أبجديات: بقلم - عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

لأن حديث الساعة هو كرنفال الفرح والتسوق في مدينة الفرح دبي, فقد سألت صديقتي عن مدى تفاعلها مع فعاليات المهرجان فبادرتني سريعا: كانت مرة ولن تتكرر, وظننت ان الزحام هو السبب, كما يردد الجميع لكن في جعبة صديقتي كرنفال آخر من المشاهد . قالت: تسبب خروجي في أول أيام المهرجان الى احد شوارع المدينة حيث كثافة المشهد الاحتفالي قد جلبت له جموعا لا حصر لها من البشر الى اتخاذ قرار باعتزال الخروج نهائيا حتى اشعار آخر! المكان جميل, باضوائه, ومحلاته, وبمقاهي الشارع الانيقة والمفتوحة على الهواء والبشر, وهو جميل لأنه في دبي المدينة الوحيدة التي أتدفأ بحروف اسمها في صقيع الغربة وفي ذكريات العمر وفي جلسات الهواء الطلق. وبرغم جماليات الشارع, الا انني لم استسغ ان يستعير له البعض اسما آخر غير اسمه الذي نعرفه به, ولا ادري هل ان الاسم الاجنبي سيضفي عليه جمالا أم شهرة؟ وكلاهما لا ينقصانه, اللقب الاجنبي يضعنا في زوايا المقارنة التي لا نحتاج الذهاب معها ابعد مما نحن عليه الآن, ثم اننا في امس الحاجة الى هوية خاصة, وخصوصية ذات هوية واضحة. افواج الزائرين للشارع اكثر مما تحتمله مساحته الهادئة, وتلاطم البشر لا يمكن النظر اليه ببهجة وابهار طوال الوقت, لذلك ترى البعض يقول لك الحركة حلوة, ووجود الناس يضفي حيوية للمكان, لكن هذا الزحام الصاخب يجعلنا نقرر اعتزال الصخب حتى تهدأ العاصفة. والمعاكسات الصبيانية التي مللنا لكثرة اعتبارها امورا مخالفة, ولا اخلاقية, والقائمون على الامر لهم مواقف مشرفة منها, الا ان البعض يصر حتى النفس الاخير على اعتبارها ممارسة عادية لسن بعينها, هذا البعض يريد جرنا الى زاوية التصالح مع الظاهرة, وتقبلها على انها تصرف طبيعي لعمر اجزم بأنه يخطط له بحيث تصبح الرعونة, والخروج على الاخلاقيات, دستوره وهويته, وهذا البعض يستميت في اعتبارنا نسير ضد ارادة الحياة, او نعارض الرعونة ونهاجم التسكع, وبرغم ذلك فاننا نفخر برفضنا لكل مقولاتهم وترهاتهم. على اية حال, تروج المعاكسات في المراكز والتجمعات التجارية, وقد اجد عذرا ولو على مضض لمعاكسات مراهق في الثامنة عشرة ولكنني اشمئز من رجل في الثلاثين او الاربعين, وهو يتفوه بكلمات سخيفة (وانتهى استخدامها منذ زمن) من قبيل (المعاكسة) التي يجب ان يبحث لها عن مسمى آخر يمكن ان يحتوي مقدار الابتذال فيها. صديقتي تؤكد ان هذه المعاكسات سبب آخر لقرار المقاطعة الذي اتخذته برأيي الخاص فان (المعاكسات) الصبيانية اذ نقيمها كظاهرة سلوكية (ذكورية) بحتة, فاننا لا نكون متجنين حين نقول بأن الفتيات هن من يبادرن في الغالب الى نسج الشبكة, ووضع الطعم, وانواع الشباك كثيرة والطعوم لا تعد ولا تحصى, وكلنا عليم بهذا (الموال) الذي لا يطرب ابدا. السلوك العنيف او الخشن الذي يسيطر على حركة السير لا يتناسب مع ما اعتاده الناس من وداعة وهدوء طوال العام, فلا يكلف احدهم نفسه بكلمة اعتذار لأنه دفعك بكتفه فقذفك الى اقصى المكان. المكان جميل, والفرح جميل, لكن ممارسات البعض ليست جميلة على الاطلاق, وعن نفسي اتابع المهرجان بكل تفاصيله عن طريق التلفزيون واشعر بالامتنان له على هذه الخدمة.

Email