مع الناس: بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلقى أصحاب الكيف ورواد الشيشة ضربة قوية بمنع المقاهي في دبي من تقديمها بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً, وكانت أغلب المقاهي لا تعرف حدوداً وأوقاتا للشيشة, فهذه تمتد في النهار والليل إلى ساعات متأخرة, وهناك من زاد فجعلها خدمة 24 ساعة شاملة الضريبة وما يلزم أي (فل بورد) . وأشاطر المتضررين, وفيهم زملاء مهنة لا يسعفهم الوقت لتعاطي الشيشة في المقهى إلا متأخراً في الليل, خالص العزاء على ما أصابهم من قرار سبب لهم الغم والحزن, ما سيجعل هؤلاء إما يعودون إلى السجائر أو يتسللون من مقار العمل مبكراً للحاق بآخر طلب, أو شراء شيشة خاصة يضعها الواحد منهم في بلكونة الشقة, فيحقق الاكتفاء الذاتي من المعسل والمزاج وعلى حسب الكيف, نهاراً أو ليلاً. أما الآخرون من متضررين كثر, فالأرجح أن المقاهي ستكتظ بهم ليلاً قبيل الساعة الثانية عشرة إكتظاظاً يجعل المقاهي تشهد طوابير كل ينتظر حصته من الشيشة, فإذا حصل عليها هذا تمسك بكرسيه وبالمبسم بانتظار ساعة الإمساك المقررة, وهو يمج الدخان بلا إنقطاع حتى آخر نفس ممكن. مع ذلك فالقرار الذي اتخذته شرطة دبي بهذا الخصوص فيه رأفة لرواد المقاهي ومحبي الشيشة لأنه لم يقطع بعد دابرها, وترك مجالاً لتعاطيها واسعاً, فهذا من الممكن أن يبدأ عصراً مثلاً وإلى الساعة الثانية عشرة ليلاً, على الرغم من أن قائد الشرطة يدعو إلى إقتلاعها نهائياً من المقاهي, ما يجعل المدخنين والرواد يشكرون الشرطة على سماحتها وسعة صدرها وعلى عدم سماع قائدها وتنفيذ رغباته أيضاً. وبما أن الشيشة إنتشرت خلال السنوات الماضية إنتشاراً كبيراً حتى صار عدد مقاهيها يصل إلى ثلاثمائة في دبي وحدها, وزادها إنتشاراً الخيام الرمضانية الفندقية والمحطات الفضائية التي تتولى تثقيف الأمة بالشيشة والمعسل والكوتشينة وأنواع الطرب, فان رواد هذه الشيشة ومتعاطيها وجلاسها صاروا في الوطن العربي من الكثرة, ومن الجنسين, بما يكفي لتجنيدهم لتحرير فلسطين, لو أحسنا تدريبهم وإعدادهم للمعركة الكبرى, لولا أن المحطات الفضائية والفنادق وغيرهما تعد الأمة كلها شيباً وشباناً ونساءً لمعارك أهم هي معارك النفس الطويل التي سوف نخوضها في المستقبل ضد العالم كله, فنضمن فيها النصر المؤزر. غير أننا نبقى مع الرواد المحليين الذين أنعشوا المقاهي ونشاطها, من الذين قد يرون في القرار إجحافاً بحقهم, مقابل الذين لا يرتادون هذه المقاهي ويرون فيها ما يضر بالصحة والاخلاق معاً, خاصة بالنسبة للشباب ممن يمكن ان تجرهم الشيشة إلى التدخين وما هو أكثر كتعاطي المخدرات, لو تحولت بعض المقاهي إلى أوكار لها, فيؤيد مثل هؤلاء, وهم أكثرية بلا شك القرار, خاصة أن الشيشة دخيلة علينا, ما يجعل من محاربتها أمراً صائباً عندهم. وهناك من سوف يتعلل قطعاً بأن هذه المقاهي نجحت في إشغال وقت الفراغ لدى الكثير من الشباب وشغلتهم عن ممارسات ضارة, وهو رأي صحيح, لولا أنه من الحق الذي يراد به باطل, لأنه لا يمكن للشيشة التي تضر بالصحة أن تكون ذات فائدة, كما أنه لا يمكن للمقاهي التي تتحول إلى إفساد الناس وهدر أوقاتهم أن تكون مقبولة في المجتمع. وإذا صح رأي البعض في أن المقاهي هذه تشغل وقت الفراغ لدى الشباب وتمنعهم من ممارسات أكثر ضرراً, فإن من حق هؤلاء المطالبة بالبديل الذي يمكنه أن يجذب الشباب ويعوضهم بدلاً عن المقاهي بما يفيدهم, وهو الذي نتركه للمهتمين للبحث عنه, فالتضييق والمنع ليسا دائماً حلاً صائباً, مع تأييدنا المطلق لقرار يقنن الشيشة أو حتى يمنعها.

Email