أبجديات ـ بقلم: عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذات يوم قال خبير الادارة الامريكي (توم بيترز) مخاطبا رجال الاعمال: (عليكم بالتركيز على النساء, توجهاتهن, رغباتهن, الدعاية المناسبة والجديرة بمخاطبة عقولهن بشكل سليم, ذلك أن 70% من القوة الشرائية في العالم تشكلها نساء, كما أن أغلب قرارات الشراء في الاسرة تكون بيد المرأة) . هذا التوجيه التسويقي, يأتي بناء على استفتاءات جماهيرية وسبر أغوار تدمنه الشركات والمؤسسات والمجلات لاشك انها تحتاج الى وجهات عمل صحيحة وسليمة ترتكز على الميدان أكثر مما تقتنع بأحاديث التنظير والظنون والاعتقادات. وعليه فإن خبرة (توم بيترز) وتوجيهاته لم تبن من فراغ ولم تتأسس بناء على هذا الكم المهول من الكتب والمحاضرات, التي ألقاها ودرسها حول العالم, وإنما بني الجزء الاكبر منها على خبرة ميدانية عضدتها اختبارات فاحصة للسوق والتسوق والمتسوقين. اليوم يلتقي الجميع عند أفكار (بيترز), علماء الادارة والتسويق, علماء النفس, وكتاب الروايات الرومانسية, فكل هؤلاء متفقون حول السبب الرئيسي الذي يقود النساء للتسوق اكثر من الرجال. وفي اعتقادهم ان المشاكل العاطفية تعد سببا رئيسيا لاندفاع المرأة نحو الشراء وبشكل شره. طبعا خبراء وعلماء الادارة والتسويق, لا يهمهم حالة النساء العاطفية بحد ذاتها, ولا يهمهم البحث عن علاجات شافية لها بقدر ما يهمهم توظيف هذه العلاقة المتشابكة بين الحالة العاطفية السيئة للمرأة وبين ميلها للتسوق, بما يصب في خدمة جيوبهم في النهاية. ويوم اطلق الزميل (حسين درويش) صرخته ــ وبألم ظاهر ــ مناديا بضرورة وجود استفتاءات للرأي وسبر للاتجاهات فيما يتعلق بموضوع الكتب لدى القارىء العربي والناشر والموزع, حتى يقف المثقف والقارىء والمجتمع على موضوع الافضل مبيعا, والاكثر انتشارا, وذلك خدمة للقارىء والمؤلف والكتاب معا, فإن الزميل كان لا يطالب ببدعة محرمة, بقدر ما يحاول وضع العربة على مسارها الصحيح, تماما كما يفعل (توم بيترز) وزملاؤه من أساطين المال والاقتصاد. البحث عن الاجابات الصحيحة من مصادرها الأكيدة. والانطلاق بعد ذلك بثقة بعيدا عن التخبط والضبابية اللذين يكادن يقتلانا بدءا بشراء (الموبايل) المختلف على فوائده ومضاره, وانتهاء بشراء الكتاب, غير الملتفت اليه أساسا. اختصاصيو السوق درسوا مزاج المرأة (المتقلب) واحوالها العاطفية جيدا, وتأكدوا بأن النساء اللواتي يواجهن مشاكل عاطفية يتحولن الى التسوق وبشكل كبير جدا, كنوع من البحث عن السعادة المفقودة والاحساس بالرضا العاطفي مقابل الاحباط والشعور بالوحدة. سبر الآراء او الاستفتاءات الجماهيرية من الحقائق العلمية والعملية التي نهملها تماما بدون مبرر, مع ان نتائجها تقود دائما الى فوائد لا تحصى.

Email