ابجديات: بقلم - عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

التجربة الانسانية تحمل دلالتها, وتولد استنتاجاتها, ولا يبقى امام الانسان الهارب دوما من ظله وعيون المرايا, الا ان يقف لحظة ينظر الى مراياه الداخلية, والى عيون من المحال ان تكذب عليه أو تأخذه الى ضلالات معتمة, بعدها يستطيع ان ينساب كجدول الساقية شفافا.. رائقا, محتفظا بتقاطيعه النبيلة وباسمه, وبحزام امان يشده الى انسانيته واناسه البارحة, وبطريق الصدفة المقدرة, التقيت صديقة.. كان لنا في بعض العمر الذي مضى ضفاف ومرافىء.. لقاءات ونفحات.. ويوم كان الانسان جميلا في الماضي.. كان القلب ابيض من اطواق الياسمين.. لذا فانك بعد جبال الايام والسنين وحينما تلتقي هذا الصديق.. يعبق الياسمين في قلبك.. ويفوح عطره في كل المكان. بطريق الصدفة المقدرة, يختبىء العمر في العمر دون ان نشعر.. وتبقى لحظة الصدق في الصدفة..نخبئها, وننساها.. نناديها فتأتينا.. ويأتي العمر الذي بالصدق قد اثمر وبين الهدب والهدب.. نرى دنيا عشقناها.. نرى صبحا شربناه.. على مهل كدفق الماء والسكر.. نرانا راكضين امام العمر.. وخلف العمر.. وفي وهج الصباحات العذاب.. نصرخ في قلوب الصحب كما الامس.. صباح الخير.. صباح الحب والشهد والسكر.. اذا نظرت في عيني هذا الذي التقيته بعد كل الذي كان.. بعد جبال السنين والايام.. فانظر في عينيه ليعرفك ولتعرفه.. فإذا نظرتما في عيني نفسيكما دون خجل.. دون تردد.. فاقرآ على نفسيكما السلام.. وادخلا في نعيم اللقيا والتحايا الطيبات العذاب. قلت لها: بثقة انظر في عينيك ليقيني بأنني كأنني لم اتركك كل ذلك الوقت الذي كان, لشعوري بأن شعورا من تأنيب الضمير لن يتلبسني او يجعلني الف وادور واستهلك الزمن الخرافي هذا في سلامات واسئله فارغة جوفاء, اشعر بأنني لم ارتكب ضدك حماقة اغتيال الطهر الذي يلفك في داخلي.. لم اذكرك بسوء او شر او اي شيء اندم عليه, وتندمين بانك وضعت نفسك في داخلي امانة.. ورحلت. انظر الى بعض اللقاءات التي تأتي صدفة.. بعد نأي ونوى.. وتحسب ان اللقيا ستكنس الشجن من صحراء القلب الذي اعتاد البعاد واستساغ الجفاء.. تفاجأ بأن الحوار كيف حالك.. ما اخبارك؟! وايضا ما اخبارك؟! وتعلق الجملة في اللسان, ويتعلق الاثنان على مشنقة اللحظة.. وينتهي الحوار قبل ان يبدأ.. وينفض اللقاء.. وكأن شيئا لم يحدث. عندما يحشرنا الحوار مع اصدقائنا في زوايا ضيقة, تضيق انفاسنا بها, وحينما نخترع الكلمة ونعاينها قبل ان ننطقها.. تكون الصداقة قد افلست.. واعلن الحب اعتزاله.. لا تحاولوا فكل الطرق باتت مسدودة.

Email