ثرثرة بلا معنى: بقلم- ابراهيم الحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما ان علمت بانتهاء اعمال الصيانة في منزله وكان ذلك يوم اربعاء حتى قررت القيام بزيارته يوم الخميس, لعلمي بانه تعود ان يمضي يومي الاجازة الاسبوعية في مكتبته التي تقع خارج الحرم العائلي وهذا يسهل على الانفراد به وامتصاص حدة مشاعره العربية التي لا تهدأ ما دامت هناك مؤثرات خارجية وكان ذلك. فما ان علم بوجودي حتى هرع لملاقاتي بابتسامة عريضة غطت مساحة وجهه الامر الذي اوجد لدي احساسا بانه يبيت امرا, لكني لم ألق بالا لذلك, وارجأت اكتشاف دوافعها الى حين اجراء الحوار معه حول ما استجد على الساحة السياسية في المنطقة فهو من الصنف الذي يسهل على من يحادثه الولوج الى داخله وسبر اغواره ولعله قرأ ما يدور في ذهني اذ بادرني قائلا لابد وان جعبتك باتت خالية فجئت الي لتحشوها بتفسيراتك للامور. قلت: رغم انك دائما تسيء الظن بي, الا انني مع ذلك اتشوق الى لقياك ولا امل محادثتك والانصات اليك. قال: اشكرك فأنت مجامل و.... مع ذلك فأنا مازلت عند رأيي بان الذئب لا يهرول عبثا. قلت: وهل لي ان انكر بان لكل عمل غاية والا اصبح ضياعا للوقت وللجهد. قال: ما قلته حقيقة لا جدال فيها, ولكنك لم تأت يوما لتهدي مكتبتي بعض الاصدارات الجديدة. قلت: اراك قد اخضعت افكارك لمصطلحات تجارية مع انك تنفي هذا عنك. قال: ان الحديث في هذا لا يفيد فأسأل عما جئت الي من اجله. قلت: هكذا انت دائما تتراجع قبل الوصول الى حافة الهزيمة. قال: وهذا ما جعلني افضل التراجع عن التصدي والمواجهة معك اليس في هذا شيء من الحكمة؟ قلت: بلي ولكن ليس قبل التأكد من الفشل والا اعتبر هروبا وتخاذلا. قال: دعك من هذا الجدل العقيم واكشف عن اوراقك. قلت: انك تعلمني درسا في العناد وهو من مساوىء الجدل. قال: انسيتني فنجان الشاي ففقد سخونته. قلت: ان هناك أقواما يشربون الشاي باردا. قال: والغريب في هؤلاء انهم لا يتركون باردا إلا ويشعلون النار تحته. قلت: من تعني؟! قال: اتدعي الجهل ام انك تتجاهل كعادتك. قلت: صدقت فالتجاهل احيانا خير من الافصاح بما تعلم. قال: أفي جميع المواقف والحالات؟ قلت: لكل مقام مقال. قال: يصعب على مثلي التغلب عليك فأنت صاحب باع طويل في هذا الميدان. قلت: هذا كان بالامس, اما اليوم فقد امسكت بزمام الحديث ولم تدع لي فرصة لمشاركتك بالقدر المنصف. قال: مادمت قد اعترفت بقدرتي على مجاراتك والوقوف الى جانبك بصف واحد فيمكنك استرداد الدفة واستلام المقود. قلت: ليس الامر كما تدعي ولكنه تنازل الكريم لضيفه. قال: احب ان اذكرك بان اليوم خميس ولنا فيه شركاء. قلت:في هذا لن ادعي الجهل ولا التجاهل, لذلك سأبحث عن نهاية لهذا اللقاء. قال: انك فطن وصاحب مفهومية, وهذا ما يعجبني فيك ويجعلني اتمسك بك مع انك مزعج في كثير من الاحيان. قلت: اشكرك ولكنك لم تحدثني عن نفسك بعد عناء الاسبوع المنصرم. قال: ألم تعدني بانك ستنهي هذا اللقاء؟ قلت: بلى ولكن ليس قبل الحصول منك على شيء يعطي لهذا اللقاء معنى. قال: الان تأكد لي افلاسك وخلو جعبتك مما يفيد. قلت: لا تنسى انك انت من يسوف ويطيل حبل الحديث. قال: اسأل, ولكني اذكرك للمرة الثانية بان اليوم خميس. قلت: وهل لي ان انسى ذلك, ولكنك لم تخبرني كيف ترى الاشياء من حولك. قال: أهذا سؤال سياسي أم فلسفي؟ قلت: لا فرق بين المنهجين فكل منهما وليد الاخر. قال: لست متخصصا في اي منهما, ولكن الفلسفة هي ما تمارسه معي الان, اما السياسة فلها فرسانها الذين يحمونها من الدخلاء والمتفلسفين امثالك. قلت: ها انت عدت تمارس نزعتك الهجومية من جديد. قال: بعد ان ضقت بك ذرعا فما دون الحلق الا اليدين كما يقولون. قلت: ما دام ان الامر قد وصل الى هذا الحد فعلى التوقف عن مناقشتك فلم تعد تتحمل المزيد. قال: كان لدي ما سأقوله لك, ولكن نكاية بك وتعبيرا عن استيائي منك سأتوقف عن الحديث فأكتب على لساني ما تشاء. قلت: وهذا يعني انك انت المفلس وليس أنا. قال: ويبدو اني قد اثرته ــ اكتب ما يريحك, ولن يكلفني نفيه شيئا ان لم يرق لي. قلت: ان هذا التفويض يعد شجاعة منك, وهو في ذات الوقت اسلوب اعلامي اخذ البعض يمارسه. قال: مثل من؟ قلت: كثيرون ولعل اخرهم شارون. قال: اذا كنت تقصد ما صرح به شارون مؤخرا بشأن العزم ان آجلا او عاجلا على قتل خالد مشعل ونفيه ذلك, فلا تلق اهمية لهذا النفي او تنخدع به. قلت: ألا يعد هذا تراجعا من قبل شارون؟ قال: كلا وانما هي في مصطلح الارهاب رسالة موجهة تم استلامها من قبل خالد ومن هم على نهجه. قلت: سبحان الله, فوق كل ذي علم عليم. كاتب سعودي *

Email