مع الناس، بقلم: عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يحدث ان تسبب رئيس دولة في طلاق زوجين بشكل مباشر, والعادة ان الزوجين يمكن ان تسوء الحال بينهما بسبب فريق كرة قدم مثلا او بسبب فنان او فنانة يختلفان في تأييدها, فيؤدي اختلافهما الى الطلاق, لولا ان صدام حسين كسر القاعدة فتسبب في طلاق الممثلة رغدة من زوجها, التي اصرت على زيارة بغداد رغما عن زوجها المعارض, فوقع الطلاق . والقصة معروفة فلا نعيدها ورغدة نفسها تحدثت عنها, وهي تعلن ان اطفال العراق الذين ذهبت للمطالبة برفع الحظر عنهم مثل اطفالها, الا اننا نندهش كيف ان مجلة (تايم) الامريكية لم تختر صداما من بين قادة القرن العشرين, وكنت احسب ان طلاق رغدة من زوجها بسببه يكفي لاختياره, فمن قبله في التاريخ تطلق زوجان لاختلافهما عليه فكان السبب المباشر في انفصالهما؟ وربما تعيد المجلة موقفها وتقييمها فتختار صداما من بين هؤلاء القادة المؤثرين, فاذا لم يكن ذلك لأنه اول رئيس دولة يتطلق زوجان بسببه, فهناك من الاسباب الاخرى ما يؤهله لمثل هذا الاختيار بدءا من النصر الباهر في (ام المعارك) وقبلها (قادسية صدام) وليس انتهاء بتركيع الولايات المتحدة, اعظم قوة في القرن العشرين, على اقدامها وجعلها تزحف على بطنها بعد ان بطحها على الارض في مسألة المفتشين. لكن, من الذين اختارتهم المجلة اذن؟ اختارت من القادة غاندي وريجان ولينين وجورباتشوف وتشرشل ويوحنا بولس الثاني ونيلسون مانديلا وآية الله الخميني وليش فاليسا وماوتسي تونغ وهوشي منه وديفيد بن جوريون وادولف هتلر اضافة الى عدد من الرؤساء والسياسيين الامريكيين, وذلك بصفتهم الاكثر تأثيرا خلال القرن العشرين, فهم عندها (كبار القرن) على حسب عنوانها الذي اختارته لهذا التصنيف. ونفهم مثلا اختيار لينين وجورباتشوف, فالاول انهى عصر القياصرة بثورة والثاني انهى الثورة وقضى عليها, كما نفهم اختيار هتلر وتشرشل وروزفلت, فأحدهم دمر العالم بحرب عالمية والاخران قضيا عليه, وعلى هذا القياس يأتي اختيار مانديلا والخميني وماو وغيرهم من القادة الذين رأت فيهم المجلة مآثر عظيمة, لولا اننا لا نفهم استبعاد آخرين لا يقلون تأثيرا, سواء بالخير او الشر, وفي هؤلاء عرب. فإذا استبعدنا مثلا جمال عبد الناصر لأسباب مفهومة عند المجلة الامريكية التي تعاديه, فهناك صدام حسين نفسه الذي اشعل حربين وشغل العالم ما يزيد على عشرين عاما حتى الآن, وهو ما لم يفعله قادة رأت المجلة ضمهم الى كبار القرن, بل يمكن ان تجد المجلة في هذا الزعيم من المنجزات ما لا تتوفر في غيره, منها كمثال تدمير بلد كامل وتجويع شعبه في اطول حصار اقتصادي يعرفه العالم حتى الآن, وهو ما لم ينجزه زعيم آخر غيره, بمن فيهم فيدل كاسترو الذي استبعدته المجلة على اساس مفهوم. واذا لم تكف هذه الاسباب لاختياره, خاصة ان المجلة اختارت هتلر مثلا ضمن القائمة وهو الذي خرب اوروبا كلها منتصف هذا القرن, فهناك حادثة الطلاق التي بدأنا بها, وهذه تكفي باعتبارها سابقة تاريخية يحل فيها على قائمة كبار القرن, لأنه لم يحدث حتى الآن ان دخل رئيس دولة بين البصلة وقشرتها, لولا ان المجلة للاسف أعقل مما نتصور, او يتصور زعماء أنفسهم ان المجلة يمكن ان تختارهم لمجرد انهم صدقوا أنفسهم وانتصروا في أم المعارك وأبيها وجدها ايضا.

Email