القتل بخيط من حرير(2-2): بقلم- د. خليفة علي السويدي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا الامر قاد الدول التي بدأت بذلك الى امور متعددة منها: تأخر الزواج, وبالتالي قلة الانجاب, ومن ثم تكونت الاسر النووية والتي انشطرت الى اسر وحيدة الخلية . كما دفعهم الامر الى الامراض الجنسية المختلفة والشذوذ, مما جعلهم عناصر هادمة لمجتمع غير معطاء, فهل تريد ان يكون مستقبل امتنا كذلك؟ لا اريد ان ازيد من الوسائل التي تقتل بها امتنا بخيط من حرير, ولكني اختم هذا المقالة بنقاط للحوار في هذا المجتمع الذي يسعى قادته وافراده, كي يكون مجتمعا حضاريا عصريا, تميز بعلم الغرب وثقافة المجتمع العربي المسلم. هذا المجتمع يريد ان يكون بيئة معاصرة دونما تفريط في هويتنا, لان تجارب الدنيا دلت على ان من ترك هويته لم يقبل في داره, ولا في ارض من قلدهم, وهل هناك من دليل اوضح من تلك الامة الاسلامية التي تريد ان تكون عضوا في حلف غربي, فيرفض طلبها في كل مرة؟ ولكي نتحاور في هذا الامر ارصد النقاط التالية: 1 ــ الاسرة, هي النواة الاولى في الحفاظ على هوية المجتمع فهلا اعددنا اسر المستقبل للقيام بهذا الدور؟ ان مجرد تزويد الاسرة بالامور المالية لا يعني نجاح هذه النواة للقيام بدورها الفعال في اعداد جيل المستقبل. 2 ــ التعليم الخاص يعد من الابواب التي يطرقها ابناء الدولة, فأكثر من ثلث ابنائنا في مدارس او جامعات خاصة فمن يراقب الامر؟ لقد فوجىء ابناء الدولة بعرض للازياء تقوم به فتيات احدى الجامعات الخاصة, وما خفي كان اعظم فاذا كان المطعم الصغير يحتاج الى موافقات من الجهات المختصة كالبلديات والصحة فهل آن لنا ان نتعامل مع التعليم الخاص برؤية اوضح, وذلك باعطاء الجهات المختصة صلاحيات اوسع وامكانات تساعدهم على النجاح في دورهم. 3 ــ الاعلام كان ومازال من اهم أدوات التربية الحديثة, ونحن نضع ايدينا مع الجهود المخلصة التي تقوم بها بعض اجهزتنا الاعلامية, والهادفة الى ايجاد اعلام هادف وبناء يعبر عن شخصية هذه الدولة العصرية ذات التراث الممتد. وفي المقابل لا ينبغي ان تكون اراضينا اسواقا حرة لبث برامج لا تنتمي الى دولة الامارات العربية المتحدة لغة, وفكرا. 4 ــ لغتنا الجميلة, هي تراثنا ومستقبلنا فنحتاج ان نحافظ عليها بطرائق مختلفة, ومن ذلك اعادة النظر في مناهج الدولة, بما يجعل اللغة العربية هي لغة العلم والمعرفة, تدرس ليس فقط في مقرر اللغة العربية بل تساهم كل المقررات في خدمتها وبالذات في المرحلة التأسيسية, وذلك باشاعة جو الفصحى بدلا من اللهجات المختلفة, ونلاحظ ان معظم دول العالم المستقلة تمنع مزاحمة لغتها القومية بلغة اخرى الا في المراحل المتقدمة من التعليم. وكما تعلم اللغة العربية خلال وسائط المجتمع المختلفة, فدول العالم مثلا تستخدم الترجمة المنطوقة للافلام الاجنبية بدلا من الترجمة الكتابية حتى لا تتأثر الاذن باللغات الاجنبية. 5 ــ يعتبر الجيل المعاصر نواة لاعداد قيادات هذا المجتمع المستقبلية, والتي ستدير حركة البناء في المرحلة المقبلة, فاذا كان الجيل الماضي قد نجح في ايجاد هذه الدول, وتجاوز بها مرحلة التأسيس بشتى اهوالها ومشاكلها, فهل آن لنا ان نعد الجيل للانفتاح على العالم مؤثرا لا متأثرا, مشاركا في عملية عمارة الارض, وذلك بتدريبه على استخدام العقل قبل العاطفة, وتعليمه طرائق المحافظة على هويته وانتمائه, وايجاد المحاضن العلمية المناسبة التي تهيئه للنجاح في هذه الدنيا, بتزويده بالعمل المتميز, والهوية الرائدة لكي نقدم للبشرية نموذجا يحتذى به جمع التراث مع المعاصرة. قال لي: بدأت هذا المقال بقالت لي, تلك القصة التي ارعبت كل من قرأها, واختتمه بما قاله لي احد الزملاء الاجانب الذي يعمل في سفارة بلاده لدى الدولة, عندما التقيت به اول مرة, وقلت له مداعبا: ان وجودك في هذه الدولة العربية فرصة ذهبية لتعلم لغة اخرى, فقال نعم, فهكذا كانت خطتي, ولكني فوجئت بانكم في هذه الدولة تتعاملون بلغتنا في معظم الاوقات, فهي لغة المواصلات والفنادق والمطاعم, والاقتصاد والتعليم, فلم اتعلم غيرها؟ ان التأمل في تاريخ نشأة الدول متعددة الاعراق كالولايات المتحدة مثلا, يلاحظ ان هذه الدولة بدأت بلغات وعادات مختلفة حسب بلد الهجرة, ولكن اللغة التي سادت هي لغة التعامل, وهي اللغة الانجليزية فهل يأتي زمن علينا, ونحن مجتمع نمثل فيه أقلية, ان تتحول العربية الى لغة اقلية يتخلى عنها ابناؤها تحت ضغط الاقتصاد والمعرفة؟!! وكيل كلية التربية ـ جامعة الامارات*

Email