مع الناسـ بقلم: عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تستطيع أي دولة عربية الا ان تضع حدودا معينة للتعاون مع اسرائيل, في حال قررت مثل هذا التعاون, لهدف او لآخر كهدف دعم مسيرة السلام وتشجيع الاطراف عليه, تصبح معها مثل هذه الحدود عرضة للنسف في اي وقت تقرر فيه اسرائيل التراجع عن السلام او عرقلته. وحتى في حال اقرار السلام الشامل والعادل, فان مثل هذه الحدود ستكون موجودة باستمرار, لأن الدول العربية لا تستطيع ان تلغي ميراثا طويلا من الكراهية والحقد والغضب من نفوس ابنائها, كما لن تستطيع ان تلغي بوثيقة تعاون عواطف ومشاعر الناس ونفسياتهم, التي تشكل حدودا وسدودا طبيعية تحول دون التعاون الكامل والمرجو, والمثال مصر. مع ذلك فان في اسرائيل من لا يفهم هذه الحقيقة او انه لا يريد ان يفهمها, فهو لا يضع لها اي اعتبار ولا قيمة ولا يسعى الى الحد منها وابطال مفعولها على مدى زمني قصير او طويل, فيمارس ما يزيد من هذه الحدود ويقويها, ويجعل من اقامة العلاقات امرا مستحيلا ومحرجا, فيصبح عدم اقامتها او التراجع عنها له من المبررات ما يكفي. والدول العربية ليست في حاجة للاستجابة لدعوة من المؤتمر الاسلامي كالتي صدرت في ختام اعماله لكي تقطع علاقتها باسرائيل, لو لم تكن مواقف اسرائيل هي التي تشجع على خطوات تتراجع فيها الدول العربية وغير العربية عن السير قدما في علاقات معها, لأن الذي ينكث بوعوده ويتراجع عن مواثيق واتفاقيات للسلام لا يستحق المكافأة. وربما تتبع دول عربية بعضها الآخر جرت بينها وبين اسرائيل مباحثات او اتفاقيات مبدئية لاقامة علاقات او فتح مكاتب تمثيل تجاري وغيرها من اشكال العلاقات, فتتراجع عما بدأت او فكرت فيه, لأن هذه لا تستطيع طويلا ان تتحمل سياسات حكومة اسرائيل المتزمتة والعنصرية والضاربة بالمواثيق عرض الحائط, فتكافئها باقامة علاقات او بالاستمرار في العلاقات معها. وبما ان نتانياهو ليس السياسي الذي يمكنه ان يفهم ويستوعب مثل هذه الخطوات التي تتراجع فيها دول عربية عن علاقاتها مع اسرائيل, كما لم يفهم من قبل دروسا كثيرة, فان المتوقع ان يستمر هذا في سياساته الحمقاء, من النوع الذي تجره الى مصادمات سياسية خارجية كثيرة, كالازمة الحالية بينه وبين بريطانيا مثلا بسبب محاولة منع وزير خارجيتها من زيارة جبل أبوغنيم, فيما يمكن اعتباره تعديا وصفاقة في مواجهة دولة كبريطانيا, فيعدنا هذا بخطوات عربية جريئة وشجاعة وتسعد الملايين من العرب. ولا افكر بالنيابة عن اسرائيل ولا أدافع عن مصالحها, لولا ان العربي المخلص يتمنى ان يحكم نتانياهو ومن هو في مستواه من التفكير والحماقة اسرائيل عشرين عاما مقبلة, فيدمر كل علاقة لها قائمة مع الدول, وكل علاقة محتملة, فهو الوسيلة الوحيدة الممكنة لكي نفهم ان السلام مع اسرائيل غير ممكن الا على حسابنا, فتحمد الشعوب العربية لنتانياهو ما يقدمه لها من صنيع.

Email