؤولية الفشل والوصول الى هذه النتيجة, ومن كان يحتاج الى برهان فقد اتاه البرهان في الاسبوع الماضي. بعد فشل مفاوضات المسار الفلسطيني ليس ما يهمنا في هذه المعالجة, البحث في مستقبل العملية السلمية ككل.. بل انعكاس التطور الاخير على لبنان وجنوبه. قبل ان تفشل اسرائيل المفاوضات المتعلقة بالمسار الفلسطيني كانت قد حققت نجاحا في معركتها الدبلوماسية بشأن اقتراحها بتنفيذ مشروط للقرار 425. نجحت في عدد من المحافل الدولية ــ الرئيسية ــ في كسب تفهم هذه المحافل لاقتراحها وفي اكتساب (مصداقية) معينة بعد ان اوحت بــ (الجدية) و(النية الحسنة) غير انه يمكن القول الآن, بعد فشل المفاوضات المتعلقة بالمسار الفلسطيني, ان ماكسبته اسرائيل في معركتها السابقة على هذه المفاوضات, قد (اهتز) فعلا.. وان (المصداقية) التي حاولت اكتسابها قد تراجعت فعلا, في ظل القلق الاقليمي ــ الدولي من نتائج السياسة الاسرائيلية واحتمالاتها. من الطبيعي ان تطرح الدوائر الدولية السؤال الاتي: اذا كانت اسرائيل جادة في الانسحاب من جنوب لبنان فلماذا ترفض اي انسحاب جديد من الاراض الفلسطينية بموجب الاتفاقات الموقعة من الجانب الفلسطيني.. او بالاحرى اذا كانت اسرائيل ترفض اي انسحاب جدي من الاراضي الفلسطينية بموجب الاتفاقات الموقعة فهل تنسحب فعلاً من جنوب لبنان؟! في اعتقادنا انه كان لاقتراح اسرائيل (اللبناني) وظيفة اساسية من ضمن عدة وظائف, هذه الوظيفة ذات الطابع التكتيكي هي فضلا عن خلق صورة سلمية لاسرائىل, الايحاء للفلسطينيين بامكان التقدم على المسارين اللبناني والسوري للضغط عليهم ودفعهم الى تقديم تنازلات, الموقف اللبناني ــ السوري الرافض لشروط اسرائىل على القرار 425 احبط جانبا من هذا التكتيك الاسرائيلي بان تقدما على المسارين اللبناني والسوري بات وشيكا.. لكن الفلسطينيين تنازلوا وقبلوا بالنسبة التي اقترحتها الولايات المتحدة لاعادة الانتشار الاسرائيلي اي 13.1% ومع ذلك رفض نتانياهو من جهته الموافقة على الاقتراح الامريكي. ماذا نريد ان نقول فعلا؟ لانختصر اهداف الاقتراح الاسرائىلي بتنفيذ مشروط للقرار 425 الذي يؤمن لاسرائىل حل مشكلتها في جنوب لبنان.. لكننا كنا نشير هنا الى وظيفة تكتيكية متصلة بالمسار الفلسطيني. ونقول ان اسرائىل بعد افشالها المفاوضات المتعلقة بالمسار الفلسطيني, ستواصل استخدام اقتراحها (اللبناني) تكتيكيا) .. ولكن هذه المرة للتغطية على دورها في الفشل الاخير وتجديد صورتها كساعية الى سلام يرفضه العرب!! نقترح اذن هذا (الوعي) لاقتراح اسرائيل المتعلق بلبنان, اي ان له اغراضا لبنانية من جهة واغراضا تكتيكية متنوعة من جهة اخرى وعليه, فاننا نتوقع اول ما نتوقع تجدد الهجوم الدبلوماسي ــ السياسي الاسرائىلي انطلاقا من هذا الاقتراح.. وهذا ما بدأته اسرائيل بالفعل مع ملاحظة اضافية هي ان (المناخ) الذي استقبل ايجابا (الاقتراح اللبناني) لاسرائيل قبل التطورات الاخيرة لايبدو الان انه نفسه بل انه قد يميل الى الحذر من اسرائيل. تستأنف اسرائيل إذن هجومها الدبلوماسي المتجدد في ظرف مختلف, نسبيا على الاقل. وهذه نقطة لصالح العرب اجمالا عليهم ان يستغلوها.. وهذا جانب اخر من الموضوع.. لكن استغلالها لبنانيا (وسوريا) ضروري لابراز نقطة على الاقل: نحن من هم بحاجة الى ضمانات .. وليس اسرائيل!

Email