أبجديات: بقلم - عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

مما لاشك فيه, فإن الملك ادوارد السابع لم يكن بخيلا ابدا على غير عادة الانجليز وخاصة افراد العائلة المالكة. وعندما قرأت قصة حياته, تساءلت, كيف كان ينظر هذا الملك البريطاني الى الحياة في ظل الملك, وهو يرث عرش اعظم الامبراطوريات في التاريخ الحديث, وكيف امكن له ان يقرر هكذا وببساطة ان يتخلى عن العرش الرفيع في سبيل الزواج من سيدة امريكية مطلقة تدعى (واليس)؟ وحيث ان قلوب الرجال صناديق مغلقة ــ كما يقال ــ وان تصرفاتهم تثير علامات استفهام ليس من السهولة فك شيفرتها, فلاشك ان الملك ادوارد قد انتابته آلاف الهواجس والخواطر, ولابد انه فكر ــ على طريقته ــ ووازن كثيرا, حتى رجحت كفة (السيدة واليس) على كفة التاج ذي الاسد الرابض, والعرش ذي التاريخ الذي كان نابضا وعريقا, وعلى لقب (صاحب الجلالة) الذي اريقت لاجله دماء, وضاعت في سبيل الحفاظ عليه ارواح لا حصر لها عبر التاريخ المقروء والمدون والمحكي والمنسي. وفي الحقيقة فإن قرار التنحي ــ من قبل رجل كريم كادوارد السابع ــ كان قرارا خرافيا, اكثر من كونه مغامرة او مخاطرة غير محسوبة, فلاشك ان الملك الذي عاش بقية عمره يحمل لقب (دوق) حتى وفاته عام 1972, قد حسب الف حساب لهذا الخيار, ووجد الا خسارة ــ كما فكر الجميع ــ ولذلك يحكي كل الذين عايشوه بانه عاش مع المرأة التي احبها اجمل ايام حياته, وانه لم يتخل او لم يخل بواجبات المحب الكريم تجاه السيدة التي فضلها على العرش, وهكذا, بقى حتى غادر الدنيا, وهكذا عاشت هي وفية محبة حتى توفيت العام 1986 وكانت في التسعين من عمرها. مايدل على كرم الملك وحبه لهذه المرأة, ان قاعة مزادات سوثبي في نيويورك, عرضت 40 الف قطعة في المزاد عبارة عن هدايا قيمة تبادلها الزوجان في ادق تفاصيل حياتهما. اليوم تسمع ان اكثر ماتشكو منه الزوجات هو بخل ازواجهن, الى درجة اصبحت الحياة مع بعض هؤلاء البخلاء جحيما لايطاق, ولبخل الازواج اليوم اسباب كثيرة منها ان الزوجة تحصل على راتب خاص من عملها لذا فلاداعي ان تحصل على مصاريف ونفقة من زوجها, كما ان الحياة صعبة وامام الرجل تكاليف كثيرة.. الخ, وهذه كلها مبررات اتفه من ان تجعل الرجل (يستقيل) من مهمته في الانفاق على بيته وزوجته. ولذلك اشعر بمدى حكمة وعقلانية ذلك الرجل الطاعن في السن الذي جمع ابناءه ونصحهم قائلا: حينما يأتيكم خاطب يخطب بناتكم فلا تتشددوا معهم كثيرا ولا تطالبوا برجال من طينة الملائكة, تسامحوا بعض الشيء, فلم تكونوا انتم مثاليين ذات يوم, فقط لاتتسامحوا مع خاطب تعلمون يقينا انه بخيل, فإنه ما من بلية تقذفون بناتكم فيها اعظم من ان تزوجوهم رجالا بخلاء, فيعيشون العمر كله في تعاسة وشقاء. - ليس كل الرجال بخلاء, ولكنني اسمع بانهم يتزايدون لاسباب غير مفهومة.

Email