تهميش المرأة في البلدان النامية وادارة الأزمات: بقلم: د. تيسير الناشف

ت + ت - الحجم الطبيعي

النساء الريفيات في البلدان النامية اشد البشر فقرا وضعفا في العالم, وهن يزددن فقرا . ان العدد الاجمالي للنساء الريفيات اللواتي يعشن دون خط الفقر في البلدان النامية في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية قدر في سنة 1988 بـ 564 مليونا. وفي جميع المناطق فان العناصر المشتركة الثلاثة التي تمس برفاهة النساء الريفيات تبدو انها النمو السكاني السريع وتزايد عدد العائلات غير الموسعة التي ترأسها المرأة وتزايد الفقر في الريف تحت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ومما يضر بالنساء الريفيات وضعهن في حالة غير مؤاتية القيود التي تفرضها عوامل اجتماعية, ثقافية, مترابطة والسياسات الاقتصادية الكلية والاستراتيجيات الانمائية فالنساء الريفيات, بوصفهن جزءا من المجتمع البشري الفقير, يعشن تحت نفس الظروف القاسية التي يعيش الرجال تحتها. وتعاني النساء بوصفهن من الجنس اللطيف من التحيزات الثقافية وتحيزات السياسة العامة وهي التحيزات التي تستخف بقيمة اسهامهن في التنمية والتي تمنعهن من زيادة انتاجية عملهن. والنساء بوصفهن رئيسات للاسر يواجهن نفس المشاكل التي يواجهها الرجال في الوقت الذي يتعين عليهن فيه ان يحملن عبء ادارة شؤون العائلة والانتاج, الادارة والانتاج اللذان لا تتلقى النساء الدعم الذي يستحق الذكر لقاءهما. ويتضح على نحو متزايد ان توجيه الفوائد المالية الى الفقراء عموما مع الامل في ان تحصل النساء على حصتهن من هذه الفوائد ليس عملية ناجحة وفضلا عن ذلك من اللازم الا تعامل النساء الريفيات بوصفهن مجرد جماعات (مستهدفة) لبرامج الرفاهة الاجتماعية بل يجب الاعتراف بدورهن الانتاجي وتعزيز هذا الدور. وتشكل النساء في الريف المصدر الرئيسي لانتاج المواد الغذائية في البلدان النامية ويولدن جزءا كبيرا من الدخل النقدي للعائلة وفي كثير من البلدان الافريقية وعلى سبيل المثال, تشكل النساء الريفيات ستين في المائة من القوة العاملة الزراعية وهن مصدر ثمانين في المائة من الانتاج الاجمالي للمواد الغذائىة. وبالتالي فان اي جهود لتخفيض حدة الفقر سيكون مآلها الفشل ما لم تنهض بمركز النساء بوصفهن عاملات منتجات وبوصفهن المستفيدات على نحو مباشر من الفوائد التي يوفرها لهن النظام الاقتصادي. معالجة الأزمات على الطريقة العربية من المعروف حق المعرفة ان الشعب العربي ــ شأنه شأن سائر الشعوب يمر في العصر الحاضر بأزمة اقتصادية وازمة سياسية ويعاني من معضلة ثقافية والتخبط السياسي والاختلاف على تحديد مكونات الهوية. وشعبنا العربي ــ شأنه شأن شعوب العالم كله ــ لايزال فريسة لبعض الاوهام في شتى مجالات الحياة, ولا يزال الخطاب البلاغي الرنان يؤدي دورا خطيرا في تصوراته ومواقفه وسلوكه. ومما هو وثيق الصلة بهذه الازمات وجود الازمة المرتبطة بتحديد المسارات على شتى الصعد القومية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والازمة المرتبطة بتحديد الاولويات في هذه المجالات ووجود مسألة معرفة المكان التاريخي للشعب ومعرفة ابعاد الهوية القومية والحضارية. ومما من شأنه ان يسهم اسهاما ذا مغزى في التصدي لهذه الازمات وفي تناول هذه المسائل المطروحة توفر المثقفين المحللين الذين يحسنون فهم الواقع الذي يعيشونه وتتوفر لديهم الجرأة على الافصاح دون تردد ودون مواربة عن افكارهم وآرائهم في حالة هذا الشعب الشقي وعن نتائج تحليلاتهم لوجود هذه الحالة وعن الحلول التي يعرضونها لازالة تلك الازمات, والذين يحسنون وعي ذواتهم ووعي محيطهم الاجتماعي والطبيعي وفهم البعد التاريخي لواقع شعبهم في السياقين الاقليمي والعالمي. وبتوفر الفهم والوعي يتوفر الوعي النقدي الذي يمكن الفرد من التناول النقدي لواقع الشعب مما يتيح الاشارة الى مواطن الضعف تلك. من شأن ذلك الوعي النقدي ان يتيح للفرد الاسهام في التصدي الفعال للتحديات المصيرية التي تواجه الشعب العربي. وعن طريق الوعي الفكري النقدي يمكن الاسهام في التخلص من الاوهام التي لا تزال عالقة في الاذهان وفي العزوف عن اتباع الاسلوب البلاغي الطنان والمجاملة الكاذبة وفي معرفة منابع الخير فينا وفي الاستدلال على كيفية مواجهة مصادر التهديد. وتقوم عوامل عديدة في ايجاد الوعي الفكري النقدي, ومن العوامل الاكثر اهمية التنشئة على التفكير المنطقي في المنزل والمدرسة والتحرر من الخوف من الآثار الضارة بالشخص المترتبة على الافصاح عن الفكر النقدي, وتحقيق قدر اكبر من الاستقلال الاقتصادي للفرد في المجتمع ومن الاستقلال الاقتصادي للدولة التي ينتمي اليها الفرد في المجتمع الدولي. استاذ الدراسات الشرقية كلية اسيكس كاونتي ــ الولايات المتحدة*

Email