يومياتي ـ بقلم:د. احمد القديدي: السبت: اضواء الكواكب الميتة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشبيه رائع ومعبر ذلك الذي طالعته مترجما للعربية عن مقال قاس وشرس حول اتهالك القوة الامريكية, لقد شبه الكاتب الحضارة الامريكية الحديثة بأضواء الكواكب الميتة منذ الاف السنين لكنا نظل نراها في السماء وهاجة بهيجة ساطعة, ونعتز بها ونظن انها تصدر عن حياة ولكنها اضواء تصلنا من كوكب انقرض وغاب بحكم قانون سرعة الضوء وسرعة الصوت. من هو كاتب هذا المقال الذي يحاكم امريكا؟ ليس عضوا في حزب الله ولا الجهاد الاسلامي حكم تلك الولاية لاطول مدة في تاريخها ويعمل اليوم مديرا لمركز السياسات العامة والشؤون المعاصرة لجامعة (دنغر) ونشر المقالة في مجلة (المستقبليون) يحلل فيها مؤشرات الافول وسنن السقوط وقد احسنت المجلة الاماراتية (الاصلاح) عرض هذا المنظور الحضاري العلمي حتى نتعامل نحن العرب مع القوى العظمى بهذه الخلفية ولا نضع بيضنا السياسي والاقتصادي والثقافي في سلة امريكا وحدها. زبدة نظرية (ريتشارد لام) ان قوة امريكا الحالية هي حصيلة غرس الجيل السابق في الصناعة والتكنولوجيا والتعليم يتنعم به الجيل الحاضر ولا يضيف اليه شيئا بل يبدده ويبعثره بسياسات عرجاء وهو ما يبرر تشبيه الحالة الامريكية بأضواء الكواكب الميتة, وهو ما يدعو مسؤولا امريكا في حجم (لام) الى الاعتقاد ان مؤشرات الأفول والانحدار اكبر من مؤشرات استمرار القوة. يلخص (لام) الوضع الامريكي الراهن فيقول: نحن نتفق اكثر مما نستثمر (الاستثمار فاق الضرائب) ونتلف اكثر مما ندخر ونوفر, ونستورد اكثر مما نصدر وذلك ما سيضعنا في مصاف دول الدرجة الثانية الى جانب ان طلبتنا في مستوى متدن بإزاء طلبة اوروبا واليابان, يضيف (ريتشارد لام) قائلا: ان مجتمعنا يسجل نسبة عالية من الامية واعلى نسبة في الجريمة. ويختم الكاتب حاكم كولورادو السابق امريكا بالباخرة العملاقة (تايتانيك) التي يعرض شريطها هذه الايام في العالم كله, ويقول لقد اكد صانعوها عام 1912 انها لن تغرق ابدا وركب الناس مطمئنين وانهارت الاسطورة في اول رحلة لها يوم 14 ابريل 1912 على صخور الجليد القاسية الصلبة وهلك اغلب من فيها. ان هذه الشهادة من امريكي مسؤول في أعلى اجهزة الحكم تدعونا الى التفكير في التخطيط الاستراتيجي لمستقبلنا واعادة النظر في مباهج العولمة التي جعلتنا سكارى وما نحن بسكارى, حتى نزداد تمسكا بحقوقنا وتعلقنا بهويتنا. الاثنين :خطوات اسلامية مباركة تقدمت الأمة الاسلامية خطوات كبرى الى الامام بانعقاد المؤتمر الخامس والعشرين لوزراء الخارجية للدول الاسلامي في مدينة الدوحة ثم بالزيارات التي قام بها امير دولة قطر الى أخية رئيس دولة الامارات ثم الى أخية رئيس جمهورية مصر, وقد كان المؤتمر ناجحا في كل مجالات السياسة والاقتصاد حيث شكل موقفا اسلاميا موحدا ازاء الغطرسة الاسرائيلية حين قرن القول بالفعل وبدأت خطوات دول اسلامية عديدة لوضع حد للتطبيع حتى تحترم دولة اسرائيل معاهداتها وحتى يعود الراعي لموقف الانصاف والعدل والشرعية الدولية. ثم جاء الالحاح على أهمية التنسيق الاقتصادي حتى ينجز المسلمون مابدأ رسمه من سوق اسلامية مشتركة في القمة الثامنة بطهران وما بدأه طيب الذكر نجم الدين أربكان حين جمع الدول الاسلامية الثمانية في ندوة اسطمبول. ان على الجيل المسلم الراهن مسؤولية جسيمة وامانة ثقيلة فالتضامن الاسلامي هو الصراط المستقيم لاستدعاء الهوية لحماية المصالح وتأمين المصير وسيحاسبنا اولادنا غدا ان نحن قصرنا وفرطنا في تلك الاستقلالات التي دفع آباؤنا ثمنها الغالي بالامس. الثلاثاء: ساقية سيدي يوسف قليل من جيلنا في المغرب العربي يعرف اسم تلك القرية التونسية الشهيرة, الواقعة على الحدود بين تونس والجزائر وقد دكتها طائرات الاستعمار يوم 8 فبراير 1958 اي منذ اربعين عاما واستهدف الجيش الفرنسي مدرسة القرية الآمنة فسقط الاطفال شهداء بين دفاترهم الملطخة بدمائهم الزكية. لقد أثر ذلك الحادث الرهيب على طفلولتي وطفولة ابناء جيلي ولم تمح من ذاكرتنا مشاهد اشلاء زملائنا التلاميذ الاطفال وتاريخ ذلك اليوم المشهود مكتوب على اللوحة السوداء بالطباشير الابيض وقد عوقبت القرية الشهيدة على مساعدة (التوانسة) لاخوانهم الجزائريين في حرب التحرير وتواصل التضامن بين الشعبين اقوى واوسع ماكان واستقلت الجزائر بعد ثلاث سنوات وظلت القرية الوديعة رمزا على الحدود بين البلدين تشير الى ان ثمن الحرية غال والى ان أبا القاسم الشابي شاعر تونسي كان على حق حين قال: اذا الشعب يوما اراد الحياة/ فلابد ان يستجيب القدر ولا بد لليل ان ينجلي/ ولابد للقيد ان ينكسر

Email