مع الناس - بقلم: عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذكرنا سابقا أن هناك من يعتقد أن الملل هو السبب الرئيسي في الحروب والقلاقل وحركات التمرد والعصيان, ودللنا على أن احتلال الكويت عام 90 جاء بسبب شعور صدام حسين بالملل , وهناك اليوم من يضيف من العلماء والاختصاصيين آفة أخرى للملل, وهي أنه السبب الرئيسي في الطلاق وتدمير الحياة الزوجية. ولا نحتاج لعلماء يذكروننا بأثر الملل في حياة الأزواج, فهذا واضح من غير الحاجة إلى أدلة, مما نراه حولنا ونسمع عنه, كالزوج الذي يطفش إلى المقهى فينفخ رأسه بالشيشة أو الزوجة التي تهرب إلى السوق فتشتري ما لا يلزم, أو الزوجين معاً يمسكان بخناق بعضهما بسبب فيلم تلفزيوني, وغير ذلك مما يسببه الملل في حياتهم, فيحل كل زوج وزوجة المشكلة بطريقته, فإما حياة زوجية تغيظ الصديق وإما طلاق يسر العدى, والخيار الثاني هو الأرجح. مع ذلك نبقى مع العلماء من جامعة نبراسكا الأمريكية الذين درسوا حالات على مدى 15 عاماً ومن مختلف الأعمار, فتوصلوا إلى أن الملل هو قاتل الزواج رقم واحد, وليس العراك والضرب والمشاجرات كما كان يعتقد, كما توصل هؤلاء إلى أن الذين يقعون في الطلاق لايفعلون ذلك بسبب كرههم لبعضهم البعض وإنما لأنهم يشعرون بالملل. طبعاً لايوجد دواء ضد الملل يتعاطاه الأزواج فيتغلبون عليه إنقاذاً لحياتهم الأسرية, أكثر من نصائح اجتماعية ونفسية كثيرا ما يكررها الاخصائيون, والتي منها تغيير جو البيت بجو آخر كالقيام برحلة مثلاً أو عدم التقيد بالروتين اليومي وما إلى ذلك من نصائح يبدو أن أغلبها لم يعد يفيد, أو أنها صعبة التنفيذ, بدليل أن حالات الطلاق لاتتوقف, فما الحل؟ الحل أن يتزوج الرجل زوجته مرة أخرى, وأن يبدأ معها من جديد شهر العسل وتأثيث البيت وشراء سيارة وغير ذلك من الأعمال التي يبدأ بها كل زوجين حياتهما, وربما كان أفضل لهما لو أنه خطبها أولاً, وقضى معها فترة خطوبة ثانية, وسهر الليالي يغازلها على الهاتف ويتواعد ويتقابل معها سراً ويكتب لها الرسائل ويشتري لها الهدايا, وتقوم هي بالمقابل بالواجبات نفسها, فيعيشان من جديد حياتهما في دورة إنعاش للطاقات والعواطف والذكريات. وبما أن هذا الإنعاش غير ممكن عمليا لأن دورة الحياة اليومية لا تترك مجالاً لذلك, إلا في حالة فقد أحد الزوجين ذاكرته, على النحو الذي جرى لكيم كاربنتر الأمريكية التي فقدت ذاكرتها في حادث سيارة ونسيت زوجها وكل ما يتعلق بحياتها الأسرية, فما كان من زوجها كريس كان إلا أن عقد قرانه عليها من جديد وسافر معها شهر عسل إلى هاواي حيث أمضيا شهر العسل الأول الذي لا تتذكره الزوجة, ولا تتذكر شيئًا آخر في حياتها, وكأنها تتزوج لأول مرة. وواضح طبعا أن مثل هذا الحل صعب على الزوجين إلا إذا كان فيهما من يحب زوجته حقاً وهي تحبه كذلك, فيستطيع أحدهما أن يضحي بذاكرته, فنقترح مثلاً أن يضرب أحدهما الآخر على رأسه بالشاكوش, لكي يفقد ذاكرته (في حال تعذر تدبير حادث سيارة له), ما يعني أن أحدهما مستعد للمغامرة بحياته إنقاذاً لزواجه, مما لاوجود له في الواقع, فأغلب الأزواج من النوع الذي سألته زوجته ماذا سيحدث لك إذا مت؟, فرد عليها: بالطبع سأجن, فسألته بسرعة: وهل ستتزوج ثانية؟ فرد عليها: طبعاً لا, فلن أجن إلى هذه الدرجة, فكيف إذا كانت هي نفسها التي عليه أن يتزوجها؟!

Email