صداقة على حساب العرب، بقلم : محمد الخولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحتل بولندا مكانة هامة, وربما محورية في اطار السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وقد ترجع هذه المكانة الى عوامل شتى منها مثلا .. حجم المهاجرين البولنديين الذين نزحوا من بولندا الى الولايات المتحدة وشكلوا من ثم ما يشبه اللوبي الاثني ــ العرقي في أمريكا. .. ان بولندا بلد مدرج باستمرار على جداول الاعمال الدولية فقد كان اجتياح هتلر لها بمثابة الشرارة الاولى التي اشعلت الحرب العالمية الثانية ومن ثم فالاوضاع الداخلية في وارسو, من حيث توزيع القوى السياسية ونظام الحكم واتجاهاته وعقائده لها أهميتها بالنسبة لعلاقات القوى فوق خريطة العالم. .. بولندا هي آخر حدود أوروبا الشرقية وهي البلد المجاور المتآخم للكيان الأورو ــ آسيوي المعروف تاريخيا باسم روسيا والذي كان يعرف سياسيا في سنوات قريبة باسم الاتحاد السوفييتي. بهذه الصفة كانت بولندا معبرا لزحف قوات الجيش الاحمر من الحدود الروسية مخترقة الشرق الاوروبي ومكتسحه مقاومة فلول النازية الى حيث دمرت مقر المستشارية ومخبأ زعيمها ادولف هتلر يوم 20 ابريل عام 1945 مؤذنة بذلك بانتهاء الحرب الكونية الثانية.. وهي نفس قوات الجيش الاحمر التي استطاعت بعد انتصارها على النازي ان تقيم نظاما للحكم في وارسو معتنقا للشيوعية ودائرا على مدار 35 عاما تنقص أو تزيد في فلك الاتحاد السوفييتي. .. بولندا بهذه الصفات كلها كانت المركز الامامي المتقدم لنشاط المخابرات المركزية الامريكية تسترق السمع وتختلس النظر الى تحركات الغريم السوفييتي وانشطته النووية بالذات. ولان اللوبي البولندي في الحياة والسياسة الامريكية يشمل عددا لا بأس به من العناصر اليهودية, فقد كان من الطبيعي ان يكون للامريكان عيونهم وآذانهم وصنائعهم وبصاصوهم كما يقول التعبير الكلاسيكي العربي في بولندا وخاصة في مواقعها المؤثرة ومن بينها مثلا العاصمة وارسو وميناء جدانسك. .. لم يكن غريبا, والحالة هذه, ان يبذل الامريكان جهودا جبارة, علنية, وتحتية لتأييد بل وتمويل نقابة تضامن (سوليدارتي) لعمال احواض السفن في ميناء جدانسك البولندي بزعامة (ليسن فاولنسا) القيادي العمالي الذي تكفلت اجهزة الاعلام الامريكية على امتداد عقد الثمانينات بوضعه, اسما ودعوة وحركة وصورة على خريطة الاهتمام العالمي. وقد آتت هذه الخطة الاعلامية ثمارها لدرجة ان هناك من المحللين السياسيين من يرى ان نشاط نقابة (تضامن) بزعامة فاونسا الذي اصبح رئيسا لبولندا فيما بعد, كان أول اشارة الى تداعي ذلك البنيان الذي كان العالم يتصورة هائلا ومتينا, وكان اسمه الاتحاد السوفييتي, ومن بولندا اخرجت المعاول التي هدمت حائط برلين الشهير, واستدارت في حركة التفاف تاريخية لتهدم الكرملين الشيوعي نفسه حيث كان مقاول الهدم يحمل اسم ميخائيل جورباتشوف. موقعة جيمي كارتر ليس صدفة أذن ان تحتل بولندا اهتماما استثنائيا في دائرة اهتمامات رؤساء امريكا المعاصرين وكان من بينهم جمي كارتر الذي كان اول رئيس في ربع القرن الاخير (يكتشف) كما قد نقول حكاية حقوق الانسان ويدرك, وتدرك معه دوائر صنع السياسة الامريكية ان هذا الشعار يعود على واشنطن بالربح السياسي الوفير. ومن ثم فقد تسامح العالم بالقرار الرئاسي في عهد كارتر باعادة جواهر التاج البولندي الذي كان يخص ملوكها السابقين كي يوضع من جديد في متحف وارسو, وتابع العالم ايضا في سنة 1977 انباء الزيارة التي قام بها الرئيس كارتر الى العاصمة البولندية ويومها عمد كاتبو خطابات الرئيس الامريكي الى تضمين تلك الخطابات تلميحات الى نشاط المنشقين على نظم الحزب الواحد (في روسيا وتوابعها في شرقي اوروبا) والى بذل الوعود ولو مستترة من اجل تطمين العناطر الموالية للغرب داخل بولندا بانها لن تكون وحدها, فيما لو تحركت, وقد تحركت بالفعل, ضد النظام الشيوعي الحاكم في وارسو. وبمناسبة زيارة كارتر إياها.. فقد كان بين ملابساتها حكاية طريفة ومحرجة ايضا ومفادها ان كارتر لدى زيارته الى وارسو اصطحب معه مترجما فوريا كان اهل البيت الابيض يظنونه ــ واهمين ــ (عفريتا) في نقل عبارات فخامة الرئيس الامريكي من الانجليزية الى البولندية. لكن يبدو ان الامر كان على خلاف المتوقع تماما. لقد وقف جيمي كاتر واطلق ابتسامته الشهيرة وظاهرها براءة المعمداني التقي الورع.. وبدأ خطابه الشهير في جماهير البولنديين بعبارات قال فيها بالانجليزية طبعا انه جاء الى بولندا تعبيرا عن اصدق مشاعره القلبية واخلاصه العميق تجاه الشعب البولندي العريق.. وبدلا من التصفيق الحاد المتوقع فوجىء كارتر ومرافقوه بوجوم شديد ساد جماهير البولنديين بعد سماعهم كلمات المترجم النحرير واتضح فيما بعد ان المترجم الهمام, لم يكن ضليعا في البولندية بل نقل كلمات رئيس الدولة الامريكية بعبارات تكاد تقول: يا أبناء شعب بولندا.. لقد جئتكم وقد بلغت شهوتي نحوكم ذروتها, ووصلت نزواتي تجاههكم مبلغا جعلني لا استطيع على فراقكم صبرا, الخ... كانت فضيحة سياسية تناقلتها الصحافة العالمية منذ اكثر من عشرين عاما. صداقة في حواري بولندا لكن بولندا كان لها مع الوضع السياسي العالمي, وليس الوضع الامريكي وحده, شأن آخر.. وهو شأن بات في غاية الاهمية والخطورة على السواء و.. لنبدأ حكاية هذا الشأن من أولها في حواري مدينة (وادوفيسي) البولندية.. ووسط ازمة الكساد الاقتصادي الكبير التي ألمت بالعالم وبولندا ايضا في الثلاثينات نشأت صداقة بين اثنين من الصبية: الاول ينتمي الى اسرة يهودية واسمه (جيرري كلوجر) وقد عرفوه فيما بعد باسم (جوريك) وهو من مواليد 4 ابريل عام 1921 والثاني ينتمي الى اسرة كاثوليكية واسمه ــ أو كان اسمه كارول ووتيلا ــ وهو من مواليد 18 مايو 1920 ــ وتقول كان اسمه فلانا لانه اصبح في زماننا معروفا بلقبه الاشهر ــ البابا يوحنا بولس الثاني المتربع, كما هو معروف على عرش الفاتيكان, معقل الكاثوليكية ومهوى ملايين الكاثوليك في طول عالمنا وعرضه. ومن هذه الحكاية التي يبلغ عمرها نحو ستين سنة ينطلق الكتاب الذي بين ايدينا ونحن نكتب هذه السطور وهو كما المحنا في حديث سبق من تأليف الصحفي الباحث الامريكي (دارسي اوبريان). هانحن امام صبيين ينتمي كل منهما الى عالم مختلف تماما.. بل متناقضين تماما, هو نفس التناقض التاريخي والعقائدي الذي يفصل ما بين اليهود والمسيحيين الكاثوليك على وجه الخصوص. ولقد كان يمكن لمثل هذه الصداقة بين طفليه في بولندا, ان تصلح حكاية رومانسية يدور من حولها مثلا شريط فيلم مصري او هندي حافل بالحكم والمواعظ.. وربما بالاغاني والحواديت. لكن المسألة ما لبثت ان تطورت حتى تناهت الى عصرنا فازدادت اهمية وخطرا ومن هنا تنبع خطورة الكتاب الذي اشرنا اليه وهو بعنوان (البابا المستور.. او البابا المختفي) . ولن نتصدى في هذه السطور الى تقديم عرض لهذا الكتاب الخطير فذلك مجاله موقع آخر على صفحات (البيان) ولكننا نقصد الى التنبيه الى خطورة ما يدور ويحاك من حولنا من مخططات.. ونقصد بالتحديد الى ان نؤكد لقومنا ان مسألة الصراع.. لا نقول الخلاف مع اسرائيل ليست خلافا على نسبة كذا او كذا من الارض العربية ــ الفلسطينية المحتلة.. ولكنها مسألة المشروع الاستيطاني الصهيوني الذي يحمل في طياته وبمقتضى قوانين حركته هدف الهيمنة الامبريالية باشكال متطورة شتى على المقدرات الرئيسية للعالم العربي. وفي هذا الاطار علينا أن نقرأ بشكل واع مفتوح العين والفكر كل ما نصادفه امامنا من طروحات ودعوات.. ما بين التطبيع الى انصار السلام.. وما بين التعاون الاقليمي الى الشرق اوسطية. كتاب خطير واستقبال عجيب والكتاب الذي اشرنا اليه امره عجيب حقا فهو من ناحية حاز اهتمام كبريات الصحف الامريكية التي نوهت بصدوره منذ اسابيع ثم ما لبثت الاضواء ان خفتت وكادت تتلاشى عن الكتاب وموضوعه, هذا رغم انهم في الولايات المتحدة يتسابقون الى تسليط كل الاضواء على الكتب والمطبوعات الصادرة حاليا حول اليهود والصهيونية, ابتداء من مشاركة اليهود في عصابات المافيا (كتاب ريتسن كوهين بعنوان (اليهود الخنثون ــ واحلام العصابات) . او دراسة مهمة صدرت في سان فرانسيسكو مع منتصف مايو الحالي عن الشخصية اليهودية عبر التاريخ (تأليف الاستاذين آرثر هرتز بورج وارون مانهايمر) وليس انتهاء بكتاب عن حياة اليهود في المانيا النازية وتلك قضية رووها ملايين المرات (وعنوان الكتاب بين الكرامة واليأس ــ تأليف ماربون كابلان) اضافة الى احدث الروايات الصادرة بعنوان (بوابة دمشق) وهي احدى بوابات القدس (المحتلة) من تأليف روبرت ستون كل هذه الاصدارات خرجت الى الاسواق في اقل من شهر, وكلها ــ كما قد لا يخفى على فطنتك ــ جاءت في اطار الاحتفالات المجموعة الى حد السعار بمرور خمسين عاما على قيام اسرائيل. لقاء بعد 30 سنة مع هذا كله فالمسكوت عنه هو بالذات ذلك الكتاب البالغ الخطورة الذي اوضحت بصدوره اربعة من نواد الكتب في الولايات المتحدة ووصفه احدها بأنه: قصة الصداقة الطويلة مدى الحياة (بين البابا المسيحي ورفيق عمره اليهودي) التي تؤدي الى تغيير العالم. والحاصل ان انطوى الامر ــ كما يقول مؤلف هذا الكتاب على فراق حدث بين صديقي الطفولة اليهودي والمسيحي منذ بداية الحرب العالمية ــ اواخر الثلاثينات وبعدها عاش كل منهما, وقد اجتاز طور الشباب تجربته القاسية المريرة سواء في ظل الارهاب النازي او الطغيان السوفييتي حسب تعبيرات مؤلف الكتاب وبعدها شاء القدر او فلنقل شاءت ملابسات او ترتيبات معينة ان يجتمع من جديد شمل الصديقين بعد 30 عاما من ايام الصبا الاولى في دروب مدينة وادوفيسي البولندية وكان ان تعمقت صداقتهما من جديد اذ اصبح اليهودي رجل اعمال يشاء إليه بالبنان فيما تولى صديقه اكبر وارفع منصب في دنيا الكاثوليك لا عجب ان تصدر كبرى صحف الفاتيكان غدا تنصيب البابا القادم من بولندا على عرش القديس بطرس في يوم 16 اكتوبر عام 1978 وقد حمل المانشيت الرئيسي لها عبارات تقول (البابا يمنح اول مقابلة الى صديق عبراني) وما كان الصديق (العبراني) سوى صديق طفولته اليهودي كلوجر. ضابط ارتباط مع اسرائيل واللافت للنظر ان ناشر الكتاب في امريكا يؤكد, في معرض الاشادة بالجهد المبذول في تأليف الكتاب ان المؤلف اتيح له بشكل غير مسبوق ان ينفذ الى دخائل الروقة واسرار المقر البابوي في الفاتيكان, وانه استطاع من ثم ان يجيد بدقة تصوير تلك الصداقة الحميمية والعميقة بين البابا ورجل الاعمال اليهودي كلوجر الذي ما لبث ان اصبح بمثابة همزة الوصل او (ضابط الارتباط) بين الفاتيكان واسرائيل, ويتيه الناشر الامريكي عجبا اذ يقول ان هذه الصداقة انما تلخص في بلاغه ودقة مقدار الولاء والاخلاص المستكن في ضمير البابا يوحنا بولس الثاني وتصور ما يضمره قداسته من بغض للتعصب ورفض العداء للسامية بمعنى رفض كراهية اليهود فضلا عن احتفاله بشكل غير مسبوق بالديانة اليهودية بوصفها السلف الذي لا غنى عنه والشريك الشقيق للمسيحية. اسرار في الفاتيكان واللهم لا اعتراض لنا على مثل هذه القضايا لكن حسبنا ان نواصل حديث الناشر الامريكي حين يقول: (ولاول مرة يكشف مؤلف الكتاب (دارسي اوبرايان ان البابا يوحنا منذ تولى منصبه عام 1979 عمد لفوره الى استخدام (صديقه القديم) جيرزي كلوجر, وعلى مدار 15 سنة كاملة للتعاون مع البابا تحت جنح السرية والكتمان, من اجل اعتراف الفاتيكان باسرائيل. ولكن لا يتصور احد ان هناك من يلقى الكلام على عواهنه او ان المؤلف يطلق صواريخ موهومة من التصورات او الشائعات, فقد حرص المؤلف على ان ينشر ثبتا كاملا بالصور الفوتوغرافية التي تؤكد الشكل العائلي في علاقة (صاحب القداسة) في روما وصاحبه اليهودي القادم من بولندا, فضلا عن تأكيد استقبال البابا للمؤلف نفسه واسباغ بركاته عليه وعلى زوجته التي منحها البابا هدية تذكارية. وليس يهمنا ان تقوم صداقة عميقة بين انسان وانسان على اختلاف المشارب والاعراق والاديان وقد يكون العكس هو الصحيح, اذ يهمنا ان يتفاعل البشر, ويتواصلون وهم يعبرون حواجز الاختلاف في النشأة والثقافة والعقيدة والاعراف فما خلق الحق تبارك وتعالى الناس وجعلهم شعوبا متمايزة وقبائل متعددة الا لكي يتعارفوا لكن ما يهمنا في هذا الصدد, وتلك هموم كثيرة وعميقة هو ما يمكن ان نلخصه في محاور اساسية تقول: ــ اولا: ان الصداقة التي يركز عليها الكتاب الذي اشرنا اليه ما لبثت ان توسعت من حيث النطاق الشخصي او الانساني الى حيث المجال السياسي والعلاقات الدولية وهو ما يتماشى مع قضايا الصراع العربي الاسرائيلي, وفي صميمه خطورة الاعتراف بالاطماع الصهيونية في الارض العربية دع عنك مباركة مثل هذه الاطماع طبعا بعد تحويرها وسترها في صياغات اخرى. ــ ثانيا: ان الكتاب نفسه يحدثنا عن علاقة العمل التي نشأت وتطورت في صديق الباب رجل الاعمال اليهودي البولندي كلوجر وبين الدكتور جوزيف لختن اكبر مندوبي العصبة الامريكية للدفاع عن اليهود وهو ممثلها في ايطاليا وكان بدوره من ابرز المحامين في بولندا ولكن هاهو يتخذ من روما مقرا لنشاطه الجديد في خدمة اسرائىل والحركة الصهيونية ويتم ذلك على مقربة من البابا البولندي بدوره, وفي اطار تعاون متواصل مع اقرب اصدقاء البابا ــ صاحبنا كلوجر ــ البولندي ايضا وفي هذا الصدد نقرأ سطورا من الكتاب تقول: ــ هذا المحامي البارز ممثل يهود امريكا في ايطاليا هو الذي دأب على تحضير المذكرات التي كان يقدمها صديق البابا الى دوائر الفاتيكان وكم كان يسعده ان يعرف النتائج الايجابية التي نجمت عن مذكراته. ــ ثالثا: ان التعاليم التي صدرت عن الفاتيكان في الآونة الاخيرة تؤدي في مجملها, ورغم لباقة صياغتها واغراقها في الاحالات الى مصادر تاريخية وعقائدية ــ الاشادة باليهود وتاريخهم وتعاليمهم بوصفها الجد الاعلى للتعاليم المسيحية... وكل هذا لا غبار عليه في اطار حرية الاعتقاد وحرية التعبير, لولا ان هؤلاء اليهود ـ في اسرائيل يعيشون فوق ارض مغتصبة وانهم بصدد تطوير مشروع امبريالي يقوم على سرقة الارض والموارد المائية وارهاب الدولة المنظم وحيازة قدرات نووية محظورة وتغيير وتسوية الطابع الجغرافي والتاريخي والقومي لمنطقة مازال أهلوها الشرعيون يعشقون ويتنفسون اسمها... فلسطين, ناهيك عن مواصلة احتلال اراضي دول عربية اخرى في جنوب لبنان, والمرتفعات السورية في الجولان, ولا يكفي ان تصدر بيانات عن زعامة الفاتيكان تدعو الفرقاء بالشرق الاوسط الى التعايش والسلام. واذا كانت هذه القيادة بكل مركزها الجليل في نفوس اتباعها حريصة على التبشير بتعاليم المسيحية السمحاء في المحبة والسلم بين البشر... فلن تكتمل هذه المحبة والتعايش الا اذا نهضت على اساس محو الظلم وهو قائم, وعلى اقرار العدل وهو واضح, وعلى ازالة اثار نكبة الاغتصاب وعمرها الان خمسون عاما من عمر هذا القرن العشرين.

Email