مع الناس: بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفضل هدية يمكن ان تتمناها اليوم إمرأة في عيد الأم هو أن يتذكرها أبناؤها فيقدمون لها الشكر وكفى, أما هي فأثمن هدية تتوقعها او تحلم بها فهو أن يتذكرها زوجها قبل الأولاد, فيعني ذلك بالنسبة لها اعترافا بوجودها وجميلها وصنيعها ودورها في الأسرة . غير أن الأبناء اذا تذكروا المناسبة فإنهم يفاجئون الأمهات بباقة ورد وبطاقة حب, او بقارورة عطر أو بعلبة حلاوة من التي يعرفون ان لعاب أمهم يسيل لها, في حال توفر لديهم بالطبع المال اللازم لذلك, وهو ما يحدث عادة عندما يتواطأون مع الأب على المفاجأة, فتكون الهدية معبرة عن مشاعر الجميع. وبعيدا عن أثمن الهدايا وأغلاها وأعزها من التي لا تقدر بثمن مثل كلمة الشكر الواجبة التي تشعر الأم بالوفاء, ما هي بقية الهدايا الممكنة اليوم من التي يمكن ان تتقبلها الأم وتفرح بها من الأولاد والزوج معا؟ هناك هدايا ندعو الى تقديمها نحن الصحفيين والاعلاميين والمربين وفاعلي الخير لا تتجاوز عادة كلمة الشكر, وهي هدايا رمزية ومعنوية نشك أنها اليوم تقنع الأمهات, اللائي تنتظر الواحدة منهن ما يملأ عينها في عيدها, فتكون هذه سيارة رولز رويس ذهبية اللون, لا تملأ العين فحسب بل تخطف البصر, او تكون عمارة تسد الأفق أمام العين فلا ترى غيرها في الوجود, فتعرف مقدارها عند زوجها وأولادها من ثقل الهدية وقيمتها, مقابل كلمة (شكرا) التي تطير في الهواء لانعدام الوزن. هذه الأم هي التي إما انها تحلم او أنها فعلا زوجة رجل غني يستطيع ان يقدم لها ما يفوق ما تحلم به, لولا أنه لسبب الغنى نفسه لا يتذكرها قدر ما يتذكر سكرتيرته الحسناء التي تقضي أغلب الوقت معه, في المكتب او في الطائرة مسافرا او في اجتماعات وعشاءات العمل, فتذهب اغلب الهدايا الثمينة لها, بمناسبة او من دونها, بينما هي يكون لديها اكتفاء ذاتي في الهدايا, فلا تشعر بأي قيمة او معنى لاي عيد من عيد الأم الى عيد الحب. وبما أن المرأة الغنية استثناء فنتركها الى السواد الاعظم من النساء, خاصة العربيات, فهؤلاء هداياهن على حسب طموحهن وحاجتهن, فإذا كانت من السودان مثلا فهديتها كيلو سكر لم تره منذ عام, واذا كانت من مصر فالاثمن عندها غسالة تساعدها على شغل البيت (غسالة بالكهرباء لا إمرأة) واذا كانت خليجية فشغالة اخرى من الهند او الفلبين او حتى سريلانكا واذا كانت من لبنان فمايوه بكيني (قطعتين) تقضي به هذا الصيف على شواطىء جونية. طبعا هناك هدايا مشتركة معروفة تحصل عليها كل إمرأة بعيدا عن الجنسية او المستوى المعيشي, من الفساتين بانواعها الى الاحذية ذات الكعب العالي الذي يستخدم في اغراض اخرى. فالعطور فالذهب وما شابه, لولا ان المرأة العربية عموما لا تعرف طعما لعيد فكيف لهدية, ما يجعل كل كلامنا السابق عن الهدايا بمناسبة عيد الأم لا أساس له من الصحة, فهذا العيد سيمر على الامهات حتى من دون ان يتذكرنه, باستثناء ان بعض الجمعيات النسائية او محطات التلفزيون والاذاعة, او بعض الصحفيين كما افعل اليوم, سيتولون التذكير به, ومع ذلك فلن تتذكر العيد أم ولا ولد, واذا فعل أحدهم فمن باب رفع العتب, فسامحونا.

Email