أبجديات: بقلم- عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أن أنهت دراستها الجامعية في كلية الآداب, وقفت امام مفترق طرق, فاما ان تنتظر الوظيفة التي اذا حصلت عليها فلن توفر لها أدنى المتطلبات التي تحلم بها, وكانت تحلم اكثر من اللازم, والحل الآخر هو ان تقذف بنفسها الى حيث المال والشهرة والبريق ... فاختارت الحل الثاني, واصبحت اشهر راقصة... تدر عليها هذه (المهنة) ما لا يقل عن مليون جنيه مصـري حسب تصريحاتها. ومع ذلك فهي لم تنس انها كانت طالبة مجدة, فعكفت رغم (مسؤوليات ومتاعب المهنة) على دراسة الماجستير, وتقول بانها لابد ان تحصل على الدكتوراه! وعندها سترفع كل الراقصات رؤوسهن ليباهين بهذه التي رفعت رأس الرقص عاليا وحصدت أعلى الشهادات العلمية, ليس في الرقص طبعا, انما في ... الآداب! وبذلك تتساوى الرؤوس. هنا لن يكون ذلك العذر الاقبح من الذنب واردا, عندما تسأل احداهن: لماذا توجهت نحو الرقص؟ فترد: ولدت في عائلة فقيرة جدا ولم يكن لوالدي قدرة على الانفاق علينا وكنا اكثر من عشرة ابناء فكان هذا هو الحل, او تقول اخرى: كانت الملجأ الوحيد من قسوة زوجة الأب أو.... الخ. طبعا هذا الدجل الذي ساد العقلية الاعلامية والجماهيرية العربية ذات يوم, اينتهي مع انتهاء عصر تحية كاريوكا التي آلت بعد كل تلك الشهرة والاضواء والمال والنجومية الى حال يرثى لها...؟! وسبحان مغير الأحوال... فها هي ذي تكيل الشتائم للجميع عبر الفضائيات العربية وتوزع التهم بالمجان على الجميع, ونسيت (فتوحاتها وغزواتها الفنية) والاسوأ من ذلك انها تحولت الى مفتية تفتي في امور الدين والدنيا, والذنب ليس ذنبها طبعا, بل ذنب تلك الفضائيات التي فتحت لها الفضاء لتضحك عليها ملايين المتفرجين. اما الدكتورة ــ على اعتبار ما سيحدث مستقبلا ــ فان وضعها مختلف تماما انها لم ترغم على الرقص لفقر او حاجة او هربا من واقع أليم, لقد اختارت هذا الطريق مختارة راضية لانها كانت اكثر عقلانية من كل تلك الالاف المؤلفة من خريجات الجامعة اللواتي اخترن طريق الوظيفة و... الفقر. هي جمعت بين عقلية السوق المتفتحة وثقافة العصر الضرورية, ترقص بمنتهى الثبات والثقة, لان صفات مثل الجاهلة والامية, وغير المثقفة لن تلصق بها مطلقا. بمعنى آخر فانها امنت نفسها ضد الحياة, تأمينا شاملا ابديا. ولن يأتي ــ كما تظن ــ اليوم الذي يقال فيه بأنها لا تجد قوت يومها كما يقال اليوم عن بعضهن اللواتي قذف بهن قطار الشهرة والاضواء الى ضفاف العدمية والظلام. ما يؤسف له, ان الكثير من الفتيات معجبات بهذه الراقصة, وبكفاحها فهي متعلمة ومثقفة, وراقصة, وهذا من وجهة نظرهن امر جيد لان العلم والثقافة سيحصنانها من الانحراف!!! وهنا لابد من تقويم الافكار قبل ان تنغرس في عقول ابنائنا والانتباه جيدا لتلك المجلات التي يتصفحونها منفردين في غرفهم, فربما كانت نهايتهم في حروفها دون ان ندري. اما الدكتوراه التي ستحصل عليها الراقصة فقد تضع الكثيرين في خانة حرجة حينما تصطف معهم في حفل التخرج غانية كانوا بالامس يقتلونها ذما. ولكن الحياة مليئة بالمفارقات دائما.

Email